التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يتضمّن (16)سؤالاً لكلّ منها جواب. وتدور كلّها حول الأساليب التربوية الوالدية 2


 أسـئلة وأجـوبـة :                                                 

1- تعلّق الطفل بمعلّمته :

      ســؤال:

   " طفلة في السابعة من عمرها، متعلّقة بمعلّمتها إلى درجة تعتبر فيها أنّ كلام المعلّمة مقدّس، وترفض أي رأي آخر يخالفه، حتى وإن كان من والديها.. فإلى أي حدّ يفيد هذا التعلّق، تربوياً وتعليميّاً..؟ "

  جــواب:

   إنّ تعلّق الأطفال بمعلميهم أمر شائع وعلى نطاق واسع، ولا سيّما في السنوات المدرسيّة الأولى.. وهذا التعلّق أمر حسن ومطلوب من أجل تحقيق التواصل التربوي الجيّد، التعليمي / التعلّمي.فالطفلة التي تنظر إلى المعلّمة على أنّها القدوة المثالية بالنسبة لها، سواء في المظهر العام أو في السلوك الفكري / العملي، لا ترضى عن أي رأي أو سلوك يخالف هذه القدوة فيما تقول أو تفعل. وهذا أمر مهمّ بالنسبة للأهل، ويمكنهم أن يوظّفوه بفاعلية في مساعدة الطفلة على التكيّف مع البيئة المدرسيّة، الاجتماعيّة والتعليميّة بما ينعكس بالتالي على تقدّمها في التحصيل الدراسي.

   وانطلاقاً من هذه الرؤية، يعدّ التوافق والانسجام بين الأسرة والمدرسة، حول الأمور التربوية، من العوامل الهامّة في تحسين تكيّف الطفلة، من النواحي النفسيّة والاجتماعيّة والتعليميّة، في البيت والمدرسة معاً. وهذا يلقي المسؤولية المباشرة على الوالدين، في خلق الأجواء الإيجابية من خلال الإشادة بالمدرسة، وعدم توجيه أي انتقاد مباشر للمعلّمة أمام الطفلة، مهما كانت الظروف والأسباب.

    كما يتطلّب ذلك من الأم  أن تقوم بزيارات متكرّرة إلى المدرسة، تلتقي من خلالها الإدارة التربوية بصورة عامّة والمعلّمة المعنيّة بصورة خاصة.. تناقشها في أوضاع الطفلة (الاجتماعية والدراسيّة)، وتتّفق وإياها على الطريقة المفضّلة أو الأسلوب المناسب، للتعامل مع الطفلة بما يساعدها في التكيّف ويحفزها على مواصلة إحراز التعلّم الجيّد.

   ومن خلال هذا التعاون، تتكامل جهود البيت مع جهود المدرسة، من دون تعارض أو اختلاف، بما يبعد الطفلة عن أية تأثيرات سلبية، ويمنحها فرصة التفوّق في نجاحها الاجتماعي والدراسي.

أقراء ايضأ :  يتضمّن (16)سؤالاً لكلّ منها جواب. وتدور كلّها حول الأساليب التربوية الوالدية 2

 2- تعامل الأب مع البنات :

       ســؤال:

   " فتاة طالبة في الشهادة الثانوية، وهي الكبرى بين أخواتها الخمس، ولا أخ لهنّ.. يمارس الأب ضغوطات في تربيتهنّ ويصرّ أن يحقّق فيهنّ طموحاته. وهذا ما يفقد الفتاة ثقتها بنفسها وبالنجاح..ماذا تفعل لكي ترضي والدها؟ "

 

     جــواب:

   إنّ الضغوطات التي تعاني منها الفتاة، تؤثّر – على ما يبدو- تأثيراً كبيراً وعميقاً، في مجرى حياتها عامة وفي دراستها خاصة، لأنّه يمسّ بصورة مباشرة تلك الجوانب التي يفترض أن تؤّمن لها الاستقرار والثقة بالنفس. وهذا ما يضعف قدرتها على تحمّل المواقف التي تتعرّض لها، ويمنعها من مواجهة والدها بهذا الواقع من خلال المناقشة الصريحة.

    إنّ ما يقصده الأب من وراء تحقيق طموحاته، من خلال تربية بناته وتحصيلهم الدراسي، هو أمر عظيم وموقف نبيل، يشكر عليه، ولكنّ تحقيق هذا الأمر العظيم لا يمكن أن يتمّ بتجاوز الواقع والقفز من فوقه. فزيادة الضغوطات على البنات ومطالبتهنّ القيام بأعمال دونما قناعة منهنّ، دون مراعاة لأوضاعهنّ، تولّد ردود أفعال سلبيّة تتّسم –في معظم الأحيان-بالملل واليأس، وكراهية الدراسة والعمل.

   وعلى الرغم من ذلك، فلا يجوز إذن الظنّ-في الحالة التي نحن بصددها- بأنّ الأب يتعمّد سلوكه هذا تجاه ابنته (بناته) لعقدة يعاني منها، وهي: (وجود البنات من دون صبي) كما يحدث في بعض الحالات. وإنّما قد يكون قصده أن يوظّف جهوده وإمكاناته الماديّة كلّها، من أجل تربية بناته تربية صالحة، اجتماعياً وخُلُقيّاً وعلميّاً.. وهذا من حقّه وواجبه معاً. وما على الفتاة-في المقابل – إلاّ أن تدرك مقاصد والدها وتصارحه بمعاناتها جرّاء معاملته المتشدّدة، ولا شكّ أنّه سيتفهّم دوافعها.

    ولا تنسى الفتاة أيضاً، أنّ كلّ ما تحقّقه من نجاحات سيعود إليها في نهاية المطاف، وأنّ والديها سيفخران بذلك. ولذلك، ينبغي أن تتعاون مع أمّها وأخواتها من أجل إيجاد الصيغة المناسبة للتفاهم مع الأب، وتجاوز الواقع من أجل المستقبل الأفضل للفتاة ولأسرتها.

