التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بحث عن مشكلات الأبناء ومواقف الوالدين

1- شعور الأنا والأنانيّة عند الطفل :

 أصبح من المسلّم به تربوياً، أنّ مكتسبات سنوات الطفولة من عمر الإنسان، تترك آثاراً لا تمحى على مجمل حياته الخاصة والعامة، سواء كانت آثاراً إيجابية أو آثاراً سلبية.. ففي هذه السنوات يتمّ إرساء الأساسات الأولى لشخصيّة الفرد المستقبليّة، فإمّا أن تُبنى كشخصيّة متوازنة تتمتّع بالإرادة القوية، وتكون نشطة وفعّالة وطموحة، وأمّا أن تكون على عكس ذلك، شخصيّة ضعيفة الإرادة، اتكالية لا مبالية، عديمة الثقة بنفسها.

 وكما توضع في هذه المرحلة، الأساسات الأساسيّة لسمات الإنسان/ الفرد السلوكيّة / التعاملية، كذلك توضع الصفات النفسيّة / الانفعالية المرافقة لهذه السلوكات، كقوّة الإدراك والتصوّرات الذاتية والمشاعر الأخلاقية،  وضبط الانفعالات الخاصة.. حيث تتجلّى هذه المظاهر في قدرة الشخص على تجاوز الرغبات الأنانية والانفتاح الإيجابي على الآخرين.   وكما توضع في هذه المرحلة، الأساسات الأساسيّة لسمات الإنسان/ الفرد السلوكيّة / التعاملية، كذلك توضع الصفات النفسيّة / الانفعالية المرافقة لهذه السلوكات، كقوّة الإدراك والتصوّرات الذاتية والمشاعر الأخلاقية،  وضبط الانفعالات الخاصة.. حيث تتجلّى هذه المظاهر في قدرة الشخص على تجاوز الرغبات الأنانية والانفتاح الإيجابي على الآخرين.

    فالمرحلة الطفوليّة التي تسبق المرحلة المدرسيّة، تعدّ القاعدة الأساسيّة التي تبنى عليها الصفات الشخصيّة اللاحقة، والتي يمكن أن تنمو وتتطوّر بشكل معتدل وإيجابي، إذا ما أرسيت بشكل صحيح ومتين داخل الأسرة، ولاقت الرعاية والعناية باستمرار.. ويمكن أيضاً  أن تذبل وتضمر، أو تنمو في الاتجّاه السلبي، إذا أهملت أو وجّهت بطريقة تربوية خاطئة.

ولذلك يمكن القول، إذا أراد الوالدان التأثير في الطفل، وبصورة فعّالة، ليكون إنساناً جديراً حقّاً بالحياة والفاعلية، فإنّ من المتوجّ عليهم، معرفة تلك الآليات النفسيّة / الوجدانيّة التي يتحرّك الطفل من خلالها في كلّ مرحلة من مراحل نموّه الجسدي، وتطوّره النفسي والعقلي والاجتماعي، بحيث يكون دور الوالدين فاعلاً في هذا التطوّر، وتكوين الجوانب الرئيسة التي تشكّل النسيج المتكامل لشخصيّة الطفل / الإنسان القادر على التكيّف الذاتي والاجتماعي.

 يصطدم الأهل – أحياناً- ببعض سلوكات الطفل قبل دخول المدرسة، والتي تتّصف بالتشدّد في إظهار الاستقلاليّة وتوكيد الذات، إلى درجة تماثل شعور (الأنا). فنلاحظ، على سبيل المثال، كيف يُقدم الطفل على عمل ما من تلقاء ذاته، وباهتمام ومتعة، على الرغم من موجهته بعض الصعوبات، وهو يردّد بثقة تامّة: " سأفعله بنفسي... فأنا قادر على ذلك.." كما أنّه يعبّر عن مطالبه بإلحاح وإصرار: " أريد كذا.. اعطوني كذا.. هذا من أجلي، هذا لي..أليس كذلك..؟ "

وإذا ما حاول الوالدان انتزاع هذا (الطمع) إذا صحّ التعبير، من نفس الطفل، فإنّهما لا م يحصلا على نتيجة مجدية، سوى أنّ الطفل يذرف الدموع بغزارة، لأنّ آليات قدرته على مشاركة الآخرين في الرأي، ما زالت غير ناضجة.

 قد يكون شعور (الأنا) المتولّد عند الطفل، نعمة كبيرة في حال استطاع الأهل، ومن ثمّ المربّون، توظيفه لغرس الثقة بالنفس والتكيّف معها، بما يسهم في تنميّة التفرّد الشخصي في القدرة على العمل والعطاء والإبداع.. وقد يكون هذا الشعور – في الوقت ذاته- أساساً لتوجّهات سلبية / أنانية يطبّقا الطفل / الفرد، من خلال: "كلّ شيء لي وحدي... لا أريد أحداً أن يشاركني..أو لا أريد أن أشارك أحداً.." وقد يكون الأهل عاملاً مشجّعاً لهذه المشاعر الأنانية، من خلال توجيه الطفل وتحذيره باستمرار: " فكّر بنفسك قبل الآخرين.. إيّاك أن تعير لأحد كتبك أو ألعابك.. كل التفاحة وحدك ولا تطعم أحداً...لا تسامح أحداً، وردّ على الآخرين بالمثل.." وغير ذلك من العبارات والمواقف التي لا تنمّي لدى الطفل إلاّ صفات الفردانيّة والأنانية المفرطة، منذ مراحل مبكرة.

 ولا شكّ أنّ هذه الأساليب السلبية، هي من الأخطاء التربويّة التي يرتكبها الأهل بحقّ أبنائهم، سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوا.. ولكنّها – على أيّة حال _تجعل من الأبناء في المستقبل، أشخاصاً منعزلين، غير متكيّفين مع ذواتهم، ولا متفاعلين مع مجتمعهم، وبالتالي غير منتجين في حياتهم.

أقراء ايضأ:بحث مشكلات الأبناء ومواقف الوالدين 2

2- الخوف عند الأطفـال :

يعتبر الخوف من الأمور (الحالات) الطبيعيّة عند الإنسان بوجه عام.. ولكنّه يتجلّى عند الأطفال الصغار بصورة أكثر وضوحاً وأشدّ تأثيراً، ولا سيّما الخوف من الظلام والحيوانات والحشرات، والأشباح التي يتخيّلونها أو يتوهّمون أنها تهاجمهم،  وكذلك من الناس الغرباء أحياناً. وهذا ما يقلق الأطفال كما يقلق والديه أيضاً، حيث يتطلّب منهم الصبر والتبصّر في مشاعر الطفل الذي يعاني من الخوف. وذلك من خلال تجاربهما الخاصة حول موضوع الخوف ذاته،  والدور الذي يتوجّب عليه القيام به لتبديد مخاوف الطفل.

إنّ مخاوف الطفل الصغير تنبع، بالدرجة الأولى، من الخيال النشط الذي يبتعد في عن الواقع، حتى أنّه يجد من الصعوبة بمكان، التمييز أحياناً، بين ما هو واقعي وما هو خيالي.. فالطفل في السنّ المبكرة من حياته، يقفز قفزات واسعة في ميدان التفكير بين الواقع والخيال، حتى ليعتقد جازماً، في بعض الحالات، بأنّ مارداً أو وحشاً كاسراً، يكمن في غرفته أو تحت سريره..

 كما أنّ شعور الطفل  بالاستقلالية عن والديه، يزيد من إحساسه بالخوف، وبأنّ ثمة أخطاراً متربّصة به، ولا سيّما إذا كان شديد التعلّق بوالديه معاً، أو بالأم خاصة، وبدأ يعمد إلى الاستقلال عنهما، ويكتشف مدى اتّساع العالم من حوله، وما فيه من أشياء مجهولة لا يعرفها. ولذلك يبدو في تناقض مع ذاته؛ فتارة يعبّر عن شجاعته وقوّته من خلال موقف ما، وتارة يلجأ خائفاً إلى أمّه وهو يناجي: " لا تبتعدي عني، فأنا خائف.. لا أريد أن تطفئي النور في غرفتي وأنا نائم.. أخاف أن أذهب إلى المدرسة.."

 وثمّ أشكال كثيرة للخوف عند الأطفال، يمكن أن يزول بعضها مع التقدّم في العمر، ويمكن أن يبقى بعضها الآخر يعيش مع الطفل / الفرد، إلى أمد طويل بعد مرحلة النضج والبلوغ. تقول سيّدة في العقد الخامس من العمر: " كنت في طفولتي أعاني من خوف شديد من الظلام، ومن الرهبة في العتمة، ولا سيّما عندما أكون خارج البيت، حيث لأشعر بجزع وهول كبيرين. وكان يكفي أن أسمع صوتاً قوياً وحاداً، لأشعر بالقشعريرة تنتاب جسدي كلّه، والعرق يتصبّب منّي.. وما زلت حتى الآن، لا أجرؤ على الخروج بمفردي في الظلام.."

إنّ هذه الذكرى، وغيرها من الذكريات الأليمة التي يعيشها أناس بالغون، وما زالوا بسببها يخافون من أشياء مختلفة، تحتم على الوالدين والمربّين، أن يتفهّموا مشاعر الأطفال تجاه ما يخيفهم، مهما كان نوعه ومدى تأثيره على نفسيّة الطفل.. ولا سيّما إذا عبر عنه صراحة، كرفضه الخروج من المنزل في الظلام، أو عدم البقاء وحده في البيت، أو حتى رفضه الذهاب إلى الطبيب أو المدرسة..

وقد يكون الوالدون أسباباً مباشرة في كثير من حالات الخوف عند الأطفال، وذلك من خلال معاقبته الأطفال بالتخويف من الشرطي والطبيب، والحجز في غرفة مظلمة.. وغير ذلك من الحالات التي تشكّل مصدر خوف للطفل، وتولّد لديه حالات نفسيّة منحرفة، فيما إذا استمرّت المخاوف إلى مرحلة متقدّمة، ولم يتوافر للطفل الإرشاد والتوجيه إلى كيفيّة التغلّب عليها بالطرائق الصحيحة. إنّ مخاوف الطفل، مهما كانت غير واقعيّة في نظر الوالدين، فإنّها واقعية بالنسبة إليه. ولذلك، فإنّ القول للطفل بأنّه يجب ألاّ يخاف، لا يجعله شجاعاً، بل يزيد من مخاوفه. كما أنّ إرغام الطفل على مجابهة المخاوف قسراً وبالإكراه، لا يجدي نفعاً في حلّ المشكلة بل يزيدها تعقيداً وصعوبة.

