التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاثار التربوية ومستقبل الابناء

1ـ جعل الطفل في أولوية الوالدين:

  

لا أحد ينكر، أو يتجاهل، أنّ الآباء والأمهات جميعهم، يواجهون بطلبات أسرية ومتطلّبات حياتية هائلة، ولا سيّما من قبل الأطفال. فحياة العائلة مهدّدة دائماً بتزاحم الأولويات، سواء كان الوالدان يعملان معاً خارج البيت، أو أحدهما.. وفي كلا الحالين، ينبغي على الوالدين أن يتعلّما كيفيّة التمييز بين الأمور الهامة والأمور الأقلّ أهميّة، أو عديمة الأهميّة، وموقع الأطفال فيها.

   ولكي يتمتّع أي من الوالدين، الأب أو الأم، بفاعلية أسرية، يجب عليه في واقع الحال، أن يعيد ترتيب أولوياتها باستمرار، بحيث يكون الأطفال في مقدّمة هذه الأولويات بالنسبة للوالدين معاً. ولكنّ المطالبة بوضع الأطفال في الأولوية، لا يعني بحال من الأحوال أن يكون الوالدان ضحيّة لذلك الموقف التربوي الأصيل، أو يكونوا أكثر مثالية من المعقول.. فلا أحد يقول للأب مثلاً: " لا يجوز أن تأخذ وقتاً لنفسك.." وإنّما لا بدّ  أن يأخذ بعض الوقت لكي يحدّد الخيارات المفيدة.

    إنّ أفضل طريقة لتعليم الطفل التمييز بين الجيّد والرديء، هي وضع الحدود الضرورية أمامه بوضوح، والالتزام بها بصورة مطلقة. وإذا ما شعر الوالدان بأنّ الطفل سيقع في صراع قويّ، أو يتراجع في سلوكه أو دراسته، فإنّه من المفضّل في هذه الحال، إعطاؤه وقتاً مناسباً وكافياً للخروج من المأزق، أو إعلامه بأسلوب مبسّط، أنّ أحد الوالدين سيعالج الوضع معه في غضون فترة قصيرة. وإذا كان ثمّة ضرورة لاتّخاذ عقوبة (معنوية)، فمن المستحسن أن تتمّ والوالدان في حالة هادئة.

    وإذا لاحظ الوالدان أنّ الطفل يكسر بعض القواعد المحدّدة في الأسرة، فما عليهما إلاّ أن يتقبّلا هذا التصرّف بطريقة مريحة لا تحطّم ثقته بنفسه، مع تجاهل ما يقوم به من سلوكات مرافقة، كالبكاء مثلاً أو الصراخ. كما يفضّل أن يحذّر الطفل من الفشل إذا قام بعمل ما، بينما يوبّخ على المخالفات التي يرتكبها في البيت، كالقفز على المفروشات أو بعثرة بعض الأدوات.. وغيرها. ولا بدّ من أن يستخدم الوالدان الأسلوب الزجري، الحازم والعقلاني في آن واحد، لإيقاف السلوك العدائي أو اللااجتماعي، الذي يقوم به الطفل، مثل: (الضرب أو العضّ والإيذاء..) أو أخذ الألعاب ورميها جانباً عندما يتصارع مع الأطفال من أجلها.

   ولا بدّ من التأكيد أيضاً، أنّ  السلوك النظامي عند الأطفال، يتمّ من خلال السلوك الإيجابي النموذجي، كأن يقول الوالدان في مخاطبة الطفل: " من فضلك.. شكراً لك.." لكي يتعلّم هذه الأساليب ويمارسها، ويقدّم له الثناء والمديح  عندما يتعاون مع أفراد الأسرة ويقدّم لهم المساعدة.

    وتدعيماً لما تقدّم، فمن المهمّ أيضاً أن يكتشف كلّ من الأب والأم، الطريقة الفضلى للعمل مع الشريك الآخر، بحيث لا يشعر الطفل وكأنّ عليه الاختيار بين الاثنين. وإذا وجد أحد الوالدين إنّه غير قادر على تقديم الدعم العاطفي للطفل، معليه أن يكون نزيهاً وموضوعيّاً في التعامل مع الظروف التي يمرّ بها الطفل، ولا سيّما الحزن والكآبة، ويساعده في الخروج منها.

    ولا ينسى الوالدان، أنّ قضاء بعض الوقت مع الطفل، وفي فترات مناسبة، بشكل يومي ودوري، يقلّل من قلقه ولجوئه إلى الصراخ والعويل والسلوكات السيّئة الأخرى، والناتجة عن حاجته إلى لفت انتباه الوالدين للاهتمام به، ومشاركته مشاعره.

أقراء ايضأ : علاقة الأم بالطفل خلال مراحل الطفولة الأساسية 


2- تعليم الطفل معنى المسؤوليّة:

    إنّ واحدة من أفضل المهمّات التربوية التي يقوم بها الوالدان، هي مساعدة الطفل في كيفيّة الشعور بالمسؤولية، وإدراك أبعاد الخيارات التي يتّخذها بنفسه وباهتمام جيّد، وذلك من أجل إتقان أفعاله أولاً، ومن أجل سعادته ثانياً.. وإنّ الخطوة الأولى لبناء ثقة الطفل بنفسه وتأكيد ذاته، هي أن يقدّم الوالدان للطفل، الخيارات المناسبة نضجه العقلي والنفسي، لكي يستطيع التعامل معها بإيجابية.

   فعلى سبيل المثال، هناك تعزيز لقدرة الطفل، في سنواته الأولى، على الإمساك بالأدوات التي تلزمه من أجل تناول الطعام، أو التعامل مع الثياب التي يرتديها.. وذلك من خلال تقديم خيارين له على الأقلّ لكي يأخذ ما يناسبه. ويكون هذا حتى نهاية السنة الثانية. أماّ في السنة الثالثة، فيستطيع الطفل أن يرتقي بفعله مع المساعدة البسيطة من الوالدين، أو من الأخوة الكبار، كالمساعدة في رفع ألعابه بعد الانتهاء من اللعب، أو رفع الصحون الفارغة بعد الطعام.

   إنّ تكليف الطفل بهذه الواجبات (المهمّات) أو غيرها من الأعمال المنزلية، وقبل سنّ المدرسة، لا يعني تكليفه ببعض الأعمال لمجرّد مساعدة أفراد الأسرة فحسب، بل لتعليمه أيضاً معنى المسؤولية والمشاركة في تحمّلها.

    أمّا الخطوة الثانية في هذا التعليم، فهي تشجيع الطفل على اكتساب مهارات جديدة وجيّدة، مثل ركوب الدراجة أو قراءة القصص بصوت عالٍ.. وإذا ما ارتكب الطفل بعض الأخطاء، ندعه يعمل من خلالها لاكتشافها، ونساعده في تصحيحها، بدلاً من أن نتركه يندفع إلى أشياء لا طائل منها. وهنا ينبغي أن نعزّز شعوره بأنّنا نقدّر الأمور الجيّدة التي يقوم بها، لكي يتعلّم ما هي الاستجابات الهامّة في عمله قبل أن يقوم بها.

   ولا بدّ من التأكيد أيضاً، أنّه عندما يواجه الطفل بتراجع في عمل ما أو بفشل محتوم، فإنّه يتوجّب على الوالدين إن يساعداه في اكتشاف الحلّ، بدلاً من مراقبتهما للمعوّقات من خلال مراقبة ما يقوم به للتعامل معها..

    فإذا بكى الطفل – على سبيل المثال – عندما يأخذ طفل آخر لعبته، فينبغي على الأم أن تقول له: " دعه لنرى إذا كان سعيداً بها أم لا.." وإذا أعلمها طفلها بأنّ ليس له أصدقاء في (روضة الأطفال)، فما عليها إلاّ أن تراقبه مع المربية في الروضة، من خلال دوره في اللعب، أو من خلال طريقة سؤال الأطفال الآخرين عن مشاركتهم اللعب معه، أو من خلال توجيه دعوة جماعيّة لبعض رفاقة لزيارته في البيت..

    وتعمد الأم بمفردها، تجاه هذه الأمور، أو بالتعاون مع الأب، إلى تشجيع الطفل على التفكير السليم والمناقشة البنّاءة، وإن اختلفت وجه نظره عن وجهة نظر أحدهما أو كليهما.. لأنّ ذلك سيحرّره تدريجياً، من مواجهة الآخرين واستنكارهم لآرائه، ويجعله بالتالي أقلّ اتكالاً على غيره وأكثر تحمّلاً للمسؤولية من أجل تأكيد ذاته، والحصول على سعادته.

 

3- تربية الغيريّة وليس الأنانيّة:

 تعدّ الأنانية ظاهرة أو صفة سلبية عند الإنسان، والظاهرة الإيجابية المقابلة (المناقضة) لها هي الغيريّة، التي تعني الطيبة والإيثار والمبادرة طوعاً إلى مساعدة الآخرين. وكلا الظاهرتين (الصفتين) مرتبطتان بمشاعر الإنسان / الفرد وانفعالاته، كبيراً كان أو صغيراً..

 إنّ الفكرة الأساسيّة التي تستند إليها غالبية النظريّات التربوية، قديمها وحديثها، تتركّز حول كيفيّة غرس المشاعر الإنسانية النبيلة في نفوس الأفراد، انطلاقاً من أنّ محبّة الإنسان لأخيه الإنسان الآخر، والتعامل معه من خلال إنسانيته، تعدّ القاعدة الأساسيّة في العملية التربوية، منذ مراحلها الأولى في أحضان الأسرة.