 3- صعوبة الكتابة عند الأطفال :

       ســؤال:

   " طفل في الروضة، عمره خمس سنوات.. يقرأ بعض الكلمات والجمل بصورة جيّدة، ولكنّه يجد صعوبة في الكتابة ويستغرق دقيقتين في كتابة الكلمة الواحدة ثمّ يتعب.. تحاول الأم معه، ولكن دون جدوى.. ما تفسير ذلك؟ وما هو الأسلوب الناجع للتعامل مع الطفل؟ "

   جــواب:

   إنّ عدم قدرة الطفل – في هذه السنّ- على الكتابة بالسرعة المناسبة وبالشكل المطلوب، ليس مستغرب، وإنّما هو أمر طبيعي بالنظر لوضع الطفل النمائي. وهذا ما يحث عند الكثيرين من الأطفال، لأنّه يتعلّق بالتركيب الجسمي (الفيزيولوجي) والنفسي، حيث لم يصل الطفل في هذا السنّ، إلى التمكّن من التحكّم بأعضائه الحركية واستخدامها بفاعليّة.

    فالأسلوب الذي تستخدمه الأم مع هذا الطفل لإجباره على الكتابة، هو أسلوب تعليميّ خاطىء من الوجهة التربوية، طالما أنّ الطفل غير قادر على التحكّم بأصابعه وضبطها، للقيام بعمليّة الكتابة وفق الجودة التي تتطلبها الأم، أو السرعة في الأداء كما هي الحال في القراءة.

    ولكن لا يعني هذا أنّ الطفل يعاني من مشكلة عضوية/ صحيّة تعوّق كتابته، أو أنّه سيبقى غير قادر على الكتابة لفترة طويلة، بل إنّ سيمارس هذا الفعل الكتابي ويتقنه، عندما يمتلك القدرات اللازمة لأدائه. ولذلك، فليس ثمّ ما يدعو إلى القلق أو الخوف من التأخّر لأشهر عدّة. 

   ولكي تساعد أم طفلها في تجاوز هذه المرحلة، ينبغي أن تدرّبه بصير وهدوء، وتشجّعه كلّما تقدّم في الكتابة، وإن كان التقدّم بطيئاً في البداية.. فلا تحثّه على السرعة التي تسبّب له التعب والإرهاق، أو الملل والفور.. بل تعطيه الوقت الكافي للكتابة، وتوفّر له الاستراحة بين فترات قصيرة، كلّما شعرت بضرورتها، حتى وإن لم يطلبها.

    وهكذا تنمو قدرات الطفل ويكتسب ثقته بنفسه على تحسين أدائه الكتابي، إلى أن يبلغ مستوى النضج العضوي والنفسي الذي يؤهّله للقيام بعملية الكتابة وتجويدها.

أقراء ايضأ : تضمّن (16) سؤالاً لكلّ منها جواب. وتدور كلّها حول الأساليب التربوية الوالدية، ولا سيّما الأساليب  الخاطئة وما ينجم عنها من ردود فعل سلبية عند الأبناء، وكيفية التعامل معها. 3

4- الطفل والأب الغائب :

       ســؤال:

   " طفل في الخامسة من عمره، انفصل والده عن والدته وهو في عامه الأول..يمطر أمّه بسيل من الأسئلة عن أبيه: من هو؟ أين هو؟ ومتى يعود..؟ تخاف الأم من مصارحته بالحقيقة، وتحاول أن تقنعه بأن الأب مسافر وسيعود. ولكنه يبدو غير مقتنع، ماذا تفعل؟"

     جــواب:

   إنّ غياب الأب عن الأسرة، ولفترات طويلة، يسببّ مشكلة من المشكلات الكبيرة التي توجهها الأم والأطفال، على حدّ سواء. ولكنّ المشكلة تكون أكثر صعوبة وتعقيداً، إذا ما كان غياب الأب ناتجاً عن الطلاق المبكر بعد الزواج، وحدث الانفصال التام، بحيث لم برّ أيّ من الزوجين الزوج  الآخر؛ فتشعر الزوجة / الأم  بالمرارة، وأحياناً بالحقد على الزوج / الأب بسبب تصرّفه الذي دمّر حياة الأسرة وهي في بداية تكوينها، كما في الحالة التي أمامنا.

    إنّ المشكلة التي نناقشها، تستوجب من الأم أن تكون بارعة في الإجابة عن أسئلة طفلها، بحيث تتلقّى هذه الأسئلة بارتياح، وتشرح له الأمور بأسلوب مقنع يتناسب مع قدراته على الاستيعاب والاقتناع، ريثما تحين اللحظة المواتية للمصارحة الحقيقيّة،  والتي تشعر عندها الأم أنّ الطفل قد أصبح في سنّ يكون فيها مستعداًّ لتقبّل الأمر الواقع والتكيّف معه، دون أن يترك أيّة آثار سلبية صادمة للطفل.

    ولا بدّ من التأكيد، أنّه مهما كان شعور الأم تجاه زوجها الذي تركها وشأنها، ينبغي أن تنظر إلى الأمور من مصلحة طفلها / ابنها، وتقدّم له صورة حسنة عن أبيه، آخذة في الحسبان أنّ هذا الأب سيلتقي ابنه ذات يوم.. فتمنحه بذلك الثقة والاطمئنان، دون أن يصل الوصف إلى حدود التزييف والمبالغة، فيفقد قيمته..وهذا يتطلّب من الأم أن تكون كريمة الأخلاق، وتبذل جهوداً كبيرة وتضحية عظيمة، في سبيل مصلحة طفلها الآنية والمستقبليّة.

    فالتوازن المعقول والتصرّف السليم، مطلبان أساسيّان في تصرّف الأم مع طفلها، وفي حديثها المقنع معه عن الظروف التي أدّت إلى انفصالها عن الأب.. ومهما يكن الأمر، يجب أن توفّر كلّ الظروف الممكنة لكي تستمرّ الحياة بصورتها الطبيعية.

  5-إعداد الشباب لللحياة الزوجيّة :

     ســؤال:

   " إنّ إعداد الشباب (الذكور والإناث) للحياة الزوجيّة والحياة الأسرية الناجحة.. ما دور العلاقات الأسرية عامّة ودور الوالدين خاصة في هذا الإعداد..؟ "

      جــواب:

   تتعلّق مسألة إعداد الشباب للحياة الزوجية والأسرية، بتربية الدور الجنسي، الإيجابي والمتكامل بين الذكور والإناث. ويكون للوالدين الدور الأساسي في تحديد الدور الجنسي السليم للأبناء، والسلوكات الخاصّة بهذا الدور في مستقبل الجنسين. وهذا يتوقّف على مدى تأثير سلوك الوالدين (الأب والأم) المتبادل، وانعكاسات هذا السلوك على علاقات الأبناء.

