تحدث
العلاقات الاجتماعية ضمن الأسرة تأثيراً مباشراً وعميقاً في شخصية الفرد، حيث يكون
لنمط العلاقة القائمة بين أفراد الأسرة دور أساسي في التماسك الشخصي، والتعاطف وروح التفاهم الاجتماعي. وهنا تبدو أهميّة الأساليب التي تستخدمها الأسرة
في تربية أطفالها وتأهيلهم للحياة الاجتماعية، كي يصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
فالصورة التي ينشأ عليها الكائن الاجتماعي، هي انعكاس للأساليب التربوية التي
تلقاها في التربية الاجتماعية/ الأسرية، وذلك من خلال ضبط هذه البيئة وتوفير
مستلزماتها التربوية، المادية والمعنوية.
فقد تبيّن على نحو عام، أنّ أسلوب التنشئة الذي يتّبعه الوالدون في تربية الأبناء، يؤثّر في تبنّي قيم دون أخرى إذ أنّ ثمّة ارتباطاً بين التوجّه القيمي للأبناء، وتصوّرهم وإدراكهم لأنماط معاملة الوالدين. فالأبناء الذين يتلقّون توجيهات نصائحيّة، يدركون أنّ الآباء أكثر مكافأة وأقلّ عقاباً، ولذلك فهم يميلون إلى عمل ما هو صواب.. أمّا الأبناء الذين يتلقّون توجيهات ناهية، يدركون أنّ الآباء أقلّ مكافأة وأكثر عقاباً، ولذلك فهم يركّزون انتباههم على تجنّب السلوك الخطأ
وسيبحث
هذا الفصل الأساليب التي تتبعها الأسرة في التربية الاجتماعية، لتبيان الآثار الإيجابية والسلبية لكلّ منها،
وانعكاساتها عند الأبناء.
أولاً- الأسلوب الديمقراطي :
التربية هي عملية تفاعل دائمة بين الفرد
والبيئة، والتربية الديمقراطية تتيح للطفل المناخ المثالي للنمو السليم (نفسياً
ًواجتماعياً)، حيث يتمتّع الأسلوب
الديمقراطي بدرجة عالية من التكيّف بين الأهل والأولاد، ويتميّز بتأمين الاحترام
إلى جانب السلطة الخيّرة المبنية على قوانين وقواعد يعرفها الأبناء ويدركون معناها، في إطار النظام
والانضباط، والحفاظ على التفكير الجماعي السليم.
ومن صفات الأسلوب الديمقراطي في التعامل
الأسري، أنّه يعمل على تعزيز روح التعاون بين أفراد الأسرة،حيث يتعلّم الأطفال أنّهم
مطالبون بواجباتهم مقابل حقوقهم، والمشاركة في اتخاذ بعض القرارات، أنّ للأبوين حقوقاً وامتيازات خاصة. وممّا يلاحظ
أنّ الخلافات التي تقع بين أفراد الأسرة التي تطبق هذا الأسلوب الديمقراطي، لا
تدوم طويلاً، لأنّها تعالج بالمناقشة الصريحة والهادئة، وبروح من التعاون والحوار
البنّاء
فقد أثبتت الدراسات الاجتماعية والتربوية أنّ النجاح والتفوق الدراسي، كانا على الدوام من نصيب الأطفال الذين ينتمون إلى أوساط اجتماعية تتميّز بسيادة العلاقات الديمقراطية، لأنّ الحرية تمنح القدرة على التفكير النقدي الفاعل.وهنا يكون للإثابة أثر طيّب يتلقاه الطفل على فعل قام به ويراه مقبولاً، وهو ما يؤدّي إلى تكرار حدوث السلوك الخاص الذي أثيب عليه، أما العقاب فهو طريقة أو وسيلة للإقلال من حدوث السلوك غير المناسب، من أجل ضبط الأطفال وتدريبهم على اكتساب سلوكيات إيجابية مرغوبة ومقبولة ومكافآتهم على ذلك. وعندئذٍ يصبحون أكثر اعتماداً على النفس، يتحلّون بروح المبادرة ويمتازون بالنشاط.. فهم منطلقون اجتماعياً وقادرون على تكوين علاقات ناجحة مع الأقران.