    ولذلك، كثيراً ما يطرح أمام الوالدين والمربّين، السؤال التالي: " كيف نربّي الطفل ليكون مرهف الإحساس، طيّباً القلب ولبقاً في التعامل مع الآخرين؟ وكيف يمكن أن يستمرّ هكذا  في حياته المستقبلية؟! "

    والجواب هو بلا شك ّ، أنّ المعاملة الطيّبة التي يتلقّاها الطفل من ذويه داخل الأسرة،  والمبنيّة على المحبّة والوئام والتعاون، تعدّ العامل الأساسي والأهمّ الذي يسهم بفاعلية في غرس المشاعر الإنسانية الطيّبة والنبيلة في نفس الطفل، ويعمل على تنميتها ووترسيخها.

   فالأسرة التي يسود الحبّ والتفاهم بين أفرادها، ويتعاملون بمودّة واحترام متبادل ومن دون تمييز، سواء بين الوالدين والأبناء من جهة، أو بينهما وبين الأبناء من جهة أخرى، وأيضاً بين الأبناء أنفسهم، تؤمّن هذه الأسرة المناخات المناسبة والتربة الخصبة، لغرس السمات الشخصيّة الطيّبة عند الطفل وتربيتها بصورة سليمة، تنعكس في تعامله الإيجابي مع الآخرين، سوء من أفراد أسرته أو ن غيرهم.

    ولكنّ تنمية هذه السمات لا يتمّ بتوجيه الكلمات الجافّة للطفل، وعبارات الوعظ القسري، مثل: " عليك أن تحبّ أخاك / أختك.. يجب أن تحترم جدّتك / جدّك... يجب أن تحبّ الناس الآخرين، يجب أن تحبّ كلّ إنسان.. وغير ذلك "، بل لا بدّ أن تقترن هذه الأقوال المجرّدة بالأفعال الحقيقية التي يجسّها الوالدان أمام الطفل، بحيث تكون أمثلة ونماذج يحتذي بها ويمارسها في سلوكاته اليوميّة.. فيقدّم من تلقاء ذاته كأس الماء لجدّته، يحترم أخوته الكبار ويساعد أخته الصغيرة في الذهاب إلى الروضة..يتعاون مع أخوته في بعض الأعمال داخل المنزل وخارجه.. يلعب مع أبناء الجيران بألفة ومودّة،  ويتلقّى تجاه هذه الممارسات المدح والثناء من قبل الكبار.

    والخلاصة، إنّ مشاعر الطيبة الحقيقيّة لا تجتمع أبداً مع الأنانية والمراوغة والتزلّف.. وذلك لأنّ شعور التعاطف الصادق، يثير لدى الإنسان الرغبة في مصارحة الآخرين والاعتراف أمامهم بالخطأ إذا ما وقع، والمبادرة إلى مساعدته كلّما اقتضت الحاجة... وهذه الأمور كلّها من سمات الفضيلة، وتدخل في تربية إرادة الخير ومشاعر المودّة التي يبديها الفرد تجاه المحيطين به، والتي يمكن تسميتها (بالبلسم الشافي) من أمراض الأنانية والتعالي والقسوة.

   ولذلك كلّه، يتوجّب على الوالدين والمربّين أن يولوا اهتماماً كبيراً لعملية غرس القيم النبيلة، والمشاعر الطيبّة في نفوس الأطفال، وتربيتها بما يحقّق لهم الأمن والاطمئنان، والتواصل الاجتماعي الإيجابي فيما بينهم، كأفراد في مجتمع.

    ولا ننسى أنّ القسوة والأنانية، تنموان في تربة الاغتراب الأسري والتباعد النفسي / الاجتماعي، بين أفراد الأسرة الواحدة، ومن ثمّ ينتقل إلى المجتمع الكبير، بما ينجم عنه من اللامبالاة وعدم الرغبة في التعاون مع الآخرين ومساعدتهم.

أقراء ايضأ :الاثار التربوية ومستقبل الابناء4

 

4- توقّع الأفضل من الأطفال وليس الأسوأ:

   لا شكّ أنّه من الصعوبة بمكان أن يتوقّع الوالدين –دائماً – ما هو أفضل في سلوكات الأبناء، وهذا أمر طبيعي، لأنّ الوالدين حذرين في هذا المجال، ولا سيّما في بعض المواقف الخاصة.

    فقد يكون أحد الأطفال، على سبيل المثال، يحبّ أكل المكسّرات بأنواعها، وبحضور الوالدين أو أحدهما، فتخشى الأم أن يصدر وه يأكل، أصواتاً مزعجة أو يؤذي أسنانه. وقد تكون طفلة لوحدها تلعب في الحديقة العامة، أو في ملعب، وليس معها بعض الرفاق أو الأصدقاء.. فمن حقّ الوالدين أن يقلقا عليها في هذا الوضع، ولكن عليهما في المقابل، أن يكونا على وعي ويتوقّعا حدوث الموقف الأفضل بدلاً من الموقف الأسوأ.

   وقد يتساءل بعض الآباء والأمهات: لماذا هذا التصوّر الإيجابي؟ وكيف يمكن ذلك؟ والجواب هو بلا شك، أنّ هناك مواقف إيجابية وأخرى سلبية عند الأبناء، ومن واجب الوالدين والمربّين أن يعملوا على إنهاء المواقف السلبية أو الإقلال منها، مقابل التشجيع على المواقف الإيجابية والإكثار منها. فقد ينزعج الوالدان أو يغضبا من أساليب الأكل عند الطفل، ولكن يجب أن تكون لديهما – في المقابل- القابلية لردود الفعل بالطرق المناسبة، والتي لا تشجّع إثارة الضجّة حول الموقف وتأزّمه.

   إنّ غالبية الآباء والأمهات، إن لم نقل كلّهم، مقتنعون بأن يكون لدى أطفالهم أصدقاء في المستقبل. ولذلك، فإنّه مكن الضروري أن يعمل الوالدان، ومن خلال التدريب، على جعل الطفل يدرك ذاته (يعي ذاته)، ويشعر بأنّه لطيف ومهذّب، ويمكنه أن يفعل أكثر ممّا يفعله الآن. ولكي يحقّق ذلك، ينصح الوالدان بإرساله خارج المنزل وتكليفه ببعض الأعمال، مع تزويده ببعض التوجيهات، كأن يقال له: " انتبه.. كن حذراً وواعياً لما حولك..  ابتعد عن المزاح في الأمور الجدّية.." وهكذا تكون خبرة الوالدين وتجاربهما الحياتية مفيدة للطفل.

 لا شك أنّ إثبات الهوية الشخصيّة بالنسبة للطفل، أمر في غاية الأهميّة يجب التعامل معه بحذر ودراية، ولكنّه، مع ذلك، يجب ألاّ يولّد أي نوع من أنواع الصراع، سواء بين الطفل وذاته، أو بين الوالدين والطفل، ولا سيّما في المسائل البسيطة وغير الهامة.

 فعلى سبيل المثال، قد يتلكأ الطفل في الصباح، وقبل الذهاب إلى المدرسة، فيلجأ الوالدان إلى الضغط عليه لمعرفة فيما إذا كان يتوانى عن قصد، أم أنّه يقنع نفسه بأنّه غير مرتّب بشكل يليق بالمدرسة؟ ولكن ينبغي على الوالدين بدلاّ من ذلك، أن يسألا نفسيهما: " هل تعلّم الطفل، أو بالأحرى علّما الطفل، أن يتّخذ قراراً خاصاً يه؟ هل هو فعلاً يبالي، أو لا يبالي، فيما إذا كانت ثيابه غير مرتّبة، أو تثير الضحك؟ أم أنّه يريد أن يتأخّر هكذا لبضع دقائق ليس إلاّ..؟!

    ومن خلال الإجابة عن هذه التساؤلات، يستطيع الوالدان لأن يحدّدا الموقف المناسب للتصرفّ السليم تجاه سلوك الطفل، وتوقّع التصوّر الأفضل في هذا السلوك، وليس التصوّر الأسوأ، وتعزيز السلوك الأفضل من خلال الممارسة الفعلية مع الطفل، في تقويم سلوكاته.

 

5- مشاهدة العالم من خلال عينيّ الطفل:

   قليلون هم الوالدون الذين يضعون أنفسهم  موضع أطفالهم، وينظرون بمنظار  الأطفال، ويتصوّرون كيف يرى الأطفال الأمور والأشياء من حولهم.. ومن ثمّ يحاول هؤلاء الوالدون التعامل مع الأطفال، استناداً إلى هذه الرؤية.

   إنّ الوالدين اللذين يحققّان هذا التصوّر بحكمة وموضوعية، يستطيعان أن يتواصلا مع الطفل من خلال تحقيق النتائج الطيّبة في التعامل معه، حتى في قضايا التعليم، وذلك وفق الرؤية التربوية الحديثة التي تقول: " يجب النظر إلى التعلّم من وجهة نظر المتعلّم، وليس من وجهة نظر المعلّم.." وهذا ما يلبّي رغبة الطفل وحاجته للتعلّم وتعرّف الأشياء التي تثير اهتماماته، بطريقة أكثر فاعلية. وبما أنّ الأب والأم يمارسان فعلاً تربوياً/ تعليميّاً، فإنّ أخذهما هذه المسألة في الحسبان، أمر مهمّ جدّا وضروري.

    ولكن قد يتساءل بعض الوالدين: لماذا يتوجّب علينا أن نفعل ذلك؟ والجواب ببساطة تامّة هو: إنّ تبنّي وجه نظر الطفل في أمر ما، أو في شيء ما، قد تكون أكثر قوّة وفاعليّة في عملية التواصل بين الطفل ووالديه، حيث يتأكّد من أنّ والديه يقدّران ما يفكّر فيه، وما يشعر به. وغية تحقيق الفائدة الإضافية، ينصح الوالدان (الأب والأم) القيام بمحاولة رؤيّة الأشياء الخاصة بالطفل، بصور فاتنة أحياناً  أو ساحرة.

   ونورد في هذا الصدد، المثال التالي:

   لاحظت إحدى الأمّهات، مرّة بعد مرّة، أنّ ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، كانت تتعلّم كثيراً من التلفاز.. وذات مرّة، وقفت الطفلة وأغلقت التلفاز، فسألتها أمّها عن السبب، فأجابت الطفلة ببراءة تامّة: " أريد أن أكون هناك مع المذيعة الجميلة "

   وفي هذا المثال دليل أكيد على أنّ من واجب الآباء والأمّهات، أن يشاهدوا الأشياء أو يتصوّروها، كما يستحضرها الطفل كومضة جميلة في حياته. ولكن، هل فكّر أحد من الوالدين، أو سأل نفسه ذات مرّة: كم من الوقت يعطي أطفاله في اليوم؟ كم من الوقت يجلس معهم، يداعبهم.. يتحدّث إليهم ويستمع لهم؟ وهو يشركهم مشاعرهم ويشعرهم بأنّه قريب منهم؟! لا شكّ أنّ الإجابة الصادقة تظهر أنّ الجميع مقصّرون في ذلك تجاه أطفالهم.

   وقد يتساءل الوالدون أيضاً: كيف يمكنهم أن ينجزوا هذه الأمور مع أطفالهم؟ والجواب أيضاً بسيط جداً في المثال التالي:

   إذا استيقظت أيّها الأب ذات صباح وجاء طفلك يخبرك عن أمر ما.. عليك ألاّ تتّخذ ردّة الفعل المباشرة، بل افتح ذراعيك لطفلك، احتضنه وضمّه إلى صدرك، واعبث بشعره.. امسك بيديه وارفعه عالياً.. داعبه وتحدّث إليه كما يفعل بعض الآباء الذي يتواصلون مع أطفالهم.. ابتعد عن الوعظ والتعليم المباشر، أو استخدام الشروحات والتفسيرات التي لا نفع لها.. قهقه بصوت مرتفع وقل له بارتياح وبرحابة صدر: " أخبرني أيضاً... أخبرني أكثر فأكثر.." استمع إليه باهتمام وأنت تبدي إعجابك أحياناً أو دهشتك ممّا تسمع منه. وتأكّد من أنّك كلّما وسّعت المجال الذي تتحرّك فيه مع طفلك، أعطيت أهميّة كبيرة للتواصل الصحيح والتفكير السليم بمعاني الكلمات.

   ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ قبلة سريعة على جبهة الطفل، أو (طبطبة) خفيفة ولطيفة على كتفه أو ظهره، بقصد تنبيهه أو الثناء عليه، تجعله يقضي معك وقتاً ممتعاً في اليوم، وإن كان قصيراً، وستكون حتماً، أنت الرابح الأوّل مع تفاصيل أخرى عمّا يراه طفلك أو بما يشعر به.

   إنّ محاولتك أيّها الأب، تطبيق واحدة من هذه الخطوات، ومن خلال التدريب لمدّة أسبوع على الأقلّ، هي على قدر كبير من الأهميّة، حيث تكون نتائجها عادية تماماً أو مضاعفة، وإن كنت قد تواجه صدمة ما في إحدى الخطوات. ولكن يمكنك مع كلّ خطوة صغيرة، أن تكون مستعدّاً للبدء بعمليات التغيير والتطوير الإيجابي في سلوك التعامل بينك وبين طفلك، حيث تستطيع أن تحقّق من خلال هذا التعامل أغراضاً تربوية متعدّدة.


6- قراءة القصص والحكايات للأطفال قبل النوم :

    كلّنا ستذكّر حكايات الجدّات والأمّهات، ونحن صغار نتحلّق ونصغي باستمتاع، حتى أنّنا لم نكن نشعر بانتهاء الحكاية أو القصّة، ونطلب المزيد منها. فالأطفال – بوجه عام – يحبّون القصص والحكايات، حتى وإن كانوا لا يحسنون القراءة، فإنّهم يطلبون من الكبار قراءتها لهم أو حكايتها.

   ولذلك، فإنّ خبراء التربية وعلم نفس الطفل، ينصحون الآباء والأمّهات بأن يقوموا بين الحين والآخر، بقراءة بعض القصص المناسبة للأطفال قبل النوم، وكلّما أمكن ذلك.وتتمّ هذه القراءة بأن يستلقي أحد الوالدين إلى جانب الطفل وهو على سريره، وقبل إطفاء النور، ويبدأ القراءة في أحد كتب قصص الأطفال المحبّبة إلى الطفل.. وقد تكون القراءة لقصة أو أكثر وربّما على شكل حكاية، بحسب طبيعة القصّة وعمر الطفل، ومدى قدرته على التركيز والاستمرار.

   وقد ذكر أحد الآباء في هذا الصدد، أنّه كان في بعض جلساته مع ابنته البالغة من العمر ستّ سنوات، يقرأ لها القصص بسرور ومتعة، حتى أنّ كان يجد نفسه – أحياناً – يستغرق وينساق بعيداً عن القصة الصغيرة. ولكي يضفي الحياة على الأشياء، أو (يؤنسنها) بحيث تتصرّف كالإنسان، فقد كان يقرأ بنبرات مختلفة وبصوت عالٍ. وعلى الرغم من أنّه كان متأكّداً من أنّ ابنته لم تكن تفهم أشياء كثيرة من القصّة، إلاّ أنّها كانت تشدّه كلّ مساء وهي تقول: " اقرأ لي أيضاً يا بابا.."

    ولكن لنتساءل: ما حاجة الأطفال لقراءة القصص هكذا..؟ أمن أجل المتعة والترفيه فحسب؟ أم من أجل أمور أخرى غير ظاهرة؟

    والجواب: أجل..! إنّ الأطفال يحبون القصص  من أجل المتعة والترفيه، ولا شك في ذلك. وقد أثبتت الدراسات التربوية، أنّ الإيقاع والنبرة والتعبير والصوتي والإيمائي، هي من المكوّنات الأساسيّة للقراءة الناجحة والفعّالة، وتقابل التلوينات الصوتية الأخرى في أنواع الحديث، والتي تعمل على تهدئة انفعالات الطفل، وتشعره بالأمن والاطمئنان... إضافة إلى أنّ للقصص  ميزات أخرى، فهي تعلّم الأطفال أموراً كثيرة عن الحياة بطريقة محبّبة إليهم وغير مباشرة.

    وقد أكّد أحد الآباء الذين يقرأون القصص لأطفالهم، أنّه عندما يقرأ لطفله البالغ من العمر خمس سنوات، يستطيع أن يرى علائم السرور والطمأنينة ترتسم على وجه الطفل. وهذا ما كان يسعد الأب ويشجّعه على متابعة القراءة حتى  يداعب  النوم أجفان طفله.

    وتبدي إحدى الأمّهات أيضاً، وجهة نظرها مؤكّدة أهميّة قراءة القصص للأطفال، والتي يمكن أن تتحوّل إلى عادة لديهم يمارسونها بأنفسهم، فتقول: " إنّ ألعاب الفيديو وبرامج التلفاز تنتهي.. أمّا القراءة  فإذا لم تكن إلاّ سعيدة ومطمئنة نتيجة للنشاط المطلوب فيها، فإنّها أيضاً يجب أن تكون طقساً مستمرّاً، إي تتحوّل إلى عادة دائمة. "

إنّ اتباع هذه الطريقة (العادة) مع الأطفال، ليست بالأمر الصعب.. وإذا كان أحد الوالدين يقرأ لطفله أو لأطفاله، أو حاول أن يقرأ، مرّة في الأسبوع، وبشكل دوري، فعليه أن يضاعفها إلى مرّتين أو يطيل مدّة القراءة من (15) دقيقة إلى (20) دقيقة، كلّ ثلاث ليالٍِ أو أربع، ومن ثمّ يمكن أن يوضع جدول لقراءة قصّة أو حكاية بصورة  دورية ومستمرّة.

أقراء ايضأ :الاثار التربوية ومستقبل الابناء 3


 7- برنامج الأسرة اليومي أو الأسبوعي:

  ثمّة أمور عائلية مسلّم بها في إطار الطقوس المألوفة، ومنها أنّ الوالدين يؤمّنون للأطفال  مستلزمات المتعة والاستمتاع، والأمن والاطمئنان، ولا سيّما في أوقات الراحة والعطل الأسبوعية. فالأطفال الصغار يشعرون السعادة إذا ما عرفوا أنّ يوم عطلتهم سيبدأ بنزهة، أو بقضاء وقت في الملعب، أو بأي نشاط آخر يحبّونه، وينتهي متبوعاً بطعام الغداء، ومن ثمّ يأتي وقت القيلولة بعد قراءة في قصّة أو في كتاب.

   إنّ الأطفال في سنّ المدرسة، يتطلعون أيضاً، إلى النشاطات العائلية المشتركة، كتناول طعام العشاء معاً، أو قضاء عطلة نهاية الأسبوع مع الأهل والأصدقاء.. وهذا النظام اليومي يزيد من قدرة الطفل على الضبط الذاتي، الذي يزيد بدوره من اطمئنانه واستقراره النفسي. كما تزيد هذه التقاليد من التقارب الذي يربط بين الأجيال (الكبيرة والصغيرة)، ويرسّخ العديد من الذكريات الخاصة ضمن العائلة.