    فالأسرة بحكم نظامها وعلاقاتها، تأخذ حيّزاً كبيراً في مسألة إعداد الأبناء والبنات للزواج والحياة الأسرية، ولا سيّما في مرحلة المراهقة، حيث يرى المراهق في أسرته المتآلفة، ومن خلال العلاقة الحميمة بين الوالدين، نموذجاً سلوكيّاً وأخلاقيّاً يعجبه فيقتدي به.

    ويشار في هذا الصدد إلى عاملين (معيارين) أساسيين في حياة الأسرة:

   العامل الأول: جو الاحترام المتبادل في نطاق الأسرة، والذي يتمثّل في علاقة الأب بالأم من جهة، وعلاقة الأبوين بالأبناء والبنات من جهة أخرى، والتعامل معهم من دون تمييز، وإنّما يقدّر كلّ منهم في إطار شخصيّته الخاصة.

   المعامل الثاني: العناية بتربية الأبناء تربية متكاملة، بما فيها التربية الجنسيّة.. وهذا يتطلّب أن يتمتّع الوالدين بثقافة تربوية تواكب التطوّرات الاجتماعية / الحضارية، التي تنظّم قيم المجتمع الأخلاقية والإنسانيّة.

    فالحبّ المتبادل بين الأب والأم، ينمو ويكتمل، ويستمرّ من خلال الحبّ الوالدي المتبادل مع الأبناء؛ فينشأ هؤلاء في جوّ تربوي (عاطفي/ نفسي) سليم ومتوازن.. وتكون النتيجة المباشرة لهذه العلاقات الودّية / الأسرية، تعزيز الحبّ المتبادل بين الأخوة والأخوات بروح المساواة وعد التمييز.. وهذا ما ينمّي لديهم احترام الجنس الآخر، والاستعداد لبناء علاقات أسرية سليمة في المستقبل.

أقراء أيضا : مشكلات الأبناء ومواقف الوالدين

 6- الأبناء ومساعدة الآباء :

      ســؤال:

   " فتاة في الثامنة عشرة من عمرها.. تحاول أن تساعد أمّها في الأعمال المنزليّة، لكنّ عملها لا يعجب الأم، التي تمطر ابنتها بالكلام اللاذع والجارح.. ماذا تفعل الفتاة وقد ضاقت ذرعاً من معاملة أمّها..؟ "

 

      جــواب:

   يبدو أن الفتاة المعنيّة السؤال، لم تدرّب في سنواتها السابقة على الأعمال المنزلية، على الرغم من سنّها المتقدّم (مرحلة الشباب). ونقع مسؤولية عدم تدريب الفتاة، على الأم بالدرجة الأولى، إذ لم تعمد إلى إشراكها –منذ الصغر- في بعض الأعمال داخل المنزل، والأخذ بيدها ومساعدتها لكي تنجز هذه الأعمال بالشكل المطلوب.

    وهذا ما يحدث للكثير من الفتيات، وفي أسر مختلفة في حيث مستوياتها الاجتماعيّة والثقافيّة.. دون أن تدرك الأمّهات تلك التأثيرات السلبية التي تظهر عند الفتيات في وقت متأخّر، والتي تتجلّى في ضعف قدرتهنّ على المشاركة في الأعمال المنزليّة، كما في هذا الحالة التي نعالجها.  وهذا ما يضعنا أمام جيلين يعيشان في مواجهة لا بدّ منها:

    جيل متقدّ في السنّ، يعتقد أنّه يعرف كلّ شيء في أمور الحياة ومتطلّباتها، وجيل حديث السنّ يحاول أن يعرف ويتعلّم ويثبت وجوده بطرائقه الخاصّة.. ولكنّ الفرصة لم تتح له من قبل الكبار، الذين يلقون عليه مسؤولية الفشل، وهم المسؤولون عن تربيته وتدريبه.

    ومهما يكن الأمر، فإنّ على الفتاة المعنيّة بالسؤال، أن تلجأ إلى أسلوب المناقشة الهادئة لإقناع والدتها، من دون تشدّد أو تصلّب، أنّ لا ذنب لها لأنّها لم تدرّب على العمل المنزلي من قبل.. كما أنّ على الفتاة  أن تبذل الجهود المطلوبة لإنجاز الأعمال التي تكلّف بها، وتثبت أنّها قادرة على العمل بنفسها، ولها الحقّ في ذلك، كما هو واجب عليها. وعلى الأم -في المقابل- أن تتعامل مع ابنتها كصديقة ورفيقة، وعلى رأي المثل الدارج:" إذا كبر ابنك.. صادقه "، فتنصحها وتدرّبها، وتشركها في الرأي والعمل، وتتبادل معها الخبرة والمشورة.

    وليتذكّر الوالدون دائماً، أنّ لدى الأبناء خبرات وطاقات لا يستهان بها، وأنّ مسؤولية الآباء والأمّهات الأخذ بأيدي هؤلاء الأبناء نحو الأفضل.. فالتعلّم فعل مستمرّ ما دامت الحياة مستمرّة..!

 7- صعوبة تعليم بعض الأطفال :

       ســؤال:

   " ثلاثة أطفال في أسرة، أصغرهم في الصف الثاني الابتدائي.. يجد الوالدان صعوبة في تعليمه والتعامل معه.. يبدو أحياناً منعزلاً وأحياناً قلقاً وعصبيّاً.. هل يعاني الطفل من تخلّف عقلي؟  وما هي الطريقة المجدية في التعامل معه؟ "

   جــواب:

   لا بدّ أن نشير بداية، إلى أنّ الفروقات الفرديّة موجودة بين الناس، حتى بين الأشقّاء في الأسرة الواحدة، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها في التعامل مع الأفراد. ولذلك، فإنّ نسب الذكاء وقابليات التعلّم، تختلف من إنسان إلى إنسان آخر ولأسباب مختلفة، منها ما هو وراثي ومنها ما هو تربوي.. ومن هنا يجب التفريق بين الطفل الذي يعاني من بطء في نموّ ذكائه، والطفل المتخلّف عقليّاً، إذ لا يجوز إصدار الأحكام  المطلقة في ذلك، إلاّ بعد دراسات خاصّة.