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أنّ
الأسلوب الديمقراطي في التربية الأسرية، يتّسم بما يلي:
1- العلاقات الأسرية تقوم على الدفء والقبول
الوالدي، قولاً وفعلاً في أشكال سلوكية مختلفة، مع مراعاة الفروق الفردية بين
الأبناء.
2- النظام والانضباط والحزم المقترن باللين،
فالنظام ذاتي والتفكير سليم في جميع الأعمال ولكلّ فرد في الأسرة حقوق وواجبات
يعرفها ويلتزم بها الجميع.
3- وضع حدود ثابتة وواضحة فيما يتعلّق بالأشكال
السلوكية المقبولة وغير المقبولة اجتماعياً، وتشجيع الطفل وتحفيزه على الأعمال
التي يقوم بها، من خلال المناقشة الجماعية والإقناع.
4 ـ الجو النفسي الهادىء المهيمن على الأسرة، والعلاقات القائمة بين الأهل والتي تكسب اتجّاهات وقيماً لتشكيل الشخصيّة السويّة في جوّ تشيع فيه الثقة والوفاء والتآلف. فالأسرة التي تحترم فردية الطفل وتدربه على احترام نفسه، تساعده على أن يكون محترماً بين الناس، وتوحي إليه بالثقة في إطار مجتمع ديمقراطي سوي وهذا كلّه يرتبط سلوك الوالدين الإيجابي تجاه الطفل،كرعايته والسعي لمشاركته في بعض مناشطه لتنمية الخصائص الشخصية ضمن الاستقرار النفسي والتكيف الاجتماعي.
أقراء ايضأ : التربية الاجتماعية في الأسرة
أما الآثارالتربوية للأسلوب الديمقراطي، فتتجلّى في الأمور التالية:
- التكيف الإيجابي من خلال توفير الفرص الحسنة
لتكوين العادات الانفعالية والاجتماعية.
- نموّ
التلقائية والاستقلال وتحمّل المسؤولية، حيث إنّ الأبناء يقرّون بأنّ آباءهم
يعطونهم الفرصة للاشتراك في وضع القواعد
التي يسيرون عليها ز فيصبح الطفل أكثر قدرة
على تحمّل المسؤولية في المستقبل، وأكثر قدرة على الضبط الذاتي، إضافة إلى تنمّية قدرات التعاطف وتكوين مفهوم
الذات والضمير.
- الشعور بالأمن والثقة بالنفس والاندماج مع الآخرين والتفاعل معهم. فالطفل المحبوب من والديه يسهل عليه الانتماء إلى الجماعات الأخرى، ودمج قيمه واتجاهاته ومعاييره مع معاييرها وقيمها واتجاهاتها. ،
- يسهم الأسلوب الديمقراطي في بناء شخصيات تتّسم
بقدر عال من الاتزان والبعد عن العصبية والتعصب للرأي الشخصي، وتتمتّع بالثقة العالية
بالنفس والاستقلالية في الفكر
- وأخيراً، يؤدّي هذا الأسلوب إلى السلوك التوافقي، حيث يستطيع الفرد أن يوجّه سلوكه عن وعي وإدراك للتغلّب على العقبات والمشكلات التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته. ويتمّ ذلك عن طريق تعديل الفرد لذاته أو لبيئته فيتحقّق له الانسجام والرضا الذاتي والقبول الاجتماعي، وهذا يخفض من قلقه وتوتّراته وإحباطاته. فالأطفال الذين ينتمون إلى أسر ديمقراطية، هم أكثر ثباتاً من الناحية الانفعالية والاجتماعية، من حيث المنافسة ومراعاة حقوق الآخرين ومشاعرهم وقيمهم، وأكثر إيجابية خارج المنزل في علاقاتهم مع الآخرين، وأكثر اعتماداً على النفس وأقل عدوانية.
أقراء ايضأ : التربية الاجتماعية في الأسرة
ويسمّى أحياناً النموذج الصارم أو (اللاديمقراطي)
الذي يتّسم بالشدة والقسوة في ممارسة السلطة الوالدية في تربية الأبناء، حيث تنقلب
السلطة إلى تسلط من خلال التهديد واستخدام العصا والألفاظ القاسية والنابية أحياناً. ويتّسم أيضاً بالقسرية
وإخضاع الطفل إلى أوامر السلطة الوالدية بالتهديد والتخويف.
والطفل الذي يعتاد الضرب المبرح، هو طفل
ينزع إلى التمرد والعدوانية كوسيلة للتعويض؛ فتراه يخرّب ممتلكات الآخرين ويتلف
حاجاتهم دون إحساس بالذنب.. وهناك من الآباء من يلجأ إلى إثارة الألم كنوع من
أنواع العقاب عن طريق إشعار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكاً غير مرغوب فيه، وقد يكون
عن طريق تحقير الطفل والتقليل من شأنه، ممّا يفقده ثقته بنفسه ويجعله متمرّداً
خوفاً من اللوم والتحقير أو التعنيف.
ويقوم البناء الأسري وكذلك البناء
الاجتماعي المستند إلى هذا الأسلوب على تقديس تسلّط الأب، من خلال السلطة والقسوة،
حيث يكون الأب أو من يمثله في قمة الهرم، هو صاحب الرأي الأوحد، في حين يحتلّ
الطفل قاع هذا النسق.. فالنظام الأسري/
الاجتماعي لا يقبل منطق التغيّر بل الصهر ضمن قوالب جامدة . وقد يكون أحياناً التسلط
والاستبداد ناتجين عن الاهتمام الزائد والحبّ المفرط، حيث يعتقد الوالدان أنّ ذلك في مصلحة الطفل ويضطرانه إلى الخضوع.
إنّ الأسلوب المتسلّط الذي يستخدمه الوالدون في التربية، يحرم الأبناء من تحمّل مسؤولياتهم،
ويحرمهم بالتالي من فرصة إصدار الأحكام واتخاذ القرارات المناسبة. فالتدريب على
المسؤولية لا يتمّ إلا بإعطاء المسؤولية، والأسرة التي تتبع أسلوب التسلّط غالباً تنمّي
لدى الأبناء التواكل وضعف الثقة بالنفس، والخوف من السلطة أو الطاعة العمياء
لأوامرها.
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أنّ
الأسلوب المتسلّط
في التربية الأسرية، يتّسم بما يلي:
1 - إنّه مبنيّ على الطاعة، والخضوع والأمر والنهي، ويعتمد في أحيان كثيرة على
العنف والعقاب الجسدي أو الكلامي:" افعل كذا لأنني قلت ذلك.." وتقتصر
السلطة على جملة أوامر وتعليمات على الولد عليه أن يتقيّد بها، وإلاّ عوقب أشدّ
العقاب. فالسلطة هذه تمثّل إرادة الأهل، ولا تواصل بين الأهل والأولاد
2- يفتقر إلى العلاقات الاجتماعية الطيّبة،سواء
بين أفراد الأسرة أو بين الأسرة والعالم الخارجي، حيث يخضع الطفل إلى قواعد
ومعايير سلوكية صارمة بلا سبب.. وتستخدم لذلك أساليب تأديبية معيّنة، فإمّا نعتمد
التلقين كطريقة لتربية الفرد لكي يكون مطيعاً وسلبياً، تحت دعوى نقل قيم المجتمع،
وإمّا توقع عقوبات نفسية هائلة بهدف إشعاره بالإثم والذنب، من خلال تحقيره أو
تصغيره وإشعاره بالعجز كما في العقاب البدني.
3- حدوث المنازعات
الزوجية والخلافات التي تحدث بين الزوجين، والشجار المستمرّ بين الأخوة، وتبادل
الشتائم وأساليب التهديد والوعيد والضرب المباشر من قبل الوالدين، والأحكام
السلبية والتعسفية التي يصدرها الأبوان، وقيام الآباء بقص القصص المخيفة والمرعبة
التي تؤدي إلى التوتّر والقلق..
وتبقى الآثار بالغة الشدّة في الحرمان لفترة طويلة، ولا سيّما الحرمان من
العطف والحنان حيث يشعر الطفل بالدونية
والعجز، فيقوم بسلوك تعويضي قد يكون معادياً
للمجتمع.
أمّا الآثار التربوية للأسلوب الوالدي المتسلّط، فتتجلّى في الأمور التالية:
إنّ من شأن الأسلوب المتسلّط تفريغ الشخص من
محتواه، واستلاب جوهره الإنساني، وقتل طاقة التفكير المبدع لديