1-
التربية والحريّة :
يقول / جوهان هربرت / التربوي الشهير:
" إنّ التربية لتغدو طغياناً وظلماً..
إذا لم تؤدِّ إلى الحريّة..! "
إذا كانت التربية – بطبيعتها وأهدافها _ هي
إعداد الإنسان للحياة، فكيف يكون هذا الإنسان فاعلاً في مجتمعه ومنتجاً، إذا لم
يمنح الحريّة اللازمة لكي يمارس نشاطاته ويوظّف قدراته على الوجه الكامل.
فالتربية مسؤولة عن تأمين الحريّة للطفل،
وتدريبه على كيفيّة ممارستها بصورة إيجابية، وبما يتيح له اختيار نشاطاته وتنظيم
أفعاله، وتحديد سلوكاته بموجبها.. مع الأخذ في الحسبان تلك الفروقات الفرديّة بين
الأطفال. فالطفل مهما كانت سنّه، لا يُظهر طبعة وميوله وقدراته، إلى عندما يعيش
الحريةّ بأبعادها الذاتية والاجتماعية..وهذا من المبادىء الأساسيّة التي تبنى
عليها التربية الإيجابية / الفعّالة.
وكما يقول المصطلح التربوي الحديث: "
حيث يوجد أقصى حظّ كمن الحريّة، يحصل المرء على أقصى قدر من التربية.."
2ـ تربية
الجرأة والاعتماد على الذات :
يقول مثل تربوي:
" يعلّم بعض الأهل أطفالهم على السير في
الصغر... وعلى الحبو في الكِبَر.."
إنّ من المهام التربوية الأساسيّة التي يقوم بها الوالدان، هي
تمكين الأطفال / الأبناء من الاعتماد على أنفسهم، صغاراً كانوا أم كباراً.. وذلك
بتنميّة شخصياتهم المستقلّة، الواثقة من نفسها والقادرة على تحمّل مسؤولياتها
الخاصة والعامّة، وليست الشخصيات المتواكلة بالمطلق على الوالدين، والمستسلمة
لقراراتهم ولكلّ ما يرضيهم..
صحيح أنّ سلطة الوالدين (القيادية
والتوجيهيّة) مطلوبة في العمل التربوي البنّاء.. ولكنّ الصحيح أيضاً هو أنّ تنمية
حرية الأبناء مطلوبة، في التعبير عن الرأي، والإرادة والشجاعة، وتوكيد الذات..
وهذه كلّها من الصفات الشخصيّة التي يجب أن تهتمّ بها التربية الأسرية، وتعمل على
تكوينها وتفعيلها بالتدريب والممارسة الفعليّة.
3 - الحريةّ والعبوديّة :
تقول / باركهرست / الخبيرة بتربية الأطفال:
" إنّ الطفل الذي يفعل ما يروق له، ليس
طفلاّ حرّاً، بل هو على العكس من ذلك، معرّض لأن يغدو عبداً لعاداته
السيئة.."
إنّ في هذا القول ردّاً حاسماً على معاملة
بعض الوالدين، التي تقوم على الدلال المفرط، والحرية المطلقة من دون ضوابط أو قيود
محدّدة، توجهّ سلوكات الأطفال وتشعرهم بالواجب والمسؤولية تجاه ذواتهم، وتجاه
الناس المحيطين بهم.
لا شكّ أن منح الحريّة للأطفال، مطلوبة
وضرورية لنموّهم (النفسي والعقلي والاجتماعي)، ولكنّ هذه الحريّة هي الحريّة
المنظّمة التي تنمو وتمارس ضمن الأسرة، وتستند إلى القواعد والمبادىء التربوية
التي تهذّب سلوكات الأطفال وتؤطّر حياتهم كأفراد داخل الأسرة وخارجها.. وليست
الحريّة المطلقة التي تتحوّل إلى فوضى تكسب الطفل عادات سيئة تسيطر عليه وتضرّ
بحياته الآنية والمستقبلية. كما يقول المثل الدارج: " لا تترك الحبل طويلاً
لابنك، حتى لا يشنق نفسه به.."