    إنّ الأطفال الذين يعانون من نموّ بطيء في الذكاء، قد تبدو لديهم مشكلات نفسيّة أو تصرّفات سلوكيّة، لا تظهر عند أترابهم من الأطفال العاديين (الطبيعيين). وقد لا يعود السبب في هذه المشكلات إلى ضعف مستوى الذكاء، بقدر ما يعود إلى الأساليب التربوية الخاطئة التي يتعامل بها الوالدان مع كلّ طفل، حتى يصل الأمر بهما إلى حدّ الشعور بالخجل من انتماء الطفل لهما، بعدما فشلا في إيجاد الطريقة المناسبة للتعامل معه.

    ويبدو أنّ الطفل المعنى بالسؤال، يعاني من مشكلات نفسيّة واجتماعيّة، ناتجة –على ما يبدو- من عدم قدرة الوالدين على فهم طبيعته النفسيّة والعقلية، وكيفيّة التعامل معها في هذه السنّ. فمن الجائز أن يكون قلقه وعدم قدرته على التركيز، بسبب  قسوة الوالدين عليّه، أو بسبب حرمانه من اللعب والتعامل مع الرفاق والأصدقاء.. وربّما عانى – ويعاني- من المقارنة المستمرّة بين قدراته التحصيلية وقدرات أخويه، ولا سيّما إذا كانا يتمتّعان بتحصيلٍ عالٍ.

    وهذه الأمور مجتمعة، شكّلت لدى الطفل شعوراً محبطاً من عدة الثقة بالنفس، وردّات فعل سلبية جعلته يبدو بليداً منعزلاً خوفاً من المواجهة، أو قلقاً عصبيّاً للتنفيس عن معاناته. وهذا الوضع يحتم على الوالدين إعادة النظر في طريقة تعاملهما مع الطفل، بحيث يوفّران له الأجواء الأسرية الإيجابية، ولا سيّما التقبّل المفعم بالاحترام والتقدير، بما يعيد له ثقته بنفسه وبمن حوله، وينمّي لديه دافعيّة التعلّم وفق استعداداته وقدراته الخاصة.

أقراء أيضا : مشكلات الأبناء ومواقف الوالدين 2

8- الطفل وإدراك ماهية الأشياء :

        ســؤال:

   " توأمان في الخامسة من العمر، أحدهما يقتنع من والديه والآخر يصعب إقناعه، سواء بالألعاب أو بقطع الحلوى أو بالأشياء المختلفة.. ما هو سرّ الاختلاف بين الأخوين/ التوأمين؟ وكيف يتعامل الوالدان معهما؟ "

    جــواب:

   إنّ ولادة توأمين لا تعني – من حيث المبدأ – أنهما متماثلان في كلّ شيء، وإن كانت ثمّة حالات من التشابه الجسمي أو العقلي أو النفسي.. عند التوائم الكاملة. ولذلك، فإنّ لكلّ توأم ميزات وقدرات خاصة تؤثّر في تطوّره المعرفي والسلوكي، ولا سيّما في التوائم الكاذبة.

    فمن الثابت، علميّاً وتربويّاً، أنّ التطوّر العام عند الطفل، يمرّ بمراحل معيّنة ولكنّها متداخلة في إطار النموّ المتكامل. وتختلف نسب هذا التطوّر بين طفل وآخر، تبعاً للصفات الذاتية (الوراثيّة) والبيئة التربوية، ولا سيّما البيئة الأسرية. ولذلك، فإنّ صعوبة إقناع الطفل (التوأم) الثاني المعنى بالسؤال، ليست بسبب ظاهرة التمركز حول الذات التي تظهر عند الطفل في هذه السنّ، وإنّما بسبب ضعف قدرة هذا الطفل على إدراك طبيعة الأشياء، بأشكالها وأطوالها وحجومها، وفقاً لمبدأ " إدراك ثبات هوية الأشياء أو كميّتها "، كما يسمّيه / جان بياجه / العالم التربوي الشهير.

    فالطفل في هذه السنّ (السنة الخامسة) لا يمكنه –في كثير من الأحيان – أن يميّز بين الحجوم المختلفة والأشكال الظاهرة، فيعتق- على سبيل المثال – أنّ الكأس الطويلة والرفيعة، تحوى كميّة من الحليب أكبر من الفنجان العريض والأقلّ طولاً، مع أنّ الكميّة هي ذاته. وكذلك الحال بالنسبة لقطع الحلوى والأشياء الأخرى. وهذا كلّه لأنّ التطوّر الإدراكي / المعرفي عند هذا الطفل، أقلّ مستوى ممّا هو عند الطفل الآخر.

    فليطمئنّ الوالدان إلى وضع الطفل، ولا ضرورة لمقارنته بأخيه، أو استخدام العنف والإكراه لإقناعه أو إلزامه بشيء لم يستطع إدراكه بعد.. والأسلوب الأكثر نجاعة وفائدة، هو استخدام التدريب الهادىء المتدرّج، الذي يرفع من مستوى تطوّر الطفل عامة والجانب الإدراكي منه خاصة، ويساعد الطفل بالتالي، على تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة أرقى من الفهم والاستيعاب، والتعلّم الواعي.

   9- المسؤولية التربوية بين الوالدين :

      ســؤال:

   " يختلف الزوجان –أحياناً- حول إيّ منهما أكثر مسؤولية في تربية الأطفال، ولا سيّما إذا كانا يعملان خارج المنزل.. فما دور كلّ منهما في التربية الأسرية؟ وكيفّ يوزّعان المسؤوليّة..؟ "

       جــواب:

   قد بخطر هذا السؤال في أذهان الكثيرين من الآباء والأمّهات، ولا سيّما الأمّهات العاملات خارج المنزل، واللواتي هنّ بحاجة إلى شراكة الزوج التربوية، كما هي الحال في الشراكة العملية / الاقتصادية.. بحث لا يحمّل أحدهما المسؤولية إلى الآخر، ويعفي نفسه منهما تحت حجج غير مقبولة، باعتبارهما يعيشان الظروف ذاتها.

    إنّ الشراكة الزوجيّة / الأسرية، ليست في العيش المشترك في بيت واحد وإنجاب الأطفال، وتأمين مستلزمات نموّهم بالوسائل المتاحة، وإنّما هي أيضاً، المشاركة المتكافئة والمتكاملة في تربية هؤلاء الأطفال، ليكونوا أعضاء فاعلين ونافعين لأنفسهم ولمجتمعهم. ولذلك، فإنّ من الخطأ أن يحمل أحد الوالدين بمفرده، الأب أو الأم، مسؤوليّة هذه التربية، وإن كانت مسؤوليّة كلّ منهما تختلف من مجتمع إلى مجتمع، ومن أسرة إلى أسرة، بحسب أوضاعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

    قد تكون مسؤولية الأم في السنوات الخمس الأولى، من عمر الطفل، أكبر من مسؤولية الأب بالنظر لطبيعة علاقة الأمومة التي تربط الطفل بأمّه في هذه المرحلة،  ولا سيّما من حيث الغذاء واللباس  وقضاء بعض الحاجات الذاتية والاجتماعيّة.. فإنّ هذا لا يعفي الأب بالمطلق  من مسؤوليته تجاه تربية الطفل، كالجلوس معه يوميّاً ومداعبته، أو اصطحابه في نزهة قصيرة إلى حديقة أو مكان عام؛ فيلبّي الأب بذلك حاجة أبوية / عاطفيّة عند الطفل، ويدرّبه بالتالي على أساليب الحياة التي تنتظره في المستقبل.

    وهكذا تستمرّ مسؤوليّة الزوجين بالتقارب والتعادل، إلى أن تصبح متساوية مع  نمو الأطفال وتقدّمهم في العمر.. وقد تصبح مسؤوليّة الأب أكبر من مسؤوليّة الأم في مرحلتي المراهقة والشباب.. فتتحقّق من خلال ذلك، المعادلة المتكافئة / المتكاملة، في حمل الوالدين مسؤولية تربية الأبناء وبناء الأسرة السعيدة، حيث لا يكون فيها غالب ولا مغلوب.

  10- الطفل وحبّ الأكل :

       ســؤال:

   " طفلة لها من العمر تسع سنوات، تحبّ الأكل كثيراً وكأنّها لم تشبع.. حاول الوالدان في ضبطها وإفهامها مضار هذه الشراهة، ولكن دون جدوى.. فما هي الطريقة الأجدى لضبطها وتنظيمها..؟ "

       جــواب:

    أثبت البحوث العلميّة والدراسات النمائية، أن شهيّة الأطفال للطعام، بوجه عام، تزداد بشكل ملحوظ ابتداء من السنة الثامنة، وبشكل مختلف عن السابق، حيث تزداد كميّة الطعام التي يتناولونها زيادة مطّردة تثير استغراب الوالدين وربّما قلقهم. وحتى أولئك الأطفال الذين كانوا يُقلِقون والديهم بسبب قلّة أكلهم، فقد أصبحوا يظهرون مزيداً من الاهتمام بطعامهم.. وهذا ما يؤدّي إلى زيادة سريعة في أوزانهم، وظهور السمنة على الكثيرين منهم.

   إنّ شهيّة الأطفال هذه إلى الطعام، تبقى مفتوحة ونشيطة حتى سنّ الثانية عشرة، وتبدأ في التحسّن في الثالثة عشرة، حيث يستطيع الطفل / الحدث أن يضبط إلى حدّ ما.. وفي السنة الخامسة عشرة، يصبح التوازن في تناول الطعام، أمراً واقعاً عند الفتيان والفتيات.

    فليس ثمّة مشكلة إذن، عند الطفلة المعنيّة بالسؤال، فيما إذا لم تكن لديها مشكلة صحيّة، كالإفراط في عمل الغدد الدرقيّة مثلاً. وكلّ ما يمكن أن يفعله الوالدان، هو مراقبة الطفلة وتوجيهها بطريقة وديّة في أثناء تناول الطعام، بحيث لا تشعر بأنّهما ينظران إلى كثرة أكلها وكأنّها ترتكب ذنباً كبيراً..

    والأمر الأكثر أهميّة في هذه المعالجة، يكمن في قدرة الوالدين على إقناع الطفلة بضرورة الاعتدال في تناول كميات الطعام، وليس في الامتناع عن الطعام، ولو لفترات، ومن ثمّ تعويدها على ضبط وجبات الطعام في مواعيد محدّدة، والامتناع عن تناول أي نوع من الطعام بين هذه الوجبات..لأنّ ذلك يؤدي إلى السمنة التي تسيء إلى مظهرها أمام الآخرين، وربّما تتسبّب في بعض الأمراض..

    فتتعزّز لدى الطفلة قوّة الإرادة وضبط النفس، وتعتاد على ذلك في حياتها الآنية والمستقبليّة.

 أقراء أيضا :الاثار التربوية ومستقبل الابناء

  11- معاملة الطفل المتطرّف :

      ســؤال:

   " يتردّد بين الحين والآخر، مصطلح " الطفل المتطرّف " أو " الطفل المتوحّد " ما هو المعنى الدقيق لهذا المصطلح؟ وما هي الطريقة المناسبة للتعامل مع هكذا طفل..؟ "

     جــواب:

   لا بدّ من التأكيد بداية، أنّ مصطلح " الطفل المتطرّف " أو " الطفل المتوحّد " يتردّد أو يرد كثيراً في أدبيات علم النفس وعلم التربية. وتشير هذه الأدبيات في معظمها، إلى أنّ الطفل المتطرّف (المتوحّد) هو بوجه عام: ذلك الطفل الذي لا يربط نفسه بالآخرين من حوله، أو بالأوضاع العامة، بطريقة عاديّة، بل يبدو تحلّلاً من هذه الروابط، ويكون أكثر سعادة عندما يترك وحيداً يختلي مع ذاته..

   وبذلك يتميّز هذا الطفل بالبرودة والفتور في علاقاته الشخصيّة مع محيطه المادي والاجتماعي، حيث يتصرّف وكأنّ الناس الموجودين حوله غير موجودين، بينما هو منكفىء على نفسه ومتوحّد مع ذاته، إلى حدود التطرّف التام.

    قد يكون سبب التطرّف (التوحّد) عند الطفل، معاناته من سوء معاملة والديه، أو شعوره بأنّ والديه يهملانه أو يتنكّران لوجوده.. وغير ذلك من أساليب القسوة والحرمان. ولذلك يكون السبب الرئيس لتصرّف الطفل المتطرّف، هو هروبه من معاملة الوالدين غير المناسبة له، والخروج من دائرة الحرمان الذي يعاني منه، إلى عالم متطرّف يبدعه ويعيشه مع ذاته.

     واستناداً إلى هذه الأسباب، ينصح الوالدان –في هذه الحال- بالتقرّب إلى الطفل ومنحه العاطفة الأبوية الدافئة، والعمل على تغيير مشاعره السلبية تجاههما، بما يعزّز الثقة المتبادلة معه، بحيث يدرك أنّها لا يتجاهلانه بل يقدّرانه ويحترمانه.. على أن يتمّ ذلك من دون اللجوء إلى الاستعانة بخبراء من علم النفس والتربية، إلاّ إذا تطلّب الموقف نوعاً ما من المساعدة.

    وسيجد الوالدان، بعد وقت ليس بطويل، أنّ الطفل سيعود إلى طبيعته العادية، ويحيا حياة سويّة وطبيعيّة، على الصعيد الذاتي والصعيد الاجتماعي..

 12- الأطفال ونسج القصص الوهميّة :

        ســؤال:

   " طفل في السادسة من عمره، يلزم والديه بالاستماع إليه وهو يسرد قصصاً وهميّة لا أساس لها من الصحّة، على الرغم من بإشعاره بأنّه يكذب.. أي نوع من الكذب هذا؟ وما هي أبعاده النفسيّة والتربويّة؟ "

    جــواب:

   إنّ القصص التي يقوم الطفل بسردها، لا تدخل تحت أي نوع من أنواع الكذب، بمفهومه الحقيقي، وإنّما هو نوع من الكذب يسمّى: " الكذب الادّعائي " الذي يسمح لخيال الطفل أن ينشط ويؤلّف قصصاً بأحداث وشخصيّات، لا أساس لها في الواقع.. وأكثر ما يظهر هذا النوع من الكذب، عند الأطفال الذين يعانون من الشعور بالنقص، سواء بين أفراد أسرته، أو بين رفاقهم في الحيّ والمدرسة.

    ويلجأ بعض الأطفال إلى هذا الأسلوب القصصي الادّعائي (الكذب الادّعائي)، من أجل المبالغة التعويضيّة عن النقص الذي يشعرون به، تجاه ما يملك رفاقهم، أو يأتي استجابة لردّات فعل ناتجة عن مؤثّرات سلبية يتعرّض لها الأطفال في الأسرة، منشؤها العلاقات التربوية الخاطئة، فيلجأون إلى هذا الأسلوب لاستدرار العطف والتقبّل، والحصول على اهتمام الآخرين.

    وبما أنّ هذا النوع القصصي، ما هو إلاّ مظهراً من مظاهر الكذب الادّعائي العَرَضي، الناتج عن مواقف مثيرة له ومعزّزة، داخل الأسرة أو خارجها، فلا ضرر منه فيما إذا استطاع الوالدان احتواءه والتخفيف منه، أي عقلنته. ولكنّ هذا يحتاج من الوالدين التقرّب إلى نفسيّة الطفل وإحاطته بالأمن والاطمئنان، وتعرّف الأسباب الكامنة وراء نشاطه في نسج هذه القصص، ومن ثمّ مناقشته في طبيعة هذه القصص، وتوضيح الخطأ في الأسلوب الذي يتّبع في سردها.

    ولا ينسى الوالدان، الابتعاد عن أسلوب التسفيه والتحقير، في معالجة الموقف، لتحاشي أية تأثيرات قد تزيد من جنوح خيال الطفل.. وأن يكونا بالتالي قدوة للطفل، في حديثهما الذي يجسّد الواقع على حقيقته من دون تزييف أو تشويه.

 13- الأم والمزاج العَكِـر : 

     ســؤال:

   " تعاني سيّدة من مزاج عَكِر، بين الحين والآخر.. تحاول أن تضبط نفسها لئلاّ يؤثّر وضعها في العلاقات الأسرية، ولكنّها تفشل.. ما أسباب هذه المعاناة؟ وما هو الحلّ المناسب لهذه المشكلة؟ "

     جــواب:

   ثمّة ارتباط بين العواطف والأمزجة بأنواعها المختلفة، أي ترتبط بالجانب الانفعالي من شخصيّة الإنسان.. ولذلك، فإنّ الأمزجة قابلة للثبات في معظم الأحيان، إلى درجة تصل فيها أن تصبح مشكلة نفسيّة / عصبيّة، تفلق صاحبها ومن حوله.

   وتنجم مشكلة (المزاج العَكِر) عن أسباب كثيرة، منها ما يتعلّق بالأم ذاتها، كعدم القدرة على تحقيق طموح معيّن، أو نتيجة لشعور داخليّ سلبي (عقدة الذنب مثلاً _ أو فشل في عمل قامت به ولم تستطع أن تعترف به..) ما زالت تعاني منه الأم بين الحين والآخر، سواء كان هذا الشعور حقيقة أو وهماً. ومن هذه الأسباب ما يتعلّق بالبيئة الأسرية خاصة والبيئة المحيطة عامّة، ولا سيّما: العلاقات الزوجيّة غير السوية، الحياة الأسرية غير السليمة، أو ظروف العمل المهني ومشكلاته..".

   ومهما يكن سبب هذا المزاج العَكِر، فإنّ من أفضل وسائل التخلّص منه، هو تجاهل هذا المزاج والانشغال عنه بأمور ترفيهيّة، كالرياضة والسباحة والتزهات، وزيارة الصديقات.. وكذلك ممارسة هوايات الخياطة والأشغال اليدوية.. كما تنصح الأم هنا، بالإكثار من تناول الأطعمة الغنيّة بالبر وتينات، لأنّها تمدّ العقل/ الذهن بالطاقة والتيقّظ، إضافة إلى محاولة النوم بعمق ولساعات كافية.

    ولا بدّ من التأكيد أخيراً، أنّ ثمّة دراسات نفسيّة متعدّدة، أثبتت أنّ من أنجع الوسائل في معالجة أي شعور سلبي في الجانب الانفعالي،يكمن في إدراك أسباب هذا الشعور، ومن ثمّ الاستخفاف به والتقليل من شأنه، وتجاوزه بموضوعيّة وعقلانية.