   ثمّة أسر، وإن كانت النسبة متفاوتة فيما بينها، تضع لنفسها برنامجاً أسبوعيّاً أو شهريّاً، فيما يتعلّق بالطعام يثبّت في لوحة المطبخ، أو الزيارات والنزهات، أو اقتناء أشياء جديدة، يثبّت على لوحة في غرفة الجلوس. ولكن غالباً ما يكون البرنامج اليومي مزدحماً بالنشاطات الروتينيّة المتشابكة، التي تأخذ طابعاً زخرفيّاً، بدلاّ من أن تكون إجراءات وصفيّة / عملية، للتخلّص من بعض الضغوطات الجسديّة والانفعالية.

   إنّ إيجاد نشاط عائلي مشترك واحد، على الأقل، في الأسبوع، وبأسلوب حيويّ، من شأنه أن يخلق حالة من القدرة النوعيّة لتحديد حياة الأسرة، ولا سيّما بالنسبة للأطفال. لكن معظم الأسر، في الواقع، لا تضع جدولاً لتنظيم برامجها الأسبوعيّة أو الشهرية، وإن وُضِع مثل هذا البرنامج، فإنّه غالباً ما يكون مختصراً جدّاً أو فضفاضاً، من دون تنسيق يتوافق مع الواقع الأسري من جهة، ومع حاجات الأطفال واهتماماتهم من جهة أخرى.

    ولذلك، فإنّه لمن المفيد جدّاً أن يعمد الوالدان إلى إيجاد نشاط أو نشاطين في الأسبوع، يتّسمان باللهو والترفيه، وربّما أكثر من ذلك، بما يحقّق نوعاً من العدالة بين الأطفال الهادئين والأقلّ حركة، وبين الذين يتمتّعون بنشاط حركي زائد، ولديهم إمكانية قضاء ساعات من الوقت في نشاط معيّن.

     وإذا كان هذا البرنامج ضروري للأطفال،فإنّه أكثر ضرورة  للأم، باعتبارها المنسّقة الأولى لهذه النشاطات، أن تعرف المثل الدارج الذي يقول: " إذا لم تكن الأم سعيدة، فلا أحد في الأسرة سعيد.." وهذا يعني أنّ إجهاد الأم وحرمانها من النوم بصورة مستمرّة، أو عزلتها في البيت وإهمالها ذاتها،  يجعل نفسيّتها ضعيفة الحيوية، وعاطفتها خامدة وعديمة الفاعلية، وهذا كلّه ينعكس سلباً على الأجواء الانفعالية والاجتماعية في الأسرة.

   ولذلك، تنصح الأم في هذه الحال، أن تعطي نفسها فرصة للراحة والترويح، تحدّد من خلالها تطلّعاتها للحياة وتفاؤلها بالمستقبل الأفضل، إضافة إلى شعورها بالطاقة والنشاط. فتقوم بزيارة صديقة لها، على سبيل المثال، أو تذهب إلى المسرح أو السينما إن أمكن، أو تمارس أيّ نشاط يمكنها القيام به خارج المنزل، لكي تجدّد حياتها اليوميّة، الخاصّة والأسرية.

    وهذه الأمور كلّها مدعاة لكلّ أمّ أن تتساءل عمّا تحتاجه، وعمّا يمكن أن تقوم به، وعن المساعدة التي تقبلها من الآخرين في هذا المجال.!!

   هناك قصّة عن امرأة فقدت والدتها التي كانت تساعدها في تربية أبنائها، لكن لحسن حظّها صارت حماتها بمنزلة والدتها الثانية، فصارت تساعدها في تنشئة الأطفال وصون حياتها الأسرية , ولم تكن الأم تستطيع القيام بمهامها الأسرية لولا هذه المساعدة.. وهذا ما كانت تعترف به وتؤكّده  أمام الناس، بينما كانت حماتها تبتسم وتعترف بحياء: " كلّ منّ يحتاج إلى أحد ما لكي يستطيع القيام بأعمال هامّة.."

    وتتابع الأم: "عندما كنت وزوجي نتحمّل معاً مسؤوليّة العناية بخمسة أطفال، كنّا في الواقع، نستعين في كلّ خطوة بخبرات الجدّات ومساعدة العمّات والخالات، وأيضاً بالجيران والأصدقاء. وكنّا نتمتّع  بالسهرات والنزهات  في أثناء العطلات الأسبوعيّة، لأنّنا كنّا نطلب، أحياناً، من أحد هؤلاء الموافقة على أن يبقى مع الأطفال في أثناء غيابنا عنهم، وبالتالي كنّا أقدر على العناية بأطفالنا ورعايتهم، لأنّنا كنّا نهتمّ بأنفسنا والترويح عنها.."

    قد يقول بعض الوالدين: إنّ ذلك غير ممكن بالنسبة للكثيرين من الآباء والأمهات، لكنّ الواقع يظهر أنّه ليس بالأمر الصعب إذا ما استطاع الوالدان برمجة أوقاتهما بما يتناسب مع ظروف الأسرة، مع مراعاة حقوق الأطفال. ويتمّ ذلك بوضع برنامج أسبوعي أولاً وتطبيقه، ومن ثمّ مراجعته مراجعة تقويميّة متأنيّة كلّ أسبوع أو أسبوعين.. ولكن قد يتساءل الوالدان: " هل ثمّة علامة بارزة فيما نقوم به؟  هل نبدو وكأنّنا نركض دائماً ونحن قلقون، سواء قام أطفالنا بأعمال مضبوطة أو متهوّرة، أو عندما نقوم بعمل خاص يتّسم بالجدّة والالتزام؟!

   ويمكن للوالدين، في إطار هذه التساؤلات، أن يحدّدوا نقطة القلق أو مصدر القلق. وعند ذلك يستطيعان أن يبعدا من البرنامج الأسبوعي، النشاط الذي يسبّب هذا القلق، وينتظرا مدّة أسبوع بعده لرؤية فيما إذا كانت الأسرة تنعم بالهدوء وتشعر بالسعادة.. وهكذا يستطيع الوالدان الاستمرار في خلق الظروف الجديدة لحيوية الأسرة.


 8- الغيرة عند الزوجين :

   تعدّ الغير بوجه عام، صفة من الصفات السلبية لدى الشخص، ذكراً كان أو أنثى، لأنّها تبقي صاحبها في حالة من القلق والوسواس، وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين.وهذه كلّلها من العوامل التي تحول دون توازن الشخصيّة وتصرفها بصورة إيجابية.

    ولذلك، تشكّل ظاهرة الغيرة عند الزوجين أو عند أحدهما، كابوساً نفسيّاً / عاطفياً يرخي بثقله عليهما، ويقوّض بعض مقوّمات الشخصيّة الذاتية لكلّ منهما، ومن ثمّ المقوّمات الأسرية، بدلاً من تقوية روابط المحبّة والمودّة والثقة المتبادلة بين الزوجين أولاً، وبين أفراد الأسرة ثانياً.

   ثمّة زوجة تظهر غيرتها على زوجها إلى حدّ القلق والوسواس المَرَضي، بحجّة أنّها تحبّه إلى درجة الجنون ولا تريد أن يكون ملكاً إلاّ لها، ولا يشاركها أحد في حبّه.. فتراها تنتظر عودته إلى البيت بفارغ الصبر، تحسب الدقائق وتعدّ الثواني.. ولم يكد يدخل المنزل حتى تمطره بوابل من الأسئلة المثيرة، التي تصل به إلى حدّ الاستفزاز.." لماذا تأخّرت؟ ماذا كنت تفعل؟ مع من تكلّمت؟ وماذا قلت..؟ " وغير ذلك من الأسئلة المتعبة والمرهقة، والتي لا تجد إجابات لها إلاّ في تعبيرات وجه زوجها من دون أن يبوح بأية كلمة. وقد يطفح الكيل – كما يقال – ويضيق الزوج ذرعاً من هذه الأسئلة المتكرّرة، فينفجر في وجه زوجته غاضباً وناهراً ومؤنّباً، فتتعقّد المسألة شيئاً فشيئاً.

   وثمّة زوج – في المقابل – يعبّر عن غيرته على زوجته بوسائل متعدّدة، وبصورة خانقة تصل به إلى حالة مَرَضيّة من الشكّ والريبة في تصرّفاتها.. فتراه يحسب عليها كلّ كبيرة أو صغيرة، حتّى عندما ترتّب نفسها أمام المرآة، حيث يبادرها بمجموعة من الأسئلة المحرجة: "  إلى أين ستخرجين؟ ومع من ستلتقين؟ وهل يستدعي ذلك هذه البهرجة كلّها؟ وهل من الضروري أن تخرجي الآن؟ "

   وكذلك الأمر عندما تتأخّر قليلاّ في العودة إلى البيت، ولسبب أو لآخر، فيعود إلى إغراقها بسيل من الأسئلة الاستفزازية، التي لا طعم لها سوى الإحراج وزعزعة الثقة بينهما وانعدام الاحترام، بينما تقف الزوجة هادئة تحاول الإجابة عن هذه التساؤلات، والتخفيف من ثورة الزوج وشكوكه، فتصل إلى درجة تشعر فيها بالاختناق وكأنّها تعيش في سجن (أسريّ) مزخرف، والسجّان هو ذلك الشخص الذي أحبّته وضحّت من أجله... وها هو الآن يقابلها بهذا الحبّ الأهوج الذي يؤدّي، في حال استمرّ بغيرته العمياء، إلى هدم حياتهما الزوجية والقضاء على أحلامهما الأسرية.

 لا شكّ أنّ العاطفة المفرطة في الحساسيّة، وغير المعقلنة، تؤدّي بالضرورة إلى الغيرة القاتلة، ولا سيّما بين الزوجين، وينجم عنها، في حال استسلما لها،نتائج سلبية تهدم العلاقة الإنسانية المقدّسة فيما بينهما، حيث تغتال الكثير من الأشياء الجميلة في حياتهما، وتخنق عاطفة الحبّ النقي بينهما. وبدلاّ من عاطفة الحبّ إحساساً دافئاً وجميلاً، وحافزاً للتفاهم والتعاون من أجل بناء المستقبل المشترك، يصبح حالة نفسيّة / عصبيّة ضاغطة على الشريكين (الزوجين)، ومعاناة قاسية قد تكون نتائجها، الفشل في التكيّف الذاتي أولاً، والفشل في التكيّف الأسري والاجتماعي ثانياً، وبالتالي الانفصال عن الحياة الزوجيّة وتهديم البناء الأسري.


 9-  الثقافـة الزوجية :

 تعدّ قضيّة الإعداد للزواج وللحياة الأسرية، من القضايا التربوية الهامة في بعديها (النفسي والاجتماعي)، لما لها من دور فاعل في الحياة الشبابيّة أولاً وفي الحياة الأسرية ثانياً. ولكن على الرغم من هذه الأهميّة، فما زالت هذه القضيّة مهملة، إلى حدّ بعيد، سواء في البيت أو في المؤسّسات التربوية الأخرى، ولأسباب لا مبرّر لها.

   إنّ عمليّة إعداد الأفراد / الشباب للزواج وبناء الأسرة السليمة والسعيدة، عبر قنوات مكثّفة من التثقيف التربوي والنفسي والجنسي، وما يتضمّنه من العلاقات الزوجيّة والأسرية المتوازنة والمتكافئة، لا تقلّ في أهميتها عن الإعداد للعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعيّة والإنتاجية لكلا الجنسين (الذكور والإناث)، بدءاً من الأسرة وانتهاء بأعلى مؤسّسة تربوية، حتى مرحلة سنّ البلوغ والشباب، وربّما إلى ما بعد هذه المرحلة.

    إنّ تكوين العلاقات الزوجيّة السليمة التي تسهم في الوصول إلى كمال الحياة الإنسانية واستمرارية الجنس البشري، لا ينفصل عن تكوين الجوانب الأخرى  التي تسهم في إعداد الشخصيّة الإنسانية القادرة على الحياة والتفاعل الاجتماعي البنّاء، استناداً إلى معطيات الحبّ والتعاطف الجنسي / الإنساني.

    وكما يقول المربّي الكبير/ أنطون مكارينكو / " إنّ الحبّ البشري لا يمكن أن ينطلق هكذا ووببساطة، من أسس الشهوة الجنسيّة البسيطة..فقوى الحبّ يمكن أن توجد أيضاً في تجربة التعاطف البشري اللاجنسي، لأنّ الإنسان / الشاب لا يمكن أن يحبّ خطيبته أو زوجته، ما لم يحبّ أهله أولاً، ورفاقه وأصدقاءه ثانياً. وكلّما كان مجال الحبّ اللاجنسي أكثر اتساعاً، كان مجال الحبّ الجنسي أكثر خيراً.."

    واستناداً إلى ذلك، يمكن القول: إنّ مهمّة التثقيف الزوجي أو التربية الزوجية، ليست من أجل حماية الأفراد (الشباب والفتيات) من التعاطي الجنسي غير السليم فحسب، بل تكمن في تعلمهم كيفيّة التحكّم بهذا الجانب المهمّ في حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة. فلا يكفي أن يعرف المراهقون / الشباب طبيعة الجنس البيولوجية، بل ينبغي أن تكون لديهم تصوّرات واضحة عن الجوانب الاجتماعية والنفسيّة للمسألة الجنسيّة في إطار الحياة الزوجيّة / الأسرية.

   ثمّة دراسات وأبحاث كثير، طبيّة وتربوية واجتماعيّة، أشارت إلى أنّ قسماً كبيراً من الفتيان والفتيات، يجهل أموراً كثيرة عن الحياة الزوجيّة، ولا سيّما أمور الجنس وشروط الحمل والعناية بالوليد، والمبادىء الأساسية لبناء الأسرة السعيدة، وغير ذلك من الأمور التي يؤدّي الجهل فيها وعدم معرفتها، إلى فشل أكيد في الحياة الزوجيّة والأسرية.

   قد تأتي الثقافة الزوجيّة من مصادر عديدة ومتنوّع، غير أنّ الأسرة بحكم واقعها الاجتماعي / التربوي، تبقى المصدر الأوّل والمؤثّر في هذه الثقافة بالنسبة للأبناء، الذكور منهم والإناث، لأنّ سلوك الوالدين في أي مجال، يمثّل القدوة، وهو درس عملي / واقعي للأبناء، ولا سيّما إذا ما تمتّع بمصداقيّة فعّالة.

    وهذا يتطلّب من الوالدين والمربّين مخاطبة الشباب والشابات، الذين يبلغون سنّ النضج والرشد، بأسلوب علمي وموضوعي يتّفق مع درجة نضجهم النفسي والاجتماعي، ويشجّعهم على الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية التي تنتظرهم، ويدعوهم إلى  التحلّي بالوعي وتوخّي  الدقّة في الموازنة الجديّة لمشاعرهم في  (الحبّ والإعجاب).. كما يوضّح لهم مسؤوليات الحياة الزوجيّة من جوانبها النفسيّة والتربوية والمادية، وتزويدهم بكلّ ما يلزمهم من ثقافة تسهم في إعدادهم وتأهيلهم لهذه الحياة.

    وإذا كان الأبناء يتلقون الثقافة ببعديها: الفكري والسلوكي، من خلال التربية بالقدوة، فإنّ الآباء والأمّهات مسؤولين بالدرجة الأولى، عن تزويد الأبناء بمقوّمات الثقافة الزوجية، وإيصالها  بصورة سليمة وإيجابية، سواء من خلال علاقة الأب بالأم، أو من خلال التعامل الموضوعي مع الأبناء، بحيث تتأصل لديهم مبادىء هذه الثقافة، ويصعب تغييرها أو تشويهها فيما إذا تعرّضت لبعض الأزمات العاطفية أو الاجتماعية..وذلك انطلاقاً من مقولة: " من شبّ على شيء..شاب عليه.."

 أقراء ايضأ : الاثار التربوية ومستقبل الابناء 2 


 10ـ الأسرار الأسروية:

   يكتسب هذا الموضوع أهميّة خاصة، وغاية في الحساسيّة، كونه يتعلّق بجانب أساسي في بنية الأسرة ووحدتها وتماسكها، ولا سيّما الحياة الأسرية،  باعتبار أنّ الأسرار بصورة عامة، والأسرار الأسروية بصورة خاصة، ذات علاقة متميّزة جدّاً، تندمج فيها الجوانب الروحيّة والنفسيّة والفكرية التي تمنحها، ويجب أن تمنحها، السموّ والقداسة.

    وعلى هذا الأساس، يجب أن تفهم الحياة الزوجيّة، في نطاق الأسرة، على أنّها دائرة مغلقة بكلّ ما فيها من ظروف وعلاقات وأساليب تعامل.. كما أنّ لها أسرارها الخاصة التي لها الحقّ في الحفاظ عليها وعدم البوح بها أمام الآخرين، وإن كانوا  من أقرب الناس  إلى الأسرة. وهذا واجب على الزوجين كما هو حقّ للأسرة، لكي تستمرّ الأسرة في تماسك بنيانها، بعيدة عن تدخّل الآخرين في نظامها وأساليب التعامل بين أفرادها.. وبالتالي عدم الإساءة إلى الأسرة.

    إنّ قيام الزوج أو الزوجة، بنقل ما يدور في الأسرة من أحاديث أو علاقات أو خلافات، مهما كان نوعها ولأية غية كانت، يعدّ إفشاء بأسرار هذه الأسرة وانتهاكاً لحرمتها وإساءة إلى مكانتها الاجتماعية والتربية، كمؤسّسة وكأفراد. وإذا كان من المتّفق عليه، إنّ إفشاء الأسرار، مهما كان نوعها، يعدّ صفة ذميمة اجتماعيّاً وخلُقيّاً، تسيء إلى صاحبها أولاً، وإلى الذين يفشي أسراهم ثانياً، فيمكن أن يسمّى هذا الإفشاء في الوضع الأسري: خيانة بحقّ الواجب الأسري والتربوي.

    وإذا تساءلنا: لماذا يقوم أحد الزوجين بإفشاء أسرار الأسرة أمام الآخرين، والتحدّث عن كلّ ما يدور داخل البيت، ومد دون تقدير للنتائج السلبية المترتّبة على ذلك؟ والجواب، قد يكون في الأسباب المتعلّقة بالمعاملة غير المتكافئة بين الزوجين، أو إهمال أحدهما الآخر.. أو  الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية وما ينجم عنها من خلافات زوجيّة مستمرّة.. وغيرها.

    ويعتقد أحد الزوجين أنّ حديثه أمام الآخرين عن مشكلاته الأسرية، يخفّف من معاناته، أو ربّما يجد حلاّ منهم.. اللهمّ إلاّ إذا كان في نيّته التشهير بالشريك الآخر أو الإساءة إليه، ولأسباب خاصة به. وهنا تكون المشكلة أكبر وأشدّ خطراً على نمستقبل الأسرة.

   ولكن، مهما يكن حجم الخلافات الأسرية  والضغوطات على الأسرة، فإنّ من واجب الزوجين الحفاظ على أسرار العائلة، لأنّها أسرار تخصّهما بالدرجة الأولى، ومن المعيب جدّاً التحدّث بها خارج البيت والبوح بها أمام الناس، ولأي سبب كان، ولا سيّما إذا كان فيها تجريح أو (إساءة) للزوج الآخر. وذلك لأنّ النتيجة في النهاية، ستكون فشل الزوجين في بناء الأسرة، وعدم أداء رسالتهما التربوية والإنسانية. ولا يجني الأبناء من جرّاء ذلك، سوىلا القلق والإحباط وفقدان الثقة بالوالدين. وقد تتولّد لديهم قناعة بأنّ الأسر كلّها على شاكلة أسرنهم، وهذا ما يؤثّر سلباً على مستقبل حياتهم الفردية والأسرية، وينطبق عليهم القول المأثور: " الآباء يأكلون الحصرم.. والأبناء يضرسون.."

     وخلاصة القول: إذا كانت أسس الحياة الزوجيّة أولاً والحياة الأسرية ثانياً، تقومان على التفاهم والتعاون بين الوالدين، وعلى الدفء والحبّ والثقة المتبادلة بينهما وبين الأبناء، فلا يمكن لأحد من أفراد هذه الأسرة أن يخرج عليها، إلاّ إذا فقد فيها الرعاية والاهتمام، وشعر بالحاجة إلى أن يجد نفسه في مكان آخر.. وعلى الوالدين (الزوجين) أن يتذكّرا هذا دائماً.المألوفة، ومنها أنّ الوالدين يؤمّنون للأطفال  مستلزمات المتعة والاستمتاع، والأمن والاطمئنان، ولا سيّما في أوقات الراحة والعطل ا  ثمّة أمور عائلية مسلّم بها في إطار الطقوسلأسبوعية. فالأطفال الصغار يشعرون السعادة إذا ما عرفوا أنّ يوم عطلتهم سيبدأ بنزهة، أو بقضاء وقت في الملعب، أو بأي نشاط آخر يحبّونه، وينتهي متبوعاً بطعام الغداء، ومن ثمّ يأتي وقت القيلولة بعد قراءة في قصّة أو في كتاب.

   إنّ الأطفال في سنّ المدرسة، يتطلعون أيضاً، إلى النشاطات العائلية المشتركة، كتناول طعام العشاء معاً، أو قضاء عطلة نهاية الأسبوع مع الأهل والأصدقاء.. وهذا النظام اليومي يزيد من قدرة الطفل على الضبط الذاتي، الذي يزيد بدوره من اطمئنانه واستقراره النفسي. كما تزيد هذه التقاليد من التقارب الذي يربط بين الأجيال (الكبيرة والصغيرة)، ويرسّخ العديد من الذكريات الخاصة ضمن العائلة.

   ثمّة أسر، وإن كانت النسبة متفاوتة فيما بينها، تضع لنفسها برنامجاً أسبوعيّاً أو شهريّاً، فيما يتعلّق بالطعام يثبّت في لوحة المطبخ، أو الزيارات والنزهات، أو اقتناء أشياء جديدة، يثبّت على لوحة في غرفة الجلوس. ولكن غالباً ما يكون البرنامج اليومي مزدحماً بالنشاطات الروتينيّة المتشابكة، التي تأخذ طابعاً زخرفيّاً، بدلاّ من أن تكون إجراءات وصفيّة / عملية، للتخلّص من بعض الضغوطات الجسديّة والانفعالية.

   إنّ إيجاد نشاط عائلي مشترك واحد، على الأقل، في الأسبوع، وبأسلوب حيويّ، من شأنه أن يخلق حالة من القدرة النوعيّة لتحديد حياة الأسرة، ولا سيّما بالنسبة للأطفال. لكن معظم الأسر، في الواقع، لا تضع جدولاً لتنظيم برامجها الأسبوعيّة أو الشهرية، وإن وُضِع مثل هذا البرنامج، فإنّه غالباً ما يكون مختصراً جدّاً أو فضفاضاً، من دون تنسيق يتوافق مع الواقع الأسري من جهة، ومع حاجات الأطفال واهتماماتهم من جهة أخرى.

    ولذلك، فإنّه لمن المفيد جدّاً أن يعمد الوالدان إلى إيجاد نشاط أو نشاطين في الأسبوع، يتّسمان باللهو والترفيه، وربّما أكثر من ذلك، بما يحقّق نوعاً من العدالة بين الأطفال الهادئين والأقلّ حركة، وبين الذين يتمتّعون بنشاط حركي زائد، ولديهم إمكانية قضاء ساعات من الوقت في نشاط معيّن.

     وإذا كان هذا البرنامج ضروري للأطفال،فإنّه أكثر ضرورة  للأم، باعتبارها المنسّقة الأولى لهذه النشاطات، أن تعرف المثل الدارج الذي يقول: " إذا لم تكن الأم سعيدة، فلا أحد في الأسرة سعيد.." وهذا يعني أنّ إجهاد الأم وحرمانها من النوم بصورة مستمرّة، أو عزلتها في البيت وإهمالها ذاتها،  يجعل نفسيّتها ضعيفة الحيوية، وعاطفتها خامدة وعديمة الفاعلية، وهذا كلّه ينعكس سلباً على الأجواء الانفعالية والاجتماعية في الأسرة.

   ولذلك، تنصح الأم في هذه الحال، أن تعطي نفسها فرصة للراحة والترويح، تحدّد من خلالها تطلّعاتها للحياة وتفاؤلها بالمستقبل الأفضل، إضافة إلى شعورها بالطاقة والنشاط. فتقوم بزيارة صديقة لها، على سبيل المثال، أو تذهب إلى المسرح أو السينما إن أمكن، أو تمارس أيّ نشاط يمكنها القيام به خارج المنزل، لكي تجدّد حياتها اليوميّة، الخاصّة والأسرية.

    وهذه الأمور كلّها مدعاة لكلّ أمّ أن تتساءل عمّا تحتاجه، وعمّا يمكن أن تقوم به، وعن المساعدة التي تقبلها من الآخرين في هذا المجال.!!

   هناك قصّة عن امرأة فقدت والدتها التي كانت تساعدها في تربية أبنائها، لكن لحسن حظّها صارت حماتها بمنزلة والدتها الثانية، فصارت تساعدها في تنشئة الأطفال وصون حياتها الأسرية , ولم تكن الأم تستطيع القيام بمهامها الأسرية لولا هذه المساعدة.. وهذا ما كانت تعترف به وتؤكّده  أمام الناس، بينما كانت حماتها تبتسم وتعترف بحياء: " كلّ منّ يحتاج إلى أحد ما لكي يستطيع القيام بأعمال هامّة.."

    وتتابع الأم: "عندما كنت وزوجي نتحمّل معاً مسؤوليّة العناية بخمسة أطفال، كنّا في الواقع، نستعين في كلّ خطوة بخبرات الجدّات ومساعدة العمّات والخالات، وأيضاً بالجيران والأصدقاء. وكنّا نتمتّع  بالسهرات والنزهات  في أثناء العطلات الأسبوعيّة، لأنّنا كنّا نطلب، أحياناً، من أحد هؤلاء الموافقة على أن يبقى مع الأطفال في أثناء غيابنا عنهم، وبالتالي كنّا أقدر على العناية بأطفالنا ورعايتهم، لأنّنا كنّا نهتمّ بأنفسنا والترويح عنها.."

    قد يقول بعض الوالدين: إنّ ذلك غير ممكن بالنسبة للكثيرين من الآباء والأمهات، لكنّ الواقع يظهر أنّه ليس بالأمر الصعب إذا ما استطاع الوالدان برمجة أوقاتهما بما يتناسب مع ظروف الأسرة، مع مراعاة حقوق الأطفال. ويتمّ ذلك بوضع برنامج أسبوعي أولاً وتطبيقه، ومن ثمّ مراجعته مراجعة تقويميّة متأنيّة كلّ أسبوع أو أسبوعين.. ولكن قد يتساءل الوالدان: " هل ثمّة علامة بارزة فيما نقوم به؟  هل نبدو وكأنّنا نركض دائماً ونحن قلقون، سواء قام أطفالنا بأعمال مضبوطة أو متهوّرة، أو عندما نقوم بعمل خاص يتّسم بالجدّة والالتزام؟!

   ويمكن للوالدين، في إطار هذه التساؤلات، أن يحدّدوا نقطة القلق أو مصدر القلق. وعند ذلك يستطيعان أن يبعدا من البرنامج الأسبوعي، النشاط الذي يسبّب هذا القلق، وينتظرا مدّة أسبوع بعده لرؤية فيما إذا كانت الأسرة تنعم بالهدوء وتشعر بالسعادة.. وهكذا يستطيع الوالدان الاستمرار في خلق الظروف الجديدة لحيوية الأسرة.


11- الغيرة عند الزوجين :

   تعدّ الغير بوجه عام، صفة من الصفات السلبية لدى الشخص، ذكراً كان أو أنثى، لأنّها تبقي صاحبها في حالة من القلق والوسواس، وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين.وهذه كلّلها من العوامل التي تحول دون توازن الشخصيّة وتصرفها بصورة إيجابية.