فالحرية مسؤولية، والمسؤولية واجب..وهذا ما يجب أن يدركه الطفل وينشأ عليه ويمارسه. أقراء ايضأ : أقــوال تـربـويّـة 2
4 -إجابة الطفل بكلمة (نعم أو لا) :
تقول حكمة تربوية:
" إنّ كلمة: (نعم) أو (لا) من أقصر
الكلمات وأقواها.. وهي التي تتطلّب قدراً كبيراً من التفكير قبل النطق بها.."
إنّ في هذا القول تنبيهاً وتذكيراً للآباء
والأمهات، بأن يفكّروا برويّة قبل أن يتّخذوا قراراتهم ومواقفهم في التعامل مع
الأبناء.. فلا يجوز أن يتشدّد الوالدون في قراراتهم، أو يتصلّبوا في آرائهم، أو
يتسرّعوا في الحكم على تصرّفات أطفالهم.. بل على الوالدين بوصفهم مربّين أيضاً، أن
يتحلّوا بالروية والمنطقية في تحليل المواقف وظروفها، وتقدير ما ترتّبه نتائجها
عليهم وعلى الأطفال.. ومن ثمّ إصدار الحكم القاطع عليها بكلمة: (نعم أو لا) بما يضمن التأثيرات الإيجابية وتلافي
التأثيرات السلبية.
وفي ذلك ممارسة لقيم، ضبط النفس والحكمة
والمسؤولية، في اتّخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، بحيث يكون صحيحاً ومقنعاً
للأبناء، يقتدون به ويتمثّلون به ممارسة دائمة.
5-صراخ
الطفل في وجه الوالدين :
يقول مثل تربوي:
" إذا صرخ طفلك في وجهك... فاعلم أنّك
تضايقه...! "
قد يستغرب الوالدان إذا صرخ طفل في وجه
أحدهما، معبّراً عن رفضه وامتعاضه من معاملتهما القاسية له. وذلك، لاعتقاد
الوالدان أنّ كلّ ما يرونه مناسباً للطفل، يجب أن يتقبّله بتسليم مطلق. فالوالدون يقدّمون للأبناء كثيراً من النصائح
والتوجيهات التي يعتقدون أنّها صحيحة وتصبّ في مصلحة هؤلاء الأطفال وتهذيب
سلوكاتهم.. ولكنّها في حقيقة الأمر، ليست صحيحة وليست تربوية، فيتحملّ الأطفال
مراراتها ويصمتون على معاناتهم منها، ولكن إلى حين.. ثمّ ينفجرون ويصرخون في وجوه
والديهم معبّرين عن الآثار السلبية لتلك الأخطاء التي ارتكبت بحقّهم.
وهذا يتطلّب من الوالدين تقبّل الموقف بهدوء،
ومعالجته بوعي من خلال العودة إلى ذواتهم، والكشف عن الأسباب والعمل على تلافيها..
ولا ضير من الاعتراف بالخطأ أمام الأطفال.
6-تنمية
مواهب الأطفال :
يقول المفكّر العربي / مصطفى أمين /:
" إنّ المواهب أشبه بالزهور، تحتاج إلى
النسمة والشمس لتنمو وتزدهر.. لمنّها تموت في البحيرات المظلمة..."
تشير دلالات هذه القول، إلى أن يعمل الوالدون
والمربون على تأمين الأجواء الصحيّة، والمناخات النفسيّة / التربوية، لكي ينمو
الأطفال نموّاً سليماً، بحيث تتفعّل قدراتهم
وتتفتّح مواهبهم، من دون أيّة عوائق..
إنّ محبّة الوالدين للأطفال، هي الشمس التي
تمنح هؤلاء الدفء وتمدّهم بالنور الهادي.. كما أنّ رعاية الوالدين للأطفال وتأمين
متطلّبات نموّهم، من دون قسوة أو ضغوطات، هي النسمات التي تتيح للأطفال الشعور
بالأمن والراحة والهدوء.. وتأمين هذه الحاجات كلّها، يوفّر للأطفال فرص التفاعل
والإنتاج والإبداع، حيث يوظّفون مواهبهم أيّما توظيف.