 14- الوالدان ووقت العناية بالأطفال :

     ســؤال:

   " استنفد تعقيد الحياة ومتطلّباتها معظم الوقت عند الوالدين، بحيث لم يبقّ لهما ما يكفي للعناية بتربية الأبناء.. ماذا يفعل الوالدون لتدارك هذه الظاهرة التي بدأت تنعكس سلبيّاً على الحياة الأسرية بوجه عام..؟ "

 

      جــواب:

   إنّ السباق مع الزمن مع الزمن أمز واقع، ولا يمكن تجاهله.. وقد أصبح من سمة العصر الحاضر، نعيشه في حياتنا اليوميّة بمعطياته المختلفة، بحيث نشعر على الدوام بأنّ الوقت يداهمنا ويدركنا، ونحن مشغولون بالعمل المتواصل لتأمين متطلّبات الحياة المتزايدة باستمرار.. وهذا كلّه على حساب الحياة الأسرية وتربية الأبناء.

    إنّ انغماس الآباء والأمهات في أمور الحياة اليومية، يجعلهم ينسون أنفسهم ويمنعهم من الجلوس وقتاً كافياً، مع الأطفال / الأبناء لمشاركة هؤلاء اهتماماتهم ومناقشة أوضاعهم الخاصة والعامة (النفسيّة والدراسيّة والاجتماعية). ويتناسى الوالدون – شاؤوا أم أبوا - أنّ إهماله هذا يتنافى مع مهمّاتهم التربوية، التي تعزّز علاقات الأبوّة الحميمة والمودّة المتينة بينهم وبين الأبناء، ومن ثمّ بين أفراد العائلة جميعهم.

    وممّا لا شك فيه، أنّ تنظيم الوقت الأسري من قبل الوالدين، ولا سيّما إذا كانا يعملان خارج المنزل، له أهميّة كبيرة في إيجاد الظروف(الفرص)  المناسبة للقاءات أسرية دائمة وفاعلة، تسهم إلى حدّ بعيد في توطيد العلاقة الوالدية / التربوية مع الأبناء، وتفعّل دورها التربوي. وذلك من خلال استثمار الوقت الذي يقضيه الوالدان مع الأبناء، مهما كانت مدّة اللقاء.

    فليس المهمّ في الأمر هو طول اللقاء، وإن كان ضرورياً في بعض الحالات إذا كان الأطفال بحاجة إليه، وهذا من حقّه على الوالدين، ولكنّ الأهمّ من ذلك، هو كيفيّة توظيف الوقت في هذا اللقاء لصالح المهمّة التربوية، التي تعدّ من مسؤولية الوالدين معاً..

   ولك لا أحد يمكنه أن يحدّد موعد اللقاء، أو الساعات التي يتطلّبها هذا اللقاء، سوى الوالدين الذين يشعران بقيمته، ويقدّران أهميّته في تأدية واجبهما التربوي، وخلق الأجواء الأسرية السعيدة.

أقراء أيضا : الاثار التربوية ومستقبل الابناء 2

 15- صعوبة النطق عند الأطفال :

      ســؤال:

   " طفلة لها من العمر سنتان ونصف السنة، لم تستطع نطق الكلمات بسهولة، حتى البسيطة منها.. تبدو خائفة ومتلعثمة، مع أنّها لا تعاني من مشكلة صحيّة.. ما أسباب هذه الصعوبة؟ وما العمل لتدراكها..؟ "

     جــواب:

      يقولون في علم الاجتماع وعلم التربية:(أنّ  الإنسان ابن البيئة.. والإنسان كائن اجتماعي..). وبما أنّ الطفل إنسان لم يكتمل نمّه بعد، فإنّ مشاعره وانفعالاته تتحدّد من خلال البيئة التربوية التي ينشأ فيها، والتي تربط إلى حدّ بعيد بالنظام اللغوي الخاص بالطفل، والذي يتعلّمه من محيطه الأسري /الاجتماعي، ويستخدمه بالتالي في التعبير عن آرائه وانفعالاته في الوقت المناسب.

    يقول عام النفس / إميل بنفيست / في هذا الصدد: " إنّ الطفل يبدأ في التعبير عمّا يجول في داخله، انطلاقاً من الحالة النفسيّة التي يعيشها، والتي تعكس بالضرورة، علاقة الطفل بالبيئة المحيطة بصورة عامة، وبالبيئة الأسرية بصورة خاصة.."

    ويؤكّد علماء اللغة وعلماء نفس الطفل، أهميّة اللغة التي تستخدمها الأم في التعبير عن المشاعر الطفولية تجاه الطفل، ومحاورته في بعض الأمور الخاصة به، وبكلمات يستطيع أن يتعلّمها ويستخدمها.. على أن يكون ذلك التعلّم في جو ودّي /هادىء، بعيد عن الضغط والإكراه الذي يستخدمه كثير من الوالدين كأسلوب للتعليم والتعلّم.. ويعتقد أنّ والدا الطفلة المعنيّة بالسؤال يستخدمان هذا الأسلوب في تعلميها لفظ الكلمات.

    ولذلك، فإنّ وضع الطفلة لا يدعو إلى الخوف أو القلق، إلاّ إذا وضعها الوالدان في المواقف الصعبة، لأنّها لو تمتلك بعد القدرات اللازمة لتعلّم النطق السليم، وفي ذلك فروق فرديّة بين الأطفال الذين هم في سنّ واحدة. وإذا كان اللغويون / التربويون يرون أنّه لكي يتعلّم الطفل اللغة بصورة جيّدة، يجب أن نضعه في حمام من اللغة، فإنّ توفير الراحة النفسيّة للطفلة –في هذه الحالة – مع التدريب الواعي، يعتبر من أهمّ العوامل التي تسهم في تنمية قدراتها اللفظيّة، وتساعدها بالتالي في إتقان التعلّم اللغوي الفعّال، والاندماج الاجتماعي الإيجابي.

 16- الطفل ومشاهدة نشرات الأخبار :

        ســؤال:

   " طفل في السابعة من عمره، مولع بمشاهدة نشرات الأخبار التلفازية، أكثر من مشاهدة برامج الأطفال.. حاول الوالدان منعه ولكن دون جدوى.. ماذا يفعلان لحماية الطفل من تأثير الأحداث المؤلمة..؟

 جــواب:

   لا بدّ من التأكيد –بداية- أنّ خوف الوالدين على الطفل، هو خوف في محلّه.. ومن الخطأ الكبير أن يعتقد الأهل أن الأطفال الصغار لا يعون، أو لا يعيرون اهتماماً لما يرونه أمامهم من أحداث مؤلمة أو صور مرعبة، سواء في الواقع، أو على شاشة التنلفاز.. بل إنّ الأطفال على العكس من ذلك الاعتقاد تماماً، فهم يختزنون هذه المشاهد في مناطق لا شعورية في أذهانهم، ريثما تتفاقم وتؤدّي إلى نتائج سلبيّة، قد تكون تأثيراتها كبيرة في نفوسهم وعلاقاتهم مع الآخرين.