    ولذلك، تشكّل ظاهرة الغيرة عند الزوجين أو عند أحدهما، كابوساً نفسيّاً / عاطفياً يرخي بثقله عليهما، ويقوّض بعض مقوّمات الشخصيّة الذاتية لكلّ منهما، ومن ثمّ المقوّمات الأسرية، بدلاً من تقوية روابط المحبّة والمودّة والثقة المتبادلة بين الزوجين أولاً، وبين أفراد الأسرة ثانياً.

   ثمّة زوجة تظهر غيرتها على زوجها إلى حدّ القلق والوسواس المَرَضي، بحجّة أنّها تحبّه إلى درجة الجنون ولا تريد أن يكون ملكاً إلاّ لها، ولا يشاركها أحد في حبّه.. فتراها تنتظر عودته إلى البيت بفارغ الصبر، تحسب الدقائق وتعدّ الثواني.. ولم يكد يدخل المنزل حتى تمطره بوابل من الأسئلة المثيرة، التي تصل به إلى حدّ الاستفزاز.." لماذا تأخّرت؟ ماذا كنت تفعل؟ مع من تكلّمت؟ وماذا قلت..؟ " وغير ذلك من الأسئلة المتعبة والمرهقة، والتي لا تجد إجابات لها إلاّ في تعبيرات وجه زوجها من دون أن يبوح بأية كلمة. وقد يطفح الكيل – كما يقال – ويضيق الزوج ذرعاً من هذه الأسئلة المتكرّرة، فينفجر في وجه زوجته غاضباً وناهراً ومؤنّباً، فتتعقّد المسألة شيئاً فشيئاً.

   وثمّة زوج – في المقابل – يعبّر عن غيرته على زوجته بوسائل متعدّدة، وبصورة خانقة تصل به إلى حالة مَرَضيّة من الشكّ والريبة في تصرّفاتها.. فتراه يحسب عليها كلّ كبيرة أو صغيرة، حتّى عندما ترتّب نفسها أمام المرآة، حيث يبادرها بمجموعة من الأسئلة المحرجة: "  إلى أين ستخرجين؟ ومع من ستلتقين؟ وهل يستدعي ذلك هذه البهرجة كلّها؟ وهل من الضروري أن تخرجي الآن؟ "

   وكذلك الأمر عندما تتأخّر قليلاّ في العودة إلى البيت، ولسبب أو لآخر، فيعود إلى إغراقها بسيل من الأسئلة الاستفزازية، التي لا طعم لها سوى الإحراج وزعزعة الثقة بينهما وانعدام الاحترام، بينما تقف الزوجة هادئة تحاول الإجابة عن هذه التساؤلات، والتخفيف من ثورة الزوج وشكوكه، فتصل إلى درجة تشعر فيها بالاختناق وكأنّها تعيش في سجن (أسريّ) مزخرف، والسجّان هو ذلك الشخص الذي أحبّته وضحّت من أجله... وها هو الآن يقابلها بهذا الحبّ الأهوج الذي يؤدّي، في حال استمرّ بغيرته العمياء، إلى هدم حياتهما الزوجية والقضاء على أحلامهما الأسرية.

    لا شكّ أنّ العاطفة المفرطة في الحساسيّة، وغير المعقلنة، تؤدّي بالضرورة إلى الغيرة القاتلة، ولا سيّما بين الزوجين، وينجم عنها، في حال استسلما لها،نتائج سلبية تهدم العلاقة الإنسانية المقدّسة فيما بينهما، حيث تغتال الكثير من الأشياء الجميلة في حياتهما، وتخنق عاطفة الحبّ النقي بينهما. وبدلاّ من عاطفة الحبّ إحساساً دافئاً وجميلاً، وحافزاً للتفاهم والتعاون من أجل بناء المستقبل المشترك، يصبح حالة نفسيّة / عصبيّة ضاغطة على الشريكين (الزوجين)، ومعاناة قاسية قد تكون نتائجها، الفشل في التكيّف الذاتي أولاً، والفشل في التكيّف الأسري والاجتماعي ثانياً، وبالتالي الانفصال عن الحياة الزوجيّة وتهديم البناء الأسري.

أقراء ايضأ : الاثار التربوية ومستقبل الابناء  

 

12-  الثقافـة الزوجيّـة :

   تعدّ قضيّة الإعداد للزواج وللحياة الأسرية، من القضايا التربوية الهامة في بعديها (النفسي والاجتماعي)، لما لها من دور فاعل في الحياة الشبابيّة أولاً وفي الحياة الأسرية ثانياً. ولكن على الرغم من هذه الأهميّة، فما زالت هذه القضيّة مهملة، إلى حدّ بعيد، سواء في البيت أو في المؤسّسات التربوية الأخرى، ولأسباب لا مبرّر لها.

   إنّ عمليّة إعداد الأفراد / الشباب للزواج وبناء الأسرة السليمة والسعيدة، عبر قنوات مكثّفة من التثقيف التربوي والنفسي والجنسي، وما يتضمّنه من العلاقات الزوجيّة والأسرية المتوازنة والمتكافئة، لا تقلّ في أهميتها عن الإعداد للعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعيّة والإنتاجية لكلا الجنسين (الذكور والإناث)، بدءاً من الأسرة وانتهاء بأعلى مؤسّسة تربوية، حتى مرحلة سنّ البلوغ والشباب، وربّما إلى ما بعد هذه المرحلة.

    إنّ تكوين العلاقات الزوجيّة السليمة التي تسهم في الوصول إلى كمال الحياة الإنسانية واستمرارية الجنس البشري، لا ينفصل عن تكوين الجوانب الأخرى  التي تسهم في إعداد الشخصيّة الإنسانية القادرة على الحياة والتفاعل الاجتماعي البنّاء، استناداً إلى معطيات الحبّ والتعاطف الجنسي / الإنساني.

وكما يقول المربّي الكبير/ أنطون مكارينكو / " إنّ الحبّ البشري لا يمكن أن ينطلق هكذا ووببساطة، من أسس الشهوة الجنسيّة البسيطة..فقوى الحبّ يمكن أن توجد أيضاً في تجربة التعاطف البشري اللاجنسي، لأنّ الإنسان / الشاب لا يمكن أن يحبّ خطيبته أو زوجته، ما لم يحبّ أهله أولاً، ورفاقه وأصدقاءه ثانياً. وكلّما كان مجال الحبّ اللاجنسي أكثر اتساعاً، كان مجال الحبّ الجنسي أكثر خيراً.."

 واستناداً إلى ذلك، يمكن القول: إنّ مهمّة التثقيف الزوجي أو التربية الزوجية، ليست من أجل حماية الأفراد (الشباب والفتيات) من التعاطي الجنسي غير السليم فحسب، بل تكمن في تعلمهم كيفيّة التحكّم بهذا الجانب المهمّ في حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة. فلا يكفي أن يعرف المراهقون / الشباب طبيعة الجنس البيولوجية، بل ينبغي أن تكون لديهم تصوّرات واضحة عن الجوانب الاجتماعية والنفسيّة للمسألة الجنسيّة في إطار الحياة الزوجيّة / الأسرية.

   ثمّة دراسات وأبحاث كثير، طبيّة وتربوية واجتماعيّة، أشارت إلى أنّ قسماً كبيراً من الفتيان والفتيات، يجهل أموراً كثيرة عن الحياة الزوجيّة، ولا سيّما أمور الجنس وشروط الحمل والعناية بالوليد، والمبادىء الأساسية لبناء الأسرة السعيدة، وغير ذلك من الأمور التي يؤدّي الجهل فيها وعدم معرفتها، إلى فشل أكيد في الحياة الزوجيّة والأسرية.

   قد تأتي الثقافة الزوجيّة من مصادر عديدة ومتنوّع، غير أنّ الأسرة بحكم واقعها الاجتماعي / التربوي، تبقى المصدر الأوّل والمؤثّر في هذه الثقافة بالنسبة للأبناء، الذكور منهم والإناث، لأنّ سلوك الوالدين في أي مجال، يمثّل القدوة، وهو درس عملي / واقعي للأبناء، ولا سيّما إذا ما تمتّع بمصداقيّة فعّالة.

 وهذا يتطلّب من الوالدين والمربّين مخاطبة الشباب والشابات، الذين يبلغون سنّ النضج والرشد، بأسلوب علمي وموضوعي يتّفق مع درجة نضجهم النفسي والاجتماعي، ويشجّعهم على الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية التي تنتظرهم، ويدعوهم إلى  التحلّي بالوعي وتوخّي  الدقّة في الموازنة الجديّة لمشاعرهم في  (الحبّ والإعجاب).. كما يوضّح لهم مسؤوليات الحياة الزوجيّة من جوانبها النفسيّة والتربوية والمادية، وتزويدهم بكلّ ما يلزمهم من ثقافة تسهم في إعدادهم وتأهيلهم لهذه الحياة.

    وإذا كان الأبناء يتلقون الثقافة ببعديها: الفكري والسلوكي، من خلال التربية بالقدوة، فإنّ الآباء والأمّهات مسؤولين بالدرجة الأولى، عن تزويد الأبناء بمقوّمات الثقافة الزوجية، وإيصالها  بصورة سليمة وإيجابية، سواء من خلال علاقة الأب بالأم، أو من خلال التعامل الموضوعي مع الأبناء، بحيث تتأصل لديهم مبادىء هذه الثقافة، ويصعب تغييرها أو تشويهها فيما إذا تعرّضت لبعض الأزمات العاطفية أو الاجتماعية..وذلك انطلاقاً من مقولة: " من شبّ على شيء..شاب عليه.."


13- الأسرار الأسروية:

   يكتسب هذا الموضوع أهميّة خاصة، وغاية في الحساسيّة، كونه يتعلّق بجانب أساسي في بنية الأسرة ووحدتها وتماسكها، ولا سيّما الحياة الأسرية،  باعتبار أنّ الأسرار بصورة عامة، والأسرار الأسروية بصورة خاصة، ذات علاقة متميّزة جدّاً، تندمج فيها الجوانب الروحيّة والنفسيّة والفكرية التي تمنحها، ويجب أن تمنحها، السموّ والقداسة.

    وعلى هذا الأساس، يجب أن تفهم الحياة الزوجيّة، في نطاق الأسرة، على أنّها دائرة مغلقة بكلّ ما فيها من ظروف وعلاقات وأساليب تعامل.. كما أنّ لها أسرارها الخاصة التي لها الحقّ في الحفاظ عليها وعدم البوح بها أمام الآخرين، وإن كانوا  من أقرب الناس  إلى الأسرة. وهذا واجب على الزوجين كما هو حقّ للأسرة، لكي تستمرّ الأسرة في تماسك بنيانها، بعيدة عن تدخّل الآخرين في نظامها وأساليب التعامل بين أفرادها.. وبالتالي عدم الإساءة إلى الأسرة.

    إنّ قيام الزوج أو الزوجة، بنقل ما يدور في الأسرة من أحاديث أو علاقات أو خلافات، مهما كان نوعها ولأية غية كانت، يعدّ إفشاء بأسرار هذه الأسرة وانتهاكاً لحرمتها وإساءة إلى مكانتها الاجتماعية والتربية، كمؤسّسة وكأفراد. وإذا كان من المتّفق عليه، إنّ إفشاء الأسرار، مهما كان نوعها، يعدّ صفة ذميمة اجتماعيّاً وخلُقيّاً، تسيء إلى صاحبها أولاً، وإلى الذين يفشي أسراهم ثانياً، فيمكن أن يسمّى هذا الإفشاء في الوضع الأسري: خيانة بحقّ الواجب الأسري والتربوي.

    وإذا تساءلنا: لماذا يقوم أحد الزوجين بإفشاء أسرار الأسرة أمام الآخرين، والتحدّث عن كلّ ما يدور داخل البيت، ومد دون تقدير للنتائج السلبية المترتّبة على ذلك؟ والجواب، قد يكون في الأسباب المتعلّقة بالمعاملة غير المتكافئة بين الزوجين، أو إهمال أحدهما الآخر.. أو  الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية وما ينجم عنها من خلافات زوجيّة مستمرّة.. وغيرها.

    ويعتقد أحد الزوجين أنّ حديثه أمام الآخرين عن مشكلاته الأسرية، يخفّف من معاناته، أو ربّما يجد حلاّ منهم.. اللهمّ إلاّ إذا كان في نيّته التشهير بالشريك الآخر أو الإساءة إليه، ولأسباب خاصة به. وهنا تكون المشكلة أكبر وأشدّ خطراً على نمستقبل الأسرة.

   ولكن، مهما يكن حجم الخلافات الأسرية  والضغوطات على الأسرة، فإنّ من واجب الزوجين الحفاظ على أسرار العائلة، لأنّها أسرار تخصّهما بالدرجة الأولى، ومن المعيب جدّاً التحدّث بها خارج البيت والبوح بها أمام الناس، ولأي سبب كان، ولا سيّما إذا كان فيها تجريح أو (إساءة) للزوج الآخر. وذلك لأنّ النتيجة في النهاية، ستكون فشل الزوجين في بناء الأسرة، وعدم أداء رسالتهما التربوية والإنسانية. ولا يجني الأبناء من جرّاء ذلك، سوىلا القلق والإحباط وفقدان الثقة بالوالدين. وقد تتولّد لديهم قناعة بأنّ الأسر كلّها على شاكلة أسرنهم، وهذا ما يؤثّر سلباً على مستقبل حياتهم الفردية والأسرية، وينطبق عليهم القول المأثور: " الآباء يأكلون الحصرم.. والأبناء يضرسون.."

 وخلاصة القول: إذا كانت أسس الحياة الزوجيّة أولاً والحياة الأسرية ثانياً، تقومان على التفاهم والتعاون بين الوالدين، وعلى الدفء والحبّ والثقة المتبادلة بينهما وبين الأبناء، فلا يمكن لأحد من أفراد هذه الأسرة أن يخرج عليها، إلاّ إذا فقد فيها الرعاية والاهتمام، وشعر بالحاجة إلى أن يجد نفسه في مكان آخر.. وعلى الوالدين (الزوجين) أن يتذكّرا هذا دائماً.

أقراء ايضأ:بحث مشكلات الأبناء ومواقف الوالدين 2

تعليقات

  1. سبحان الله والحمدالله والالله الاالله والله اكبر

    ردحذف
  2. سبحان الله والحمدالله والا الله الا الله والله اكبر

    ردحذف

إرسال تعليق

مرحبا بتعليقك عبر عن رائيك شاركنا....

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم التربية الأخلاقية وأهدافها واهميتها طرائقه

  أولاً- مفهوم التربية الأخلاقية وأبعادها  يجمع المربون على أنّ تنمية القيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، جزء أساس من عناصر التربية العامة، وأنّ كلّ تربية تخلو من العناصر الأخلاقية، ما هي إلاّ تربية عديمة الجدوى.  فتربية الشخصية المتكاملة والمتوازنة، لا تتحقّق إلاّ مع التربية الأخلاقية السليمة، باعتبار أنّ الأخلاق إذا ما تأصّلت في ذات الفرد، تصبح قوّة دافعة للسلوك والعمل والتعامل الإيجابي والفعّال.  وانطلاقاً من هذه الأهميّة للأخلاق والقيم والأخلاقية، فقد جهد الباحثون والدارسون، في إعطاء مفهومات للتربية الأخلاقية، من جوانبها المختلفة.  فعرّفت التربية الأخلاقية من حيث تعليم القيم الأخلاقية، بأنّها: التعليم المباشر وغير المباشر للأخلاق بهدف التعرّف إلى قيمة السلوك الخيّر أو الخُلقي، في ذاته من جهة، وبالنسبة للأفراد والمجتمع من جهة أخرى، وتحليل المبادىء التي تتحدّد في ضوئها هذه القيمة أو تلك..  أي أنّ التربية الأخلاقية هي: تعليم المبادىء الأخلاقية وممارستها، أو هي تكوين بصيرة  أخلاقية عند الطفل / الفرد، يمكنه بها التمييز بين سلوكي الخير والشرّ.  ...

العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية

     تمتاز التربية الأسرية بأنّهما عمليّة نفسيّة – اجتماعية، يخضع لها الفرد (الكائن البشري) من ولادته حتى نضجه، حيث يصبح شخصاً اجتماعيّاً كامل الصفات والموجبات اللازمة لعضويته الاجتماعيّة.وتقوم هذه العملية على التفاعل بين الطفل والأسرة، من خلال مجموعة من الروابط والعلاقات التي تنظّم حياة الأسرة، وتحدّد دور كلّ فرد فيها..وثمّة عوامل مؤثّرة في هذه العلاقات، تتمثّل في أوضاع الأسرة: (العاطفية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية)، حيث تتفاعل هذه العوامل فيما بينها، لتشكّل طبيعة النظام الأسري الذي ينعكس بدور على تربية الأبناء وتنشئتهم، بصورة إيجابية أو سلبيّة.     فما   الأوضاع الأسرية التي تؤثّر في التربية الاجتماعيّة؟ وكيف تتعامل معها الأسرة؟      أقراء أيضا :العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية أولاً- الوضع العاطفي للأسرة :         يختلف تأثير الأسرة في النمو الاجتماعي للفرد،   تبعاً لنوع الأسرة   والعلاقة العاطفية التي تربط بين أفرادها، إيجاباً أو سلباً. فعلاقة الطفل بالأب في سنو...

مرطب للبشرة

 المكونات خذي بياض بيض   ملعقة حليب  ملعقة عسل طريقة العمل واخلطيها جيدا وضعيها على الوجه لمدة 15 دقيقة ثم اغسلي وجهك  أقراء ايضا للحصول على شعر أسود لامع  وصفه مضمونه ومجربه لعمل رموش كثيفة  مرطب طبيعي للشفاه  طريقة العناية بالقدمين  وصفة لزيادة الوزن الطبيعي من 5 الى 7 كيلو فى الشهر وصفه مجربه لزياده الصدر مرطب طبيعي  لاطاله الشعر في شهر ونصف  اكليل الجبل لعلاج قشرة الشعر الدهني  وصفه لشد الوجه  وصفه لبشره صافيه و نقيه للحصول على اظافر قويه وصلبه وصفة لتكثيف الشعر  لشعر ناعم كأنه مستشور طريقه عمل زيت مساج في المنزل  مرطب طبيعي للوجه لبشرة كالحرير  طريقة تفتيح  وتنعيم الكوع والركبة تنعيم وتفتيح اليدين  طريقة نفخ الشفاه في المنزل  طريقة عمل ماسك لشد الوجه  ماسك للبشره الدهنيه  فوائد بياض البيض للبشره  توجد العديد من الفوائد التجميلية لبياض البيض منها  أنه يحارب حب الشباب  يصغر المسامات الكبيره   يقوم بالتخلص من الرؤوس السوداء يمنع انتفاخ منطقه حو...