7-الوالدون والجيل الجديد :
يقال في صراع الأجيال:
" إنّ الآباء والأمّهات يتحدّثون عن
الجيل الجديد، وكأنّما لا شأن لهم به.."
إنّه لمن المؤسف، بل
والمؤلم، أن يجد في الواقع كثير من الوالدين الذين يتحدّثون عن شباب الجيل الجديد،
بالتأنيب والتسفيه تارة، وبالرفض المطلق لأفكارهم تارة أخرى.. وكأنّ لا علاقة
للوالدين بهؤلاء الشباب، ويتناسون أنّها قاموا بتربيتهم وتنشئتهم.. وأن هؤلاء
الشباب هم نتاج التربية التي مورست عليهم.
إنّ
تبرّؤ(تنصّل) الوالدين من مسؤولية ما وصل إليه الجيل الجديد – كما يدّعون-
لا مبرّر له، ولا يجوز أن يحاسب هذا الجيل على قيم وسلوكات زرعها الكبار عنده.
وأنّ المطلوب – بدلاً من ذلك، هو أن يعمد الوالدون إلى تفهّم واقع هذا الجيل،
والظروف الحياتية التي يعيشها، أو سيعيشها، وبالتعامل معه وفق هذا الواقع وهذه
الظروف، التي تختلف بطبيعة الحال، عمّا عاشه الوالدون في شبابهم.. وهذه سنّة
الحياة في التغيّر والتطوّر..!
8-الطفل واللَعِب :
يقول / أوشينسكي /:
" إنّ الطفل في اللعب يعيش حياة خاصة..
وتبقى آثار ذلك عميقة في ذات الطفل، أكثر من آثار الحياة ذاتها.."
لقد أولت التربية الحديثة
لًعِب الأطفال، أهميّة كبيرة باعتباره وسيلة تربوية / تعليميّة ممتازة، إذا ما
أُحسِن اختيار الألعاب وتوظيفها بالشكل المطلوب.. وهذا ما شدّد عليه / جان بياجه /
بمطالبته توظيف روح اللَعِب عند الأطفال، في العملية التربوية / التعليمية.
ومن هذا المنطلق، فإنّ قول / أوشينسكي / يدعو
الوالدين والمربّين إلى اختيار الألعاب المناسبة للأطفال، وتهيئة الفرص المناسبة
لهم لطي يمارسوا نشاطاتهم العلمية / المعرفيّة من خلالها، بما يفرّغ طاقاتهم
بأعمال ممتعة ومفيدة، ويكسبهم سلوكات شخصيّة هامّة، من النظام والانضباط، وضبط
النفس وتحمّل المسؤوليّة، وحّسن التعامل مع الآخرين..!
9-الأسرة وتربية المشاعر الخيّرة :
يقول أحد التربويين:
" يبدأ حبّ الخير في البيت... ولكنّه لا
يقف ببابه أبدأً، بل ينطلق في الاتّجاهات كلّها "
إنّ فعل الخير، أو حبّ
الخير للآخرين، يعدّ من القيم الأخلاقية / الاجتماعية السامية، التي ترفع من شأن
صاحبها، وتجعله ينال الرضى من ذاته، والاحترام والتقدير من الآخرين..لأنّ الخير ما
زال – وسيبقى- واحداً أساساً من الثلاثي المقدّس: (الحقّ والخير والجمال).
فالطفل الذي ينشأ في أسرة تحبّ فعل الخير
وتقوم به تجاه الآخرين، سيعتاد على هذا الفعل الخيّر، بعد أن يكتسبه خبرة ويمارسه فعلاً، لينتقل معه إلى المجتمع الكبير، عندما يدخل
الحياة الاجتماعية العامّة.
ففعل الخير إذاً، قيمة مكتسبة، تنمو وتتأصل
عند الأبناء بفعل القدوة الحسنة التي بجسّدها الوالدان في الأسرة. وكما يقول /
بستالوتزي /: (إنّ الأسرة هي مصدر كلّ تربية).
10- تنمية قدرات الأطفال :
يقول / موتيني / الخبير التربوي:
" إنّ الطفل ليس زجاجة ينبغي ملؤها... بل
هو نار يجب إشعالها.."
يفنّد هذا القول تلك
التصوّرات الخاطئة عن طبيعة الطفل، والتي تقول: " إنّ عقل الطفل صفحة بيضاء،
ننقش عليها ما نريد... والطفل عجينة نصنع منها ما نشاء.."
قد يكون الطفل صفحة بيضاء، ولكنّ لها خصائص
وميزات تفرض علينا نوع الكتابة أو النقش.. وقد يكون الطفل عجينة، ولكن لهذه
العجينة نوعيّة خاصة ومواصفات تفرض على الصانع أن يتعرّفها جيّداً، ويعرف ماذا
يمكن أن يصنع منها بشكل جيّد.
فالطفل إذاً، ليس وعاء فارغاً يستطيع
الوالدون والمربّون أن يملأوه بما يريدون، بل هو كتلة من القدرات والاستعدادات
الكامنة التي تعمل التربية على اكتشافها وتفتيحها، وتفعيلها وتنميتها، بدءاً من
التربية الأسرية وانتهاء بأعلى مؤسّسة تربوية، بما يحقّق له الشخصيّة الكاملة.
11-القدوة الوالدية والتحذير :
يقول / برنارد شو / موجّها كلامه إلى
الآباء:
" إذا كان لا بدّ أن تجعل من نفسك مثلاً
لأطفالك.. فليكن ذلك على سبيل التحذير، لا المثال.."
يخطىء بعض الآباء عندما
يريدون أن يصنعوا من أبنائهم نسخاً عنهم، أو صوراً مطابقة لهم في كلّ شيء.. لأنّ
ذلك مستحيل مهما كانت عوامل التشابه العضوي والنفسي بينهما، بحكم المورّثات
الجينيّة.
وإذا كان الأباء يرغبون في أن يكونوا قدوة
حسنة لأطفالهم، فمن المستحسن والمفضّل، أن يكون العزيز وسيلتهم إلى تعزيز المواقف
المرغوب فيها، والتحذير الواعي والمقنع، من المواقف السلبيّة قبل الوقوع فيها..
شريطة أن يتّسم هذا التحذير بالواقعية والمصداقية..
12- أقوال عامّة :
-
يقول / جوهان هربرت /:
"
إنّ التربية تبدأ من البيت..وكلّ تربية تعود إلى البيت.."
-
يقول عالم النفس / روبن سكنر
/:
"
إذا لم يعتنَ بنا بشكل جيّد ونحن صغار... لن نعرف كيف نعتني بالآخرين عندما نصبح
كباراً.."
-
يقول / بيتر دي فريس /:
"
ليست قيمة الزواج في أن ينتج الكبار أطفالاً.. بل قيمته في أن ينتج الأطفال آباء
كباراً.."
-
يقول المثل الدارج:
" متعة
الأم:هي الشيء الذي تشعر به المرأة بعد أن ينام أطفالها كلّهم بسلام.."
13- نصائح للآباء:
- عندما
تكون – أيها الأب –في البيت، حاول ألاّ تفكّر إلاّ بشؤون بيتك وأولادك.. وعندما
تكون في العمل، فكّر فقط في عملك..
- تذكّر
أيها الأب، عندما توبّخ ابنك أ أن تشعره بأنّك تحبّه، ولكنّك لا تحبّ سلوكه غير
السوي.
- تذكّر
أيها الأب، أنّه كلّما أحبّ أطفالك أنفسهم، حاولوا أنم يطوّروا سلوكاتهم نحو
الأفضل.
- حاول
أيّها الأب، أن تنمّي الإحساس بالنجاح في نفوس أبنائك منذ الصغر، واجعلهم يلتفتون
إلى تصرّفاتهم الحسنة.. وامدحهم عندما يتصرّفون بشكل جيّد
- إذا
أرغمت أيها الأب، ابنك على نوع من الدراسة لا يحبّه.. فتكون كمن يحاول أن يحصل على
الصوف من البقرة، بدلاّ من الحصول على اللبن.
سبحان الله والحمدالله والاالله الاالله والله اكبر والاحول والاقوة الله بالله
ردحذف