    وفي هذا الصدد، يخذّر الدكتور / جون كانتر /خبير الإعلام والاتصال، في كتابه الذي يحمل عنوان: " أمّي...أمّي.. إنّي خائف.." الصادر عام 1997، الأهل من السماح للأطفال دون الثامنة من العمر، بمشاهدة نشرات الأخبار بوجه عام..

    ويمكن للأطفال بعد سنّ التاسعة، أن يشاهدوا بعض الفقرات من نشرات الأخبار، بصحبة الأهل الذين ينبغي عليهم أن يقوموا بشرح هذه الأخبار وتوضيح دلالاتها أمام الأطفال، بما يتناسب مع قدراتهم على التحلية والاستيعاب.. ولا سيّما تلك الأخبار المتعلّقة بالحروب والكوارث وأحداث العنف.. وغيرها ممّا يثير الاضطراب والخوف في نفوس الأطفال، بحيث لا تترك مشاهد هذه الأخبار أيّة تساؤلات غامضة أو تصوّرات مشؤّشة عندهم.

أقراء أيضا : الاثار التربوية ومستقبل الابناء 3

تعليقات

  1. سبحان الله والحمدالله والاالله الاالله والله اكبر والاحول والاقوة الابالله

    ردحذف

إرسال تعليق

مرحبا بتعليقك عبر عن رائيك شاركنا....

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم التربية الأخلاقية وأهدافها واهميتها طرائقه

  أولاً- مفهوم التربية الأخلاقية وأبعادها  يجمع المربون على أنّ تنمية القيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، جزء أساس من عناصر التربية العامة، وأنّ كلّ تربية تخلو من العناصر الأخلاقية، ما هي إلاّ تربية عديمة الجدوى.  فتربية الشخصية المتكاملة والمتوازنة، لا تتحقّق إلاّ مع التربية الأخلاقية السليمة، باعتبار أنّ الأخلاق إذا ما تأصّلت في ذات الفرد، تصبح قوّة دافعة للسلوك والعمل والتعامل الإيجابي والفعّال.  وانطلاقاً من هذه الأهميّة للأخلاق والقيم والأخلاقية، فقد جهد الباحثون والدارسون، في إعطاء مفهومات للتربية الأخلاقية، من جوانبها المختلفة.  فعرّفت التربية الأخلاقية من حيث تعليم القيم الأخلاقية، بأنّها: التعليم المباشر وغير المباشر للأخلاق بهدف التعرّف إلى قيمة السلوك الخيّر أو الخُلقي، في ذاته من جهة، وبالنسبة للأفراد والمجتمع من جهة أخرى، وتحليل المبادىء التي تتحدّد في ضوئها هذه القيمة أو تلك..  أي أنّ التربية الأخلاقية هي: تعليم المبادىء الأخلاقية وممارستها، أو هي تكوين بصيرة  أخلاقية عند الطفل / الفرد، يمكنه بها التمييز بين سلوكي الخير والشرّ.  ...

العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية

     تمتاز التربية الأسرية بأنّهما عمليّة نفسيّة – اجتماعية، يخضع لها الفرد (الكائن البشري) من ولادته حتى نضجه، حيث يصبح شخصاً اجتماعيّاً كامل الصفات والموجبات اللازمة لعضويته الاجتماعيّة.وتقوم هذه العملية على التفاعل بين الطفل والأسرة، من خلال مجموعة من الروابط والعلاقات التي تنظّم حياة الأسرة، وتحدّد دور كلّ فرد فيها..وثمّة عوامل مؤثّرة في هذه العلاقات، تتمثّل في أوضاع الأسرة: (العاطفية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية)، حيث تتفاعل هذه العوامل فيما بينها، لتشكّل طبيعة النظام الأسري الذي ينعكس بدور على تربية الأبناء وتنشئتهم، بصورة إيجابية أو سلبيّة.     فما   الأوضاع الأسرية التي تؤثّر في التربية الاجتماعيّة؟ وكيف تتعامل معها الأسرة؟      أقراء أيضا :العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية أولاً- الوضع العاطفي للأسرة :         يختلف تأثير الأسرة في النمو الاجتماعي للفرد،   تبعاً لنوع الأسرة   والعلاقة العاطفية التي تربط بين أفرادها، إيجاباً أو سلباً. فعلاقة الطفل بالأب في سنو...

مرطب للبشرة

 المكونات خذي بياض بيض   ملعقة حليب  ملعقة عسل طريقة العمل واخلطيها جيدا وضعيها على الوجه لمدة 15 دقيقة ثم اغسلي وجهك  أقراء ايضا للحصول على شعر أسود لامع  وصفه مضمونه ومجربه لعمل رموش كثيفة  مرطب طبيعي للشفاه  طريقة العناية بالقدمين  وصفة لزيادة الوزن الطبيعي من 5 الى 7 كيلو فى الشهر وصفه مجربه لزياده الصدر مرطب طبيعي  لاطاله الشعر في شهر ونصف  اكليل الجبل لعلاج قشرة الشعر الدهني  وصفه لشد الوجه  وصفه لبشره صافيه و نقيه للحصول على اظافر قويه وصلبه وصفة لتكثيف الشعر  لشعر ناعم كأنه مستشور طريقه عمل زيت مساج في المنزل  مرطب طبيعي للوجه لبشرة كالحرير  طريقة تفتيح  وتنعيم الكوع والركبة تنعيم وتفتيح اليدين  طريقة نفخ الشفاه في المنزل  طريقة عمل ماسك لشد الوجه  ماسك للبشره الدهنيه  فوائد بياض البيض للبشره  توجد العديد من الفوائد التجميلية لبياض البيض منها  أنه يحارب حب الشباب  يصغر المسامات الكبيره   يقوم بالتخلص من الرؤوس السوداء يمنع انتفاخ منطقه حو...