   إنّ الأسلوب الأفضل لمساعدة الطفل في تجاوز مخاوفه، هو أن يشجع الوالدين الطفل، على التصريح عن أسباب خوفه وممّا يخاف.. ثمّ يبدأ أحد الوالدين، وتفضّل الأم هنا، بالتحدّث عن بعض المخاوف التي تعرّضا لها في الطفولة،  وكيف تمّ التغلّب عليها. كأن تروي الأم، مثلاً، كيف كانت تخاف من القطّة السوداء بسبب الحكايات السلبية عها، وكيف تغلّبت على هذا الخوف عندما اقتربت ومن القطّة وداعبتها، واكتشفت وداعتها كالقطط الأخرى.

وإذا كان الطفل يعتقد أنّ مارداً يختبئ في خزانة ملابسه أو تحت سريره، فتعمل الأم على إقناعه بأن يذهب معها إلى الغرفة، ومن ثمّ تقوم بفتح الخزانة أو تبحث تحت السرية، وهي نردّد يصوت قويّ: " ابنعد آيها المارد اللعين.. فأنا أقوى منك.." فيتأكدا  من عدم أي مصدر للخوف، فتطلب الأم أن يفتح الطفل الخزانة وينظر تحت السرير، ليتأكد من ذلك بنفسه.                                       أقراء ايضأ : الاثار التربوية ومستقبل الابناء                                   

3- استخدام الطفل الرفس والضرب :

إن ظاهرة استخدام الأيدي أو الأرجل في ردّات الفعل على تصرّفات الآخرين، سواء للتنبيه أو للردع، منتشرة كثيراً بين الأطفال، ولا سيّما بين أولئك الذين لا يمتلكون القدرة على التفاهم مع غيرهم من خلال الكلام، وأكثرهم من الأطفال قبل سنّ الخامسة، وما يزالون في مرحلة عمليّة التعلّم لضبط عواطفهم، والتعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم بالكلام المناسب.

ولذلك، فإنّ استخدام هذا الأسلوب من قبل بعض الأطفال، يعود إلى أسباب ذاتية وموضوعيّة، يمكن إجمالها بما يلي:

1- تأخّر النموّ اللغوي عند الطفل عمّا هي الحال عند أقرانه، فيعجز عن التعبير الكلامي والتفاهم، ولا سيّما في المواقف الانفعالية الشديدة.
2-كثرة الاعتداءات الجسدية والنفسيّة التي يتعرّض لها الطفل، سواء من والديه أو من أخوته الكبار، أو من رفاقه في الحيّ والمدرسة، فيألف هذا الأسلوب ويتعامل به في ردّات أفعاله تجاه الآخرين.
3- عجز الطفل عن تحليل الأمور بموضوعية، إمّا لعدم قدرته على ذلك، أو بسبب نشاطه الزائد (فرط النشاط) الذي يسبّب له التشويش، وعدم القدرة على ضبط الانفعالات أمام الآخرين

يبدو التعامل مع الطفل صعباً، أمام هذه الأسباب وأبعادها التُأثيرية في سلوك الطفل، الأمر الذي يحتاج إلى أساليب تربوية واعية وملائمة لطبيعة الطفل وتصرّفاته. وهنا يتطلّب من الوالدين أن يأخذا بمبدأ (فنيّة التربية) التي تتّسم بالدقّة والرويّة تعرّف أسباب الموقف والإحاطة بظروفه المتنوّعة، وبالتالي كيفيّة التأثير فيه بفاعلية إيجابية.. إمّا بإظهار الاستياء الشديد من تصرّفات الطفل، أو التغاضي المقصود عنها، والسكوت عليها، أو توجيه التوبيخ إلى الطفل أو معاقبته بما يتناسب مع الموقف العام.

قد تكون التربية، في هذه الحال، عمليّة معقّدة وفي غاية الصعوبة، إلى درجة لا يحتملها الوالدون، فيغضبون ويتذمّرون من تصرّفات أطفالهم، ويصفونهم بالعقوق أحياناً، وبالعناد والخروج على طاعتهم أحياناً أخرى. بينما تحتم عليهم الواجب التربوي أن يكونوا أكثر صبراً وحكمة، فيضعون أنفسهم في مواضع الأطفال ويحاولون أن يفهموهم بالصورة الحقيقية.

 ولكنّ الوالدين، في أحيان كثيرة، لا يفعلون ما يتطّلب منهم، إمّا بسبب كسلهم وعدم قدرتهم على الدخول إلى  عوالم أطفالهم، وإمّا لثقتهم المطلقة واعتقادهم الراسخ بأنّ الأطفال ملزمون بالعيش وفق الطريقة(الطرائق) التي يحدّدها لهم الوالدون، وبالتالي لا يحقّ لهؤلاء الأطفال مخالفة هذه الطرائق.. وبذلك يتجاهل الوالدون – شاؤوا أم أبوا –تلك المبادىء المنطقيّة التي تحكم نفسيّات الأطفال، بمظاهرها وأبعادها الانفعاليّة

إنّ الطريقة الأكثر نفعاً، في هذه الحال، هي التعامل مع الطفل بعد حدوث السلوك / الفعل غير المرغوب، ولكن بطريقة عقلانية وبأسلوب تأديبي تدريبي، وبصورة تدريجيّة للاقتراب من النجاح في التخلّص من هذه الظاهرة. فإذا اشتكى على الطفل أحد من رفاقه في الروضة، مثلاً، فعلى الأم أن تنظر طفلها ريثما يعود من الروضة، وتسأله باستهجان:

بماذا تحسّ في جسمك وأنت تضرب أحداً من رفاقك أو ترفسه برجلك؟ ألم يتملّكك شعور مضحك أو ألم مزعج، وأنت ترفس أحداً ما، ألم تشعر وكأنّك على وشك البكاء أو الصراخ..؟! ثمّ تسأله فيما إذا كان يمكنه أن يفكّر بأشياء أخرى، يستطيع أن يفعلها إذا ما تملّكه هذا الشعور.. وتدعه يفكّر ليقترب من خياراته؛ فتناقشه بها وتبدي استعدادها لتقديم الآراء المساعدة له للتخلّص من مشكلته.

 ولا شكّ أن من واجب الأم التي ترى أنّ طفلها (أحد أطفالها) يعاني من هكذا تصرّف، سواء في البيت أو في المدرسة، أن تراجع مع زوجها أسلوب التعامل الأسري، ومدى تأثيره في إحداث تصرّف الطفل.. وتتحدّث أيضاً، بصراحة ووضوح مع المربيّات والمعلّمات في الروضة والمدرسة، وتطلب إليهنّ امتداح الطفل عندما يستخدم بدائل أخرى مناسبة للتعامل مع رفاقه، غير أسلوب الضرب أو الرفس.. ولا تنسى الأم أن تثني عليه وتسمعه الكلمات اللطيفة والمشجّعة، كلّما حصلت على تقرير جيّد عن سلوكه، سواء من معلّمته أو من رفاقه.

 4- تحرّر الطفل من قيود الوالديّة :

 قد يكون من المفيد أن نبدأ هذا الموضوع بطرح السؤال التالي: هل فكّر بعض الوالدين بإطلاق الحريّة للطفل بعد عامه الرابع، وتحميله مسؤولية من نوع ما، تتناسب مع قدراته ويستطيع من خلالها تنمية شخصيّته، وثقته بنفسه..؟!

   إنّ الجواب –بلا شكّ-سيكون بالنفي القاطع، ولا سيّما من قبل الأمّهات. فهناك أمّهات كثيرات لا يمنحن الحرية للأطفال ولا يحمّلن إياهم أية مسؤولية، نتيجة خوفهّن الزائد عليهم إلى حدّ المبالغة التي تسيء إلى الأطفال. فنرى أنّ الطفل يبقى إحياناً، حتى سنّ متقدّمة وهو يعتمد على أمّه في قضاء حاجاته الخاصّة جدّاً والبسيطة.. وعلى الرغم من أنّ ذلك يتعب الأم ويسبّب لها إحراجات في بعض المواقف، فإنّها لا تبدي استعداداً للتخلّص منه.

    إنّ  تحرير الطفل من قيود الوالدية هنا، ولو بقدر معيّن، أمر ضروري يجب أن يتمّ بمبادرة من الأم نفسها، وإن كانت ستجد صعوبة في التخلّي عن مسؤولياتها –كما تعتقد- نظراً لارتباطها العضوي والنفسي. ولكنّها إذا ما قصدت فعل ذلك مقتنعة، وبصورة تدريجيّة، فإنّ الأمر سيكون سهلاً من خلال إسناد  القيام ببعض الأمور إلى الأب أو إلى الأبناء الكبار، أو لبعض  قريباتها (الوالدة أو الحماة) وممّن تجد أنّهم يستطيعون القيام بعملها هذا، دون أن يتسبّب في أية صدمات للطفل.

   وربّما تتساءل الأم: ما حاجتي إلى فعل ذلك، وأنا المتعلّقة بطفلي أيّما تعلّق؟ وكيف عنه وهو يعتمد علّي ولا يفارقني؟

    وفي الجواب نقول: الحقّ معك أيّتها الأم الحنون..فقد تكون أعباؤك المنزلية المتعدّدة، وانشغالك الدائم بها، وفيض ذخيرتك الأموميّة، كلّها من الأمور التي تجعلك غير قادرة على التفكير بهذا الأمر بصورة جدّية.. لا بل قد تشعرين بنوع من الاستياء – أحياناً-فيما لو طرح الموضوع أمامك.

   ولكنّ الوعي التربوي والارتقاء النفسي / السلوكي، في بعض الجوانب التي يكون الهدف منها مصلحة الطفل، من العوامل التي تجعل بعض الأمّهات يبدين مستوى أعلى من كبح غضبهنّ، وفيما يفعلنه للاحتفاظ بعملهنّ الأمومي.. وذلك لأنّ المواقف التربوية الجّادة، تفرض التخفيف من حدّة العواطف والمشاعر الانفعالية، عند الوالدين.

   ولكنّ السؤال الأهمّ الذي يجب أن يسأل، هو: كيف تقومين أيّتها الأم بهذا الإجراء وأنت مقتنعة وراضيّة، من دون تأثيرات سلبية لطفلك المستهدف؟ قد يكون الجواب مستغرباً للوهلة الأولى، ولكنّ الأمر يبدو عادياً وسهلاً إذا ما ترافق مع الإرادة والتدريب التدريجي.

ولا بدّ أن تتذكّري أيتها الأم أن تبدئي بالأمور الصغيرة أولاً؛ فعلى سبيل المثال، حاولي أن تمضي ليلة سعيدة وأنت تحصين عدد المرّات التي يقوم بها الأب (زوجك) لوضع الطفل الصغير في سريره، والعناية به.. دعي طفلك يشارك طفلاً آخر في النشاطات غير المدرسيّة، وبصحبة والدة الطفل الآخر أو والده.. أتيحي الفرصة لطفلك لكي يشارك في بعض الواجبات المنزلية، ومكّنيه من ذلك.. فابن الثالثة، يسقي أصص نباتات الزينة.. وابن الخامسة، يشارك في إعداد مائدة الطعام.. وابن السابعة، يأخذ أكياس القمامة ويلقيها في المكان المخصّص لها.. وهكذا.

ومن خلال التدريب على تحمّل المسؤولية الشخصيّة، يتحرّر الأطفال تدريجياً من قيود الوالدية، وتنمو عندهم العادات العائلية السليمة.. ومن خلال تنفيذ هذه الأفكار البسيطة، توقّعي أيّتها الأم أن تنمو عند الأطفال صفة الاستقلال الإيجابي في إطار المصلحة الجماعيّة.                                                                         أقراء ايضأ : الاثار التربوية ومستقبل الابناء 2       

5- أسئلة الأطفال الجنسيّة :

 ما زال معظم الآباء والأمهات، إن لم نقل كلّهم، يتذمّرون أو  يتهرّبون من أسئلة أطفالهم عن المسائل الجنسيّة، بحجّة الحرام والتحريم والعيب، أو بحسب المقولة الشائعة: " الجنس إثم أو رجس من عمل الشيطان ". ويتفنّن الوالدون في تفسير هذه المقولة الوهميّة لتبرير مواقفهم الهروبيّة، ويتناسون أنّ الجنس – بجوهره – يحمل بذور طاقة كبيرة لبدايات طيّبة / نقيّة، من الحبّ الإنساني الراقي، يعيش فينا شئنا ذلك أم أبينا.

وإذا ما أتيح للمشاعر الجنسيّة أن تنمو وتنطلق في جوّ مفعم بالرعاية النفسيّة والاجتماعية،  ومن خلال التفاهم المتبادل بين الآباء والأمهات من جهة، وبين الجنسين (الصبيان والبنات) منذ مراحل الطفولة المبكرة، من جهة أخرى، فإنّ الشعور الجنسي لدى الفرد، ذكراً كان أو أنثى، ينمو سليماً نقيّاً ومتكاملاً، ينسجم مع طاقة الحبّ الإنساني الصادق، التي تهذّبه وتحرّره من الغريزة القسرية وفظاظتها وعشوائيتها. وهذا كلّه يتمّ من خلال التربية التي تبنى على أسس علميّة / موضوعيّة، اجتماعيّة وإنسانيّة.

   ثمّة أسئلة كثيرة ومحرجة أحياناً، يطرحها الأطفال في مراحلهم المختلفة، على الوالدين والمربين، تدور حول: العلاقات الجنسيّة، التمايز الجنسي بين الذكر والأنثى، الحمل والولادة... الأعضاء التناسلية.. وغير ذلك، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبحسب مستوى وعي الأطفال وقدرتهم على التعبير عمّا يسألون. وتركّز تعبيراتهم في مجملها على الأسئلة التي تشيع بين الأطفال، ومن أبرزها: من أين يأتي الطفل؟  ومن أين يولد؟ ماذا يفعل الزوجان لكي ينجبا طفلاً؟ لماذا يختلف الصبي عن البت في كذا وكذا...؟ وغيرها من الأسئلة التي تسبّب للوالدين، الحيرة والارتباك والعجز عن مواجهتها والإجابة عنها.

 وقد يلجأ الوالدون في الإجابة، إلى المماطلة أو الكذب، للتخلّص من الورطة (الموقف) التي وضعوا فيها جرّاء هذه الأسئلة، ويتناسون أنّهم بذلك يثبتون عجزهم المعرفي/ التربوي أمام الأطفال الذين يشعرون بخيبة الأمل في والديهم، ويبقون في حالة من القلق والحيرة، والبحث عن الجواب المقنع من أي مصدر يتوافر لهم.

وقد أكّدت إحدى الأمّهات ـ استجابة الوالدين السلبيّة تجاه أسئلة الأطفال الجنسيّة، بقولها: " شعرت وكأنّني تلقيّت ضربة مطرقة على رأسي عندما سألتني ابنتي البالغـة من العمـر (11سنة)، من أي مكان في جسم المرأة يخرج الطفل المولود؟ أحجمت.. خجلت، وأبديت عجزي عن الإجابة أمامها.. نظرت إليّ باستغراب، وراحت غير راضية..".

وموقف الأم هذا، يفعله الكثير من الآباء والأمهات. ولذلك، تؤكّد إحصاءات الدراسات التربوية، أنّ معظم مصادر الأطفال عن الجنس والمسائل الجنسية، تأتي من أقرانهم، وتكون في معظم الأحيان غير صحيحة أو مشوّهة.. وفي كلا الحالين، تأثيرات سلبية على معارف الأطفال (الذكور والإناث) وسلوكاتهم الجنسيّة تجاه ذواتهم وتجاه الجنس الآخر.

إنّ الحياة الجنسيّة السليمة للطفل، تؤدّي دوراً أساسيّاً في تحقيق نموّه المتكامل (الجسدي والعقلي والوجداني)، حيث يتزوّد بخبرات صحيحة عن الأمور الجنسيّة التي تسهم في إنجاح حياته الفردية، ومن ثمّ حياته الزوجيّة / الأسرية في المستقبل، أباً كان أو أمّاً.. وهذه مسؤولية تربويّة بالدرجة الأولى، يجب أن يتحمّلها الوالدان بوعي ويمارساها بعلميّة وموضوعيّة.

أجل..! إنّ دور الوالدين كبير في التربية الجنسيّة، ولا أحد يمكنه أن يقوم مقامهم في هذا المجال، وكشف أسرار الحياة الجنسيّة لأولادهم، وإن كان الأولاد يتلقون بعضاً من هذه الأسرار في التربية المدرسيّة. وهذا يتطلّب من الآباء والأمّهات، على حدّ سواء، أن يقدّموا للأطفال، وبما يتناسب مع مستواهم العمري،، المعلومات الصحيحة / الواضحة عن المسائل الجنسيّة، ولا سيّما تلك التي تثير اهتمامهم، ويمكنهم فهمها والاقتناع بتفسيرها. فيتحدّث الأب إلى الطفل، وتتحدّث الأم إلى البنت، إضافة إلى إشراف الوالدين على مطالعات المراهقين، التي يكون لها دور لا يستهان به في مجال الثقافة الجنسيّة.

 والخلاصة، أنّ الأهمّ من ذلك كلّه، هو أن يتقبّل الوالدون أسئلة الأطفال الجنسيّة من دون تذمّر.. ويجيبوا عنها بطريقة علميّة مبسّطة ومقتعة، لا تترك مجالاً لحيرة الأطفال وتجعلهم بالتالي يبحثون مصادر أخرى خارج نطاق الأسرة. فلا يجوز  إذا سأل الطفل في سنّ الرابعة: من أين أتى به والديه؟ أن يقال له في الإجابة: أنّهما اشترياه من بائع الحليب.. أو من مكان ما..!  وإنّما يجب على الوالدين مصارحته بأنّ أمّه حملته في بطنها تسعة أشهر، ومن ثمّ ولدته بمساعدة القابلة أو الطبيب في المشفى، وكان ثمرة الحبّ بينهما بعد الزواج..

 وإذا ما أصرّ الطفل على إعطائه تفاصيل أخرى، تحاول الأم المناورة بطريقة غير مباشرة، أو تغيّر الجواب إلى سؤال آخر تطرحه عليه.. مثال: هل أنت راضٍ بوجودك معنا؟ هل ترضيك معاملتي أو معاملة أبيك؟ وغير ذلك بحيث لا يشعر الطفل بعجز الأم أو تهرّبها من سؤاله.

وهذا يتوقّف على وعي الوالدين وقدرتهما على التصرّف السليم مع الأبناء، والذي يجسّد مواقفهم الحياتيّة، والمشاعر الحميمة فيما بينهم، فيحوزون ثقة أبنائهم، ويؤدّون مهامهم التربوية المطلوبة بيسر ونجاح.

 6- الدور الجنسي عند الأطفال :

إنّ نوع الجنس (الذكر أو الأنثى) هو من الحقائق الأساسيّة في حياة الإنسان، في إطار التفرّد والتكامل.. وهو من السمات الأساسيّة للشخصيّة الإنسانيّة، التي يندر أن تتغيّر مع مرور الوقت واختلاف العمر.

قد يغيّر الشخص عمله، آو ربّما اسمه.. أو يتبدلّ وضعه العائلي والاجتماعي.. وقد تتبدّل ملامحه عندما يضعف ويهرم ويشيخ، ولكنّ نوعه (الجنسي) يبقى ثابتاً مهما اختلفت الظروف والأحوال، وإن كانت ثمّة حالات نادرة جدّاً للتغيّر يفرضها التركيب الفيزيولوجي للجسم، وتحدث في مرحلة الطفولة المتأخرة أو في مرحلة الشباب، فيصبح الذكر أنثى أو بالعكس.

إنّ اختلاف النوع الجنسي،  يفرض أن يكون التعامل مع الذكور (الأطفال والكبار) مختلفاً في بعض جوانبه، عن التعامل مع الإناث (الفتيات والنساء). وهذه حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، ويجب أن تكون مائلة أمام الوالدين في تربية الأبناء، لكي يتعلّم هؤلاء أنّ كون الطفل / الفرد، ذكراً كان أو أنثى، هو أكثر من لقب ينادى به، ولذلك يرغب كلّ جنس منهما في أن يكون قدوة مثلى لأفراد جنسه.. وهذا ما يسمّى ب (الدور الجنسي)، من دون أن يحمل دلالات التمييز الجنسي.

ويستخدم مصطلح (الدور الجنسي) عادة، للتعبير عن تطوّر الراحل النمائية التي يتمّ فيها تحديد الهوية الذاتي للشخص، الذكر أو الأنثى، والتي يتمّ على أساسها، تمثّل القيم والأدوار الاجتماعية التي تناسب كلّ جنس على حدة، في إطار المنظومة الاجتماعيّة القائمة، والتي تكون الأسرة فيه أحد المكوّنات الأساسيّة.. بما في هذه الأسرة من علاقات زوجيّة خاصة من جهة، ومن علاقات أسرية عامّة من جهة أخرى، وتشمل أساليب التعامل بين أفراد الأسرة جميعهم ومن دون تمييز.

 وفي هذه الأجواء الأسرية، يشعر الأبناء، ومنذ طفولتهم المبكرة، بالهوية الجنسيّة (الانتماء الجنسي) سواء كان ذلك من خلال تمييز لباس الصبيان عن البنات، أو من خلال الأعمال التي يكلّف القيام بها كلّ منهم، داخل البيت وخارجه. إضافة إلى ما يكتسبه الأطفال من خلال مراقبتهم الدقيقة لتصرّفات الوالدين، والتي تحدّد نوعيّة العلاقة بينهما. وهنا تكمن أهميّة تحديد الدور الجنسي وخطورته على مستقبل الأبناء.. فإمّا أن يكون إيجابياً ومتكاملاً ينتج عن التربية الأسرية بعلاقاتها السليمة، وإمّا أن يكون سلبياً متناقضاً ينتج عن العلاقات الأسرية غير السليمة.. وفي كلا الحالين، يتحمّل الوالدان المسؤوليّة الكاملة.

إنّ ما يشيع بين الأطفال الصغار، هو أنّ نوع الجنس يرتبط بنوع اللباس أو السلوك أو العمل، وهذا مرتبط بمشاهداتهم من حولهم، وعدم استيعابهم الفروقات الجسدية / النفسيّة بين الجنسين. ولذلك، يعتق بعضهم أنّ نوع الجنس قد يتغيّر عندما يمار أحد الجنسين نشاطات الجنس الأخر، وهنا يصل تعلّق الطفل (الطفلة) بنوع جنسه إلى درجة يرفض فيها لباس جنس  غير جنسه، أو يرفض  اللعب بألعابه. كأن يقول طفل، مثلاً: " لا أريد أن أمثّل دور الممرّضة لكي لا أصبح بنتاً "  أو كأن تحجم طفلة عن اللعب بكرة القدم، لكي لا تصبح صبيّاً، أو لكي لا يناديها الآخرون ب " حسن صبي."

والخلاصة، أنّ دور الأسرة، ولا سيّما الوالدان، دور كبير وهام جدّا في توضيح هذه الأمور، من خلال التأكيد أنّ نوع الجنس يرتبط بالهوية الجنسيّة للذكر والأنثى، التي تحدّد دور كلّ منهما في الحياة الاجتماعيّة المتكاملة.. وهذا النوع أمر ثابت لا يتغيّر بتغيّر اللباس أو العمل، وإن كانت هناك ثياب متشابهة وأعمال مشتركة  بين الجنسين. ويقدّر كلّ جنس بصفاته الخاصّة، ولكنّه يتكامل في الحياة مع الجنس الآخر..

وعندما يدرك الأطفال هذه الحقيقة المعزّزة بممارسات الوالدين، فإنّهم يسعون إلى تحديد سلوكاتهم ونشاطاتهم بما يتناسب مع انتماءاتهم الجنسيّة، ومن دون تناقض، بل في تكامل دور الجنسين، وفي إطار الاحترام المتبادل، ضمن التعامل بين أفراد الأسرة من كلا الجنسين، ومن ثمّ ضمن المجتمع الكبير.

أقراء ايضأ :الاثار التربوية ومستقبل الابناء 3

 7- الخجـل والحيـاء عند الأطفال :

 يعدّ الخجل والحياء، من الصفات الهامة، الفردية والاجتماعية، في شخصيّة الإنسان، وفي إطار آداب السلوك العامّة.. ويحمل كلّ منهما مدلولين أو بعدين أساسيين؛ أحدهما إيجابي والآخر سلبي. فالخجل أو الحياء، المقبول في حدود الآداب العامة والقيم الاجتماعية السائدة، هو صفة حسنة وقيمة إيجابية، يجب أن نعزّزها في سلوك الأبناء، الذكور والإناث، منذ سنوات الطفولة الأولى.

ولكنّ الخجل المفرط الذي يربك الشخص ويضعف قدرته على مواجهة الآخرين، يعدّ من الصفات السلبيّة وغير المرغوب فيها، ولا سيّما إذا أصاب الإنسان في مراحل مبكرة، ومن ثمّ لازمه مدى حياته، بحيث يصبح مرضاً مزمناً يؤلم صاحبه في كثير من المواجهات والمواقف الحياتيّة.. وكذلك الحال في الحياء الزائد، وفي غير محلّه، وإن كانت وطأته على الشخص أقلّ تأثر من الخجل.

إنّ الخوف من مواجهة الآخرين،  والذي نجده عند بعض الأشخاص الكبار، والهروب المتعمّد العلاقات الاجتماعيّة، نتيجة لشعورهم المفرط بالخجل والرغبة في الانزواء، ما هو إلاّ وليد المواقف التربوية الخاطئة التي تعرّض لها هؤلاء، وهم في طفولتهم، وبالتالي نتيجة لتلك الممارسات القاسية التي عانوا منها، والتي تتّسم في معظم الأحيان، بالسخرية أو الإهانة والتحقير، سواء في البيئة الأسرية أو في البيئة المدرسيّة / الاجتماعية الواسعة..فتبقى آثار هذه المعاملة ماثلة في أذهانهم تثير مشاعرهم، وتجعلهم يتّخذون تجاهها مواقف سلبية، وسلوكات غير سوية.

أماّ الحياء الذي يبديه بعض الأشخاص، والناتج عن الشعور النفسي / الذاتي بالخوف من اللوم أو التوبيخ، بسبب عمل غير مقبول اجتماعياً  أو تصرّف غير لائق أخلاقياً، يعدّ حالة انفعالية / وجدانية سوية، وصفة حميدة، بالنظر إلى نتائجها الإيجابية على الفرد والجماعة معاً.. ولكنّها – في المقابل- تكون صفة مذمومة وغير مقبولة، في حالات تتطلّب الجرأة والصراحة في التعبير عن الرأي بحريّة وإثبات الذات، وإظهار القدرة على المواجهة الإيجابية في مواقف معيّنة.

 فما أكثر الأطفال الذين نراهم في الواقع، لا يملكون الجرأة في المواجهة والاتصال بالناس الآخرين، بسبب معاناتهم من الخجل المفرط أو الحياء الزائد عن المطلوب.. وقد يصل بهم الأمر إلى حدّ الامتناع عن زيارة رفاقهم وأقاربهم. وهنا تكمن المشكلة في هذا الشعور، إذا ما تنامى وتأصّل في نفوس الأطفال إلى مراحل متقدّمة من العمر، فيسكون –بلاشك- سبباً مباشراً في إضعاف شخصيّاتهم والحطّ من شأنها أمام الآخرين.

إنّ الفائدة الاجتماعية / الأخلاقية لصفة (خصلة) الحياء المقبول، وليس الخجل المفرط، تتمثّل في ردع الإنسان عن الانحراف، ومنعه من ارتكاب الجرائم والآثام، وبالتالي صونه بعيداً عن الأعمال المنافية للآداب العامة السائدة في المجتمع. ومن هذه المنظور، برى / ماك توين /" أنّ الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يستحي، ويشعر أنّه بحاجة إلى الحياء." ويؤكّد الدكتور / فلاش / ذلك بقوله: " إنّ الحياء علاقة السلامة، وهو متداول عند البشر جميعهم.."

وأخيراً، لا بدّ من التنويه والتنبيه، إلى أنّ التشجيع والتأنيب دواءان تربويان مؤثّران في هذا المجال. ومن الضروري أن يستخدمهما الوالدون والمربون، مع الأطفال والناشئة لتعزيز قدراتهم على ضبط انفعالاتهم في المواقف والمواقع المناسبة، وبالمقدار المطلوب.. بحيث يدرك الطفل / الناشىء معنى كلّ من الخجل والحياء، ومن ثمّ يتمثّلهما ويمارسهما بالصورة الإيجابية، في سلوكه الآني والمستقبلي.

 8- الأسـرة والمراهـق :

توصف مرحلة المراهقة بأنّها المرحلة الحرجة في حياة الإنسان، حيث يتمّ الانتقال من الطفولة إلى النضج والشباب. يقول المربّون: إنّ مرحلة المراهقة شرّ لا بدّ منه.. ويقول المعنيون بعلم نفس الطفولة والمراهقة: إنّ المراهقة وعد وعهد، يجب التعامل معها بحذر.. وهذا يعطي المراهقة أهميةّ كبيرة ومؤثّرة في تحوّل الكائن البشري، بكلّ ما يحمله هذا التحوّل من تغيّرات نمائية / جسدية ونفسيّة، وأيضاً عقلية.

ولذلك يرى / كارل يونغ / أنّ التحوّلات الفيزيولوجية / الجسميّة في مرحلة المراهقة، تُحدِث ما يسمّى (الميلاد النفسي) الذي يترافق معها. ففي مرحلة المراهقة وبداية الشباب، يؤدّي النضج الجسمي والعقلي والجنسي، إلى قدرة الشخص  في التمييز بين ذاته والآخرين، إلى درجة متطرّفة تدفعه إلى المبالغة في توكيد ذاته من جهة، وإلى الإحساس الشديد بمشكلاته النفسيّة مع الآخرين والواقع الذي يعيشه من جهة أخرى. ولذلك، فعلى الرغم من أنّ هذا التمييز ينطوي على تحقيق درجة عالية من النضج، فإنّه يسبّب للمراهق – في الوقت ذات-معاناة قاسية جرّاء وعيّه مشكلاته وحساسيته المفرطة تجاهها.

أمّا / كورن ليفن / فيتصوّر عملية التحوّل هذه، على أنّها دخول المراهق منطقة لم يتمّ تكوّنها بعد، ولا سيّما من الناجية المعرفيّة، ويحدّد لها ثلاثة أبعاد:

1-جسد المراهق: الذي يعدّ مجاله الحيوي، والذي يأتيه بتحوّلات نوعيّة وكميّة هائلة، كما في تضخّم الأعضاء التناسلية عند الجنسين، وظهور القذف عند الفتى  ونموّ الشعر في وجهه..ونموّ النهدين عند الفتاة وظهور العادة الشهرية، وغير ذلك من المظاهر.

2-  مسألة الزمن: حيث يبدأ المراهق بفضل النموّ الهائل للقدرات العقلية، بحساب الأهداف بعدد السنين. ويكون حسابها بدرجة عالية من الواقعية، حيث تتوافر إمكانية التمييز بين الخيال والواقع، وبين ما يمكن وما لا يمكن، وإن كان طابع المثالية يطغى –أحياناً-على بعض هذه الحسابات.

3- مشكلة الانتماء: حيث تحمل ملامح الشباب، الجسدية والعقلية والجنسية، المراهقين على الانتماء إلى جماعات البالغين. ولكن قد يحول دون هذا الانتماء –أحياناً-عدم اكتمال نضج الشباب الاجتماعي من جهة، وتردّد الراشدين في قبول انتمائهم من جهة أخرى. وهنا يدخل المراهق في الصراع الذاتي بين ما كان عليه، وبين ما يجب أن يكون.. ولا سيّما إذا ما عزّز الكبار هذا الصراع وهم يتعاملون مع المراهق على أنّه طفل تارة، وعلى أنّه رجل ناضج تارة أخرى.

إنّ أي بعد من هذه الأبعاد الثلاثة، من شأنه أن يزعزع ثقة المراهق بنفسه، ويزرع لديه الشك في موقعه من المحيط الاجتماعي الذي يتعامل معه، فيما إذا لم يؤمّن له المناخ الإيجابي للتعامل مع كلّ من هذه الأبعاد. وقد يؤّدي به الشكّ إلى زيادة حدّة الصراع النفسي وما يتبعه من انحراف في السلوك، وظهور بعض النزعات العدوانية في الاستجابات تجاه الآخرين.

 وتبرز هنا أهميّة العلاقة بين الأسرة والمراهق، حيث يتحدّد موقع المراهق في الأسرة بالظروف الاجتماعية والثقافية والنفسيّة التي تحكم هذه العلاقة، أي بالأساليب التعاملية، ولا سيّما مواقف الوالدين من  المراهق وبالعكس.. فإذا أحسّ المراهق بالحبّ الوالدي مع الاهتمام والاحترام، فإنّ موقفه سيكون إيجابياً تجاه ذاته وأسرته والآخرين، فيتكيّف ويتفاعل بيسر ومن دون صدمات انفعالية.

ولذلك، يعيد / بول غودمان / أزمة المراهقة،  إلى أزمة الهوية الناتجة عن إحساس المراهق بالضياع، في مجتمع لا يساعده في فهم ذاته (مَن هو؟)، ولا في تحديد دوره في الحياة. كما أنّ هذا الإحساس لا يؤمّن للمراهق فرصة تعينه على الشعور بقيمته الاجتماعية، بل لا يقدّم له أهدافاً يمكنه أن يتبنّاها..أي أنّ المجتمع عامة، والمجتمع الأسري خاصة، لا يكفي أن يحرم المراهق من القدوة الحسنة –أحياناً- بل يعطّله عن القيام بدور ذي معنى.

 كما ويركّز / أريك أريكسن / على خطورة ما يسميّه (غموض الدور) الذي يصل بالمراهق إلى حدّ الشعور بالعجز العام عن القيام بأي عمل محدّد، وربّما أي شيء على الإطلاق. وتصحبه بدلاً من ذلك، مشاعر الحيرة وعدم الاستقرار، والتواكل والاعتماد على الآخرين.. وما إلى ذلك من الأمور التي قد تدفع المراهق إلى الانحراف، بشكل من الأشكال. وهذا يؤكّد أيضاً على احترام شخصيّة المراهق والتعامل معه من قبل الوالدين، بما يؤمّن له أجواء انفعالية سليمة تساعده في تجاوز هذه الأزمات.

فيسمح الوالدون للمراهقين في المناقشة وإبداء الرأي، في قضاياهم الخاصة وفي القضايا الأسرية العامة،. وإذا حدثت بعض المشاحنات (الخلافات) بين الأسرة والمراهق، فمن المفضّل حلّها بالتروّي والحوار الهادىء، بعيداً عن ردّات الفعل التي تولّد لدى المراهق إحباطات تراكمية، تفقد ثقته بوالديه..!

أقراء ايضأ :الاثار التربوية ومستقبل الابناء

 9- الشعور المسؤول عند الشباب :

 يعدّ الشعور عند الإنسان بوجه عام، وعند الشباب بوجه خاص، من الحوافز الأساسيّة والضرورية لتنمية الإحساس الواعي بالمسؤولية، تجاه التصرّفات التي يقومون بها، أو الأفكار التي يطرحونها ويناقشون فيها، أو الأعمال التي يعمدون إلى تنفيذها، وما تتطلّبها واجباتهم في التحكّم بالسلوكات الملحقة بها. ولذلك، يكتسب هذا الموضوع أهميّة خاصة في مرحلة المراهقة، حيث تبدأ المشاعر المختلفة عند الشباب، بالتشكّل والتبلور، لتصبح عوامل تحريك لفاعلياتهم الذاتية والاجتماعيّة.

إنّ الشعور الواعي، يبدأ في التشكّل لدى الشخص، عند الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة والشباب.. أي عندما ينتقل الطفل / الناشىء من التصرّفات الطفولية / اللامبالية، والتي تتّسم باللهو واللعب، والنظرة العفوية إلى الذات والآخرين، إلى التصرّفات الأكثر جدّية في مواقف مختلفة، حيث يبدأ في التفكير والتأمّل بما يجري حوله، وتحديد علاقته بالمحيط الاجتماعي العام.

   يسمّي علماء النفس والتربية مرحلة المراهقة بالمرحلة الانتقالية الصعبة، وأحياناً (الصدامية)، بالنظر إلى ما يرافقها من صعوبات جمّة في العملية التربوية، ولا سيّما عملية التواصل بين الآباء والأبناء. فبعد أن يكون الطفل وهو في عامه الثاني عشر، على سبيل المثال، ليّن العريكة، لطيفاً ومطيعاً.. يذهب بسهولة مع والديه في زيارة أو نزهة، ويتحدّث مع رفاقه بأدب ولباقة، تراه الآن – في مرحلة المراهقة- يرفض الخروج مع أهله، وإذا سأله أحدهم عن أصدقائه وعلاقته بهم، يجيب بتهكّم، وبعصبيّة أحياناً: " هذا لا يخصّكم..لماذا تسألون هكذا سؤال؟ أنا أعرف ما أريد.." وقد يتهرّب من الإجابة.

لا شك أنّ الأهل سيصابون بصدمة كبيرة مقرونة بالأسى والمرارة، لأنّهم لم يستوعبوا حقيقة الموقف، ولم يتصوّروا أنّ طفلهم البريء الطيّب، المطواع –كما يقولون –سينقلب بين ليلة وضحاها، إلى معاند رافض للأوامر؛ لا يهمّه إلاّ ذاته وإثباتها بأي شكل من الأشكال. وهنا تحصل المواجهة الفعلية بين المراهق / الشاب وذاته من جهة، وبينه وبين والديه (أسريه) من جهة أخرى، ويكون جرّاء ذلك  أمام طريقين لاتّخاذ الموقف المناسب والمسؤول: فإمّا أن يكون محظوظاً ويتحرّر من السلطة الوالدية، ويكون اعتماده على ذاته حافزاً لتصعيد دوافعه ومشاعره بالانتساب إلى النوادي الثقافية أو الرياضيّة أو الفنيّة، وإمّا أن ينحرف ويتّجه إلى رفاق السوء، لإضاعة الوقت التسكّع في الطرقات، أو للقيام بأفعال تتنافى مع القيم الاجتماعيّة..

وهنا تكمن أهميّة الدور الأسري / الوالدي، في تنمية المشاعر الإيجابية عند الشباب، الصادقة والمسؤولة. فالصراخ في وجه الفتيان والفتيات، وبطريقة الإدانة أو الإهانة، لإيقاظ مشاعرهم وضمائرهم، ومطالبتهم بمحاسبة ذواتهم، لا تجدي نفعاً في هذه الحال.. ولو عدنا  إلى الأساليب التربوية التي يمارسها الوالدون مع الأبناء، في هذا المجال، لوجدنا أنّها من الأسباب المباشرة لكثير من الانحرافات السلوكيّة عند الشباب. وهذا ما يستلزم وعي الآباء والأمهات لتصحيح المواقف السلبية قبل فوات الأوان.

فالتقرّب إلى الشاب (الشابة) وتحسّس مشاعره، أمر في غاية الضرورة والأهميّة لتحقيق توازنه العاطفي / الانفعالي. ويكون ذلك من خلال مشاركته همومه ومشكلاته، والسماع إلى آرائه ومناقشته فيها بمودّة واحترام. وتوفير الأجواء المفعمة بالأمن والاطمئنان بما يمكّنه من اتّخاذ الموقف الواعي والمسؤول، ولا سيّما عند قيامه بعمل ما يريد تنفيذه.

ومن الجدير ذكره، أنّ المراهق / الشاب، يقوم في معظم الأحيان بتقديم صورة مطابقة عن تصرّفات والديه أو أحدهما، سواء في أسلوب التعامل داخل الأسرة، أو مع الناس الآخرين خارج الأسرة. ويحاول من خلال ذلك أن يظهر في مظهر الإنسان البالغ، وإن بدا – أحياناً- يحنّ إلى طفولته..

أقراء ايضأ : علاقة الأم بالطفل خلال مراحل الطفولة الأساسية 

 10 ـ شـعور الحبّ عند الشباب :

تعرّف مرحلة الشباب، بأنّها المرحلة التي تلي مرحلة المراهقة،  وتكتمل فيها شخصيّة الفرد من جوانبها المختلفة، الجسديّة والانفعالية والاجتماعيّة، ولا سيّما وعي الذات الذي يعدّ البنية النفسيّة الأولى في إدراك (الأنا (الذاتي، والملكات الخاصّة بهذه الأنا والإمكانات المتاحة لها، كالأخلاق والإرادة والثقة بالنفس، وحبّ الآخرين – الفردي والجماعي - تبعاً لقوّة تأثير الشخصيّة المحبّبة والتي تنال الإعجاب.

 إنّ الأسباب التي تدفع (تقود) الشباب إلى الحبّ، كثيرة ومتنوّعة، سواء كان الحبّ لشخصيّة أو (شخصيّات)  من الأقارب وغير الأقارب، ومن جنس الشاب ذاته أو من الجنس الآخر. فمن هذه الشخصيات ما يرغم الشاب (الشابة)على السعي وبذل الجهد للوصول إليه، ومنهم ما يعجب به ويقلّده في تصرّفاته ومواقفه، حتى في طريقة المشي والحديث والتعبير، ويتوق  بالتالي لأن يصبح صورة عن تلك الشخصيّة أو تلك.

فالرغبة في نيل إعجاب الآخرين وكسب محبّتهم، والتي تظهر عند معظم الشباب من الجنسين، وبدءاً من المراهقة، ولا سيّما السعي للفت انتباه الجنس الآخر، هي من الأمور (المظاهر) الطبيعيّة، ولا تدعو إلى الاستغراب أو الاستهجان، لأنّها تعبّر عن الارتباط العضوي بين التغيّرات العامّة التي تطرأ على البنية الشخصيّة للشباب، في إطار التكامل الإنساني، وفي مقدّمتها البنية النفسيّة / الوجدانيّة. وقد تظهر الرغبة في نيل إعجاب الآخر، أو إبداء الإعجاب بالآخر، على صورة مشاعر الحبّ الأحادي أو المتبادل، قد تقود إلى أبعد من الاختلاط والتعامل المتكافىء.. وهنا تكمن قدرة الشاب/ الشابة، على تصعيد مشاعر الحبّ وتحقيق التكيّف الإيجابي مع الحبّ كقيمة إنسانية نبيلة.

فشعور الحبّ، هو من الشاعر المركبّة / المتشعّبة، لأنّه يشتمل على المشاعر الرومانسية / الروحيّة المقدّسة من جهة، والمشاعر الجنسيّة / الإنسانيّة الراقية من جهة أخرى.. وهذا ما يميّز مشاعر الحبّ الإنساني عن الغريزة عند الكائنات الحيوانية الأخرى، حيث يتّسم الحبّ الإنساني بالعفّة والمودّة، والسموّ الأخلاقي والاجتماعي، وكلّ ما من شأنه أن يصعّد عواطف الإنسان، ويجعل من نفسيّته أكثر تهذيباً ونبلاً.

 وهذا ما يؤكّده المربّي الكبير / أنطون مكارينكو /بقوله: " لا يمكن أن يكون الحبّ الإنساني انعكاساً نابعاً من أعماق الشعور الجنسي الغريزي الساذج.. فالطاقات الخلاّقة للحبّ الإنساني الحقيقي، يمكن أن توجد خارج ميل الإنسان لإشباع رغبته الغريزيّة في الجنس.." ولا شكّ أنّ ذلك يتمّ من خلال نقل حبّ الآخرين، من الأمور الجسديّة / الحسيّة إلى الأمور الروحيّة / المجرّدة.  

ولكي تتعزّز مضمونات هذا الحبّ ومعانيه السامية، يتوجّب على الوالدين، أن يكون مستعدّي أبداً للقيام بغرس هذه المشاعر في نفوس الناشئة ورعايتها وتهذيبها، من خلال القدوة الحسنة في علاقاتهم الزوجيّة، وتعليم الأطفال والشباب كيفيّة التحكّم الإيجابي بهذه المشاعر، والنظر إلى مشاعرهم بتقدير وجدّية، والنظر بالتالي إلى شعور الحبّ تجاه الآخرين بصورته الجميلة والسامية، في إطار القيم الأخلاقيّة/ الإنسانيّة التي ترفع من قيمة الإنسان الذاتية والاجتماعيّة.

فالشاب اليافع –زوج أو زوجة المستقبل، لن يقدر كلّ منهما أن يحبّ الآخر محبّة حقيقيّة، ما لم يعش شعور الحبّ الصادق وترجمته ممارسة فعليّة، تجاه أفراد أسرنه ومن ثمّ تجاه زملائه وأصدقائه.. فكلّما كان مجال هذا الحبّ السامي أكثر اتّساعاً، انطلاقاً من الأسرة، فإنّ الحبّ الجسدي سيرتقي فيما بعد ويصبح أكثر طهراً ونقاء. فالإعجاب الجسدي / الحسّي ليس هو مصدر الحبّ الحقيقي، بل تطغي علي دماثة الخُلُق وصفاء الروح وحسن التعامل.. وهذا هو الحبّ الذي يجب أن يعزّز في نفوس الشباب، لكي يعيشوا حياتهم الوجداني / الاجتماعية من دون صدمات إحباطية، بل على أساس الاحترام المتبادل بين الناس عامة، وبين الجنسين خاصة، وفي إطار التعامل الجنسي المتكافىء والتكامل.

 11- عـزلـة الأبنـاء :

يلاحظ أنّ عزلة الناس، بعضهم عن بعض، تزداد بنسبة كبيرة يوماً بعد يوم، إلى حدّ كادت تصل عنده –أحياناً-إلى الاستقلاليّة التامّة، سواء عند الكبار أو عند الصغار الذين يتأثرون بهم. ويبدو أنّ هذه العزلة –وإن كانت مخالفة لطبيعة الإنسان الاجتماعيّة -فقد فرضتها طبيعة السكن الحديث من جهة، وتعقّد أمور الحياة العملية والاجتماعية من جهة أخرى، حيث لم للعلاقات الاجتماعية الحميمة والدافئة، مكاناً مميّزاً كما كانت عليه في السابق، حتى بين الأقارب والجيران.

وإذا كان هذا الوضع الانعزالي –إن صحّ التعبير- يؤثّر في حياة الكبار إلى حدّ ما، بالنظر إلى انشغالهم بأمور الحياة ومتطلّباتها المتزايدة، فإنّ  هذا الوضع يؤثّر-بلا شكّ- تأثيراً عميقاً في تنشئة الأبناء، وحياتهم الاجتماعية، ولا سيّما في الجوانب النفسيّة والتعاملية مع الآخرين، والتي قد ترافقهم في حياتهم المستقبلية. وإذا كان الوالدون لا ينتبهون إلى هذه الظاهرة الحياتية السلبية، بحجّة إشغال الأبناء في التلفاز أو الحاسب (الكمبيوتر) وبعض الهوايات الخاصة، فإنّ هؤلاء الأبناء –بلاشك- يحرمون من الصداقات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية الضرورية لنموّهم الاجتماعي / الوجداني.

يتجاهل الكثير من الوالدين مشكلات أبنائهم الخاصّة (الأطفال والشباب)، والقليلون منهم يراقبون الأبناء عندما يكونون في عزلة مع أنفسهم..وفي المقابل، يرى الوالدان أنّ أحد الأبناء يرغب أن يبقى في عزلته، حتى عن عنهما وعن أخوته، ولكن من النادر أن يبحثا عن السبب، والذي قد يعود –في معظم الأحيان-إلى طريقتهما في التعامل معه ومع أخوته والآخرين، سواء كان هذا التعامل داخل الأسرة أو خارجها.

ولكنّ ميل الطفل أو الشاب –أحياناً- إلى العزلة، لا يعني بالمطلق أنّه يعاني من مشكلة نفسيّة أو اجتماعية، لأنّ من حقّه أن يختلي بنفسه بين حين وآخر، إلاّ إذا تكرّرت عزلته وأثّرت في سلوكاته الخاصّة والعامّة. فكم نكون –نحن الكبار- سعداء أحياناً عندما نختلي في عزلة مع أنفسنا طلباً للهدوء والراحة، والتفكير والتحادث مع الذات..! وأنّ الأبناء، ولا سيّما في مرحلة المراهقة، يميلون إلى العزلة في كثير من الأحيان، حيث يجدون في هذه العزلة عودة إلى ذواتهم، على الرغم من جهودهم لتوسيع دائرة تحرّكّهم الاجتماعي.

فالتعامل مع الأقارب والجيران والأصدقاء،هومن الأمور الضرورية لتنمية العلاقات الاجتماعية السليمة. وتشجيع الوالدين أبناءهم على المشاركة في استقبال الزائرين والضيوف، هو أيضاً من الأمور اللازمة لتكوين علاقاتهم الاجتماعية السليمة. كما أنّ تكوين صداقات جديدة وجيّدة مع الناس، تقدّم فائدة اجتماعية كبيرة إلى الوالدين والأبناء، والناس الآخرين.. ولا سيّما إذا كان بين هؤلاء الناس أبناء من عمر واحد، يتكيّفون معاً ويكوّنون فيما بينهم صداقات وعلاقات خاصّة..

واستناداً إلى تلك المعطيات، ينصح الوالدان بأن يعملا ما بوسعهما لتكوين صداقات مميّزة، وتشجيع الأبناء على إيجاد صديق أو صديقين-على الأقلّ-لكلّ ابن أو ابنة،  وبما يتناسب مع عمر كلّ منهما واهتماماته. وأن يعمد الوالدان أيضاً إلى توفير أجواء التعامل الإيجابي مع الأصدقاء، بحيث يترك لكلّ طفل أن يوسّع دائرة علاقاته الاجتماعية بأصدقاء آخرين، إذا ما رغب في ذلك، وبإشراف الوالدين وتوجيههما المباشر وغير المباشر وفق مقتضيات الحال، ومنحه الثقة بنفسه فيما إذا أمضى بعض الوقت خارج المنزل، بمفرده أو مع الأصدقاء والرفاق.

والخلاصة، إنّ الآباء والأمّهات هم البوّابات والنوافذ التي يطّلّ الأبناء من خلالها إلى العالم، وتعرّف محتوياته، ومن ثمّ تحديد الأساليب المناسبة للدخول إليه والتعامل معه بثقة واطمئنان.. فإذا ما كان الوالدان انعزاليين في تعاملهما الاجتماعي، فلا يتوقّع أن يكون الأبناء نشيطين اجتماعيّاً، إلاّ إذا استطاعوا الخروج من الدائرة الانعزالية الضيّقة في الأسرة.

وهذا يعني أن يقوم الوالدان بالدور التربوي / الاجتماعي، المطلوب منهما، داخل الأسرة وخارجها، إلى جانب الأصدقاء والمقرّبين، من أجل مشاركة الأبناء في أفكارهم وتطلّعاتهم، وتحسين تكيّفهم الاجتماعي، ووقايتهم من الوقوع في فخ العزلة السلبية المتكرّرة، التي قد تتحوّل إلى مرض مزمن يصعب شفاؤه.

أقراء ايضأ : التـربية الأسريّة ودور الوالـدين

 12- جنـوح الأحـداث :

يكتسب هذا الموضوع أهميّته من تأثيراته السلبية الخطيرة جداً، ليس على الأفراد الجانحين فحسب، بل على محيطهم الاجتماعي العام. ولذلك، تعدّ ظاهرة (جنوح الأحداث) من المشكلات التي تواجه الأسرة والمجتمع معاً.

يعرف جنوح الأحداث بوجه عام، بأنّه قيام الأطفال والمراهقين (من الجنسين) بارتكاب أعمال شائنة (جرائم) تخالف قوانين الآداب العامة / الأخلاقية والاجتماعية / السائدة في المجتمع. وتتجلّ هذه المخالفات في جرائم: الرقة والتسوّل وتعاطي المخدّرات، والأفعال الجنسيّة التي تنافي الحشمة.. إضافة إلى الاعتداءات التي قد تصل إلى حدّ التشويه أو الموت.

ولذلك، يبذل الباحثون الاجتماعيون والتربويون، وفي معظم أنحاء العالم، جهوداً متواصلة بغية الكشف عن الأسباب  وراء هذه الظاهرة، وإيجاد العوامل الوقائية التي تمنع الناشئة من الوقوع فيها، من جهة، وكذلك اتّخاذ الإجراءات العلاجيّة التي تحدّ منها أو تقضي عليها من جهة أخرى.

وقد لاحظ الباحثون من خلال هذه الدراسات، في بيئات متنوّعة، وعلى عينات مختلفة من الأحداث الجانحين، أنّ الأسباب الرئيسة التي تؤدّي إلى الجنوح، في معظم الحالات، تتمثّل في مجموعتين:

الأولى: تتعلّق بالاضطرابات التي تحدث في النمو العام للحدث (الطفل أو الفتى)، أو العاهات التي يعاني منها.. وكذلك الأمراض النفسيّة والجسدية والعقلية، التي تؤثّر سلباً في سلوك الحدث وتصرّفاته تجاه ذاته وتجاه الآخرين، ولا سيّما إذا أهملت الأسرة هذه العمل، ولنم تتعامل معها بالأسلوب المناسب والوقت المناسب.

الثانية: تتعلّق بالبيئة الأسرية / الاجتماعيّة، ممثّلة بالوالدين أولاً، ولا سيّما إذا كانت هذه البيئة تعاني من اضطرابات اجتماعية أو أوضاع اقتصاديّة سيئة، كأن تسود الخلافات المستمرّة بين الوالدين، فتحرم الأبناء من الاستقرار الذي يؤمّن لهم مستلزماتهم النمائية (النفسيّة والجسدية) أو أن يكون أحد الوالدين يعاني من إدمان على المخدّرات، أو منحرفاً أخلاقيّاً، أو تكون ثمّة حاجة اقتصادية تدفع الطفل إلى البحث عن موارد ماديّة..وغير ذلك من الأمور التي تنعكس سلباً على العلاقات الأسرية، وتجبر الأبناء على الهروب منها.

ويلاحظ أنّ معظم الأسباب  المجموعتين السابقتين، تعود إلى العوامل (الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية) التي تسود في الأسرة. فطبيعة العلاقات الزوجيّة من جهة، والعلاقات الأسرية العامة من جهة أخرى، لها الدور الأساسي في حدوث ظاهرة الجنوح، ويتفوّق عن أدوار العوامل الأخرى، كجماعات الأقران والروافد التربوية / الاجتماعية، التي يتعرّض لها الناشىء خارج الأسرة. وذلك انطلاقاً من أنّ البيئة الأسرية هي المسؤول الأول عن تشكيل سلوكات الأبناء بصورة إيجابية أو بصورة سلبيّة.

فسلوك الحدث الجانح، هو سلوك مكتسب، صنعه عوامل اجتماعية في بيئة غير نظيفة، بدايته الأسرة ونهايته رفاق السوء في المجتمع الكبير. حيث تفسح العلاقات الأسرية المفكّكة، المجال أمام الحدث لكي يهرب منها، ويبحث عن بدائل خارج البيت، فيسقط في بؤرة الجنوح والانحراف بأشكال مختلفة. ولا ذنب للحدث في ذلك، سوى أنّه نتاج أسرة غير متماسكة، وينطبق عليه المثل القائل: " الآباء يأكلون الحصرم.. والأبناء يضرسون.."  

إنّ ظاهرة جنوح الأحداث، هي –لا شكّ- من المشكلات الاجتماعية الخطيرة والمقلقة، لأنّها تجعل من الأحداث طاقات مشلولة ومعطّلة، بل وقد تعطّل بعض الطاقات الأخرى، فتكون في النهاية عالة على الأسرة والمجتمع، بدلاّ من اـ تكون طاقات واعدة لمستقبل الناشئة ومستقبل المجتمع.

وبما أنّ دور البيئة الأسرية هنا، دور أساسي وكبير في حدوث هذه الظاهرة، فإنّه يقتضي من الآباء والأمّهات أن يكونوا على مستوى عالٍ من الوعي والحذر، وقدوة لأبنائهم في التعامل وحسن التصرّف، ولا سيّما مع الأحداث (المراهقين) حيث تكون إمكانية حدوث هذه الظاهرة على أشدّها، بسبب فرط الحساسيّة عند المراهق (المراهقة) تجاه المواقف المختلفة.

فالتقرّب إلى الأبناء وتحسّ مشاعرهم، وتقديم الدعم والمساعدة لهم من أجل حلّ مشكلاتهم وتأمين حاجاتهم، من خلال المناقشة والإقناع وطرح البدائل التي تتلاءم مع أوضاع الأسرة، الاجتماعية والاقتصادية، وعدم حرمان الأطفال وإجبارهم قسراً على تأمين حاجاتهم بطرائق غير مشروع، كلّها تمنح الأبناء القدرة على التكيّف الاجتماعي الإيجابي، وتحصّنهم بجرعات نفسيّة وأخلاقيّة، ضد أي عامل من عوامل الانحراف مهما كانت قوّة تأثيره.

 13- صـراع الأجيـال :

لا أحد ينكر أو يتجاهل، أنّ ثمّة خلافات تحدث أحياناً، بين الوالدين والأبناء، ولا سيّما في مرحلتي المراهقة والشباب، حيث تزداد هذه الخلافات نوعاً وكمّاً.. وقد تأخذ هذه الخلافات حيّزاً كبيراً في العلاقات الأسرية، لتصل إلى ما يسمّى مجازاً:" صراع الأجيال.."

فالوالدون يشكون في كثير من الأحيان، من عناد أبنائهم وعدم التزامهم بالأوامر والتوجيهات، ويرفضون لعض الأفكار الوالدية التي لا تروق لهم. وفي المقابل، يشكو الأبناء من مرارة المعاناة جرّاء تسلّط (تحكّم) الوالدين، من دون مراعاة لمشاعرهم وحاجاتهم النفسيّة والفكرية والاجتماعية. ويتذرّع الوالدون بأنّهم يفعلون ذلك كلّه بسبب حرصهم الشديد على مصلحة الأبناء، ولا يدركون أنّ هذه الأساليب تزيد من الضغوطات العصبيّة والنفسيّة على الأبناء، وربّما تخلق لديهم حالة من القلق المزمن والتوتّر الدائم، ممّا قد يكون له –في نهاية المطاف-تأثيرات مباشرة في فشل حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة.

لقد تنوّعت الدراسات النفسيّة والتربوية، حول مسألة (صراع الأجيال) وما ينجم عنها من مشكلات في العلاقات بين الأجيال المتعاقبة، ولا سيّما بين الآباء والأبناء في الأسرة..وقد أجمع خبراء التربية وعلم النفس وأيضاً علم الاجتماع، على أنّ الفروقات بين الأجيال، ترجع إلى عدم وعي طبيعة هذا الصراع وإدراك أبعاده وتأثيراته السلبية على العلاقات بين الكبار والصغار، ولا سيّما أنّ كثيراً من الآباء والأمّهات، لا يعرفون تماماً تلك التغيّرات التي تطرأ على القدرات القلية / المعرفيّة الجديدة عن الأبناء، حيث يؤسّس المراهقون/ الشباب أفكارهم واتجاهاتهم على معطيات خاصّة بهم، الأمر الذي يقودهم إلى الاعتقاد بأنّهم يختلفون عن الناس المحيطين بهم عامة، وعن واليهم خاصّة.

إنّ موقع المراهق / الشاب إذاً، يتحدّد من خلال الجوّ المسيطر في الأسرة. فإذا ما أحسّ الأبناء بالحبّ الوالدي المقترن بالاهتمام والاحترام، فإنّهم –بلا شكّ- سيتمتّعون بحالة نفسيّة إيجابية يستطيعون معها أن يحدّدوا مواقعهم ومواقفهم من خلال التكيّف الاجتماعي بصورة طبيعيّة.

ولكن إذا بحث الوالدون عن علاقاتهم مع الأبناء وما ينجم عنها من خلافات، فإنّهم سيجدون أن معظم هذه الخلافات يتمركز حول عدم قدرة الآباء والأمّهات على تفهّم ظروف الأبناء / الشباب، وبالتالي التعامل معهم بأساليب لا تتّفق مع هذه الظروف.. فيصل الأمر –في كثير من الأحيان- إلى تدخّل الوالدين المباشر، في حركات الأبناء ولباسهم، وزياراتهم واختيار أصدقائهم وأيضاً في نوع دراستهم أو طبيعة عملهم، بطريقة قسرية / إلزاميّة يشعر معها الأبناء وكأنهم لا يعرفون من أمور الحياة شيئاً.

 فالآباء يعملون من خلال هذا التعامل – ومن حيث لا يدرون- على توسيع الهوّة الفارقة بينهم وبين أبنائهم وتعميقها، بدلاً من العمل على تضييقها وإزالتها، بحيث يقترب الوالدون إلى أبنائهم ويكونون لهم المرجعيّة التي يركنون إليها في إزماتهم النفسيّة والفكرية.

واستناداً إلى ما تقدّم، يمكن القول إن الفجوات المتعدّدة التي تحدث في السياق الاجتماعي العام بين المراهقين / الشباب ووالديهم، والتي تمثّل في حقيقة الأمر جوهر الصراع بين الأجيال، تتجلّى في الجوانب الأربعة التالية:

1-اختلاف الخصائص بين الجيلين: حيث يبدو الاختلاف واضحاً من خلال المقارنة بين الحياة التي تعوّ عليها الآباء والحياة التي يعيشها الأبناء. فالأسرة الواحدة يعيش فيها جيلان من فترتين زمنيتين مختلفتين، بأسبابهما ومتطلّباتهما، إذ لكلّ جيل خصائص معيّنة ونظرة خاصّة إلى الحياة.

2-الاختلاف الثقافي بين الجيلين: ويظهر هذا الاختلاف في عدم قدرة الأسرة على إشباع حاجات الشباب الثقافيّة لمواجهة الواقع وما ينبغي أن تقوم عليه عمليات التفاعل الأسري، في إطار القيم الموجّهة للسلوك وفلسفة التنشئة الاجتماعيّة، التي تمكّن الشباب من اكتساب المعارف والخبرات والمهارات اللازمة للحياة الاجتماعيّة.

3-نوع السلطة الوالدية: حيث يعمل الوالدان إلى فرض السيطرة القسرية على الأبناء / الشباب الذين ينزعون إلى الاستقلالية والتجديد والتحرّر من سلطة الكبار، لأنّهم يشعرون أن الجيل السابق نقل أو يحاول أن ينقل إليهم، شروطاً من الحياة لا ترضيهم.

4-علاقة الشباب بالكبار: وهذه العلاقة نتيجة حتميّة للأسباب السابقة، حيث يوزّع الشباب جهودهم بين مجالات متعدّدة لإرضاء الكبار، وقد يعجزون عن إنجازها بالشكل المطلوب، فتسبّب لهم القلق وتفعهم إلى التجريب مرّة أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فلا يعترف الوالدون –في كثير من الأحيان – بقيمة أي جهد يبذله الأبناء، باستثناء التفوّق الدراسي. ويرفض الوالدون هوايات الأبناء، وينكرون عليه حقّهم في إثبات الهوية الشخصيّة.. فيشعر الشاب عندها بأنّه غريب عن أسرته، ومختلف في لغته التي لا يريد الوالدان أن يفهماها بصورة صحيحة.

5-وينجم عن هذه العوامل الأربعة، ثلاثة مظاهر لعلاقة الأبناء بالآباء، وهي:

أ-الفجوة التي تنشأ عن التطوّر الاجتماعي المتسارع الذي يعيشه الأبناء، والذي تعجز الأسرة والمؤسّسات التربوي عن مجاراته.

ب-رؤية المراهقين إلى أنّ ما يتمسّك به الوالدون، ليس إلاّ ضرباً من عدم التكيّف من المعطيات الحياتية الجديدة.

ج-إفراط المراهقين / الشباب في تقدير ذواتهم، تجاه تقدير ذوات والديهم، سواء بالفكر أو بالممارسة.

ولا شكّ أنّ هذه المعطيات، وهذه المظاهر الناجمة عنها، ليست إلاّ نتيجة للتغيّرات الثقافية والاجتماعية التي أفرزنها روافد تربوية متعدّدة، تأتي في مقدّمتها وسائل الإعلام المختلفة.وهذا يفرض  على الوالدين مواكبة هذه التغيّرات،وتفهمّ معطيات الحياة الاجتماعيّة الجديدة للأبناء.

تعليقات

  1. سبحان الله والحمدالله والاالله الاالله والله اكبر

    ردحذف
  2. سبحان الله والحمدالله والاالله الاالله والله اكبر

    ردحذف

إرسال تعليق

مرحبا بتعليقك عبر عن رائيك شاركنا....

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم التربية الأخلاقية وأهدافها واهميتها طرائقه

  أولاً- مفهوم التربية الأخلاقية وأبعادها  يجمع المربون على أنّ تنمية القيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، جزء أساس من عناصر التربية العامة، وأنّ كلّ تربية تخلو من العناصر الأخلاقية، ما هي إلاّ تربية عديمة الجدوى.  فتربية الشخصية المتكاملة والمتوازنة، لا تتحقّق إلاّ مع التربية الأخلاقية السليمة، باعتبار أنّ الأخلاق إذا ما تأصّلت في ذات الفرد، تصبح قوّة دافعة للسلوك والعمل والتعامل الإيجابي والفعّال.  وانطلاقاً من هذه الأهميّة للأخلاق والقيم والأخلاقية، فقد جهد الباحثون والدارسون، في إعطاء مفهومات للتربية الأخلاقية، من جوانبها المختلفة.  فعرّفت التربية الأخلاقية من حيث تعليم القيم الأخلاقية، بأنّها: التعليم المباشر وغير المباشر للأخلاق بهدف التعرّف إلى قيمة السلوك الخيّر أو الخُلقي، في ذاته من جهة، وبالنسبة للأفراد والمجتمع من جهة أخرى، وتحليل المبادىء التي تتحدّد في ضوئها هذه القيمة أو تلك..  أي أنّ التربية الأخلاقية هي: تعليم المبادىء الأخلاقية وممارستها، أو هي تكوين بصيرة  أخلاقية عند الطفل / الفرد، يمكنه بها التمييز بين سلوكي الخير والشرّ.  ...

العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية

     تمتاز التربية الأسرية بأنّهما عمليّة نفسيّة – اجتماعية، يخضع لها الفرد (الكائن البشري) من ولادته حتى نضجه، حيث يصبح شخصاً اجتماعيّاً كامل الصفات والموجبات اللازمة لعضويته الاجتماعيّة.وتقوم هذه العملية على التفاعل بين الطفل والأسرة، من خلال مجموعة من الروابط والعلاقات التي تنظّم حياة الأسرة، وتحدّد دور كلّ فرد فيها..وثمّة عوامل مؤثّرة في هذه العلاقات، تتمثّل في أوضاع الأسرة: (العاطفية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية)، حيث تتفاعل هذه العوامل فيما بينها، لتشكّل طبيعة النظام الأسري الذي ينعكس بدور على تربية الأبناء وتنشئتهم، بصورة إيجابية أو سلبيّة.     فما   الأوضاع الأسرية التي تؤثّر في التربية الاجتماعيّة؟ وكيف تتعامل معها الأسرة؟      أقراء أيضا :العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية أولاً- الوضع العاطفي للأسرة :         يختلف تأثير الأسرة في النمو الاجتماعي للفرد،   تبعاً لنوع الأسرة   والعلاقة العاطفية التي تربط بين أفرادها، إيجاباً أو سلباً. فعلاقة الطفل بالأب في سنو...

مرطب للبشرة

 المكونات خذي بياض بيض   ملعقة حليب  ملعقة عسل طريقة العمل واخلطيها جيدا وضعيها على الوجه لمدة 15 دقيقة ثم اغسلي وجهك  أقراء ايضا للحصول على شعر أسود لامع  وصفه مضمونه ومجربه لعمل رموش كثيفة  مرطب طبيعي للشفاه  طريقة العناية بالقدمين  وصفة لزيادة الوزن الطبيعي من 5 الى 7 كيلو فى الشهر وصفه مجربه لزياده الصدر مرطب طبيعي  لاطاله الشعر في شهر ونصف  اكليل الجبل لعلاج قشرة الشعر الدهني  وصفه لشد الوجه  وصفه لبشره صافيه و نقيه للحصول على اظافر قويه وصلبه وصفة لتكثيف الشعر  لشعر ناعم كأنه مستشور طريقه عمل زيت مساج في المنزل  مرطب طبيعي للوجه لبشرة كالحرير  طريقة تفتيح  وتنعيم الكوع والركبة تنعيم وتفتيح اليدين  طريقة نفخ الشفاه في المنزل  طريقة عمل ماسك لشد الوجه  ماسك للبشره الدهنيه  فوائد بياض البيض للبشره  توجد العديد من الفوائد التجميلية لبياض البيض منها  أنه يحارب حب الشباب  يصغر المسامات الكبيره   يقوم بالتخلص من الرؤوس السوداء يمنع انتفاخ منطقه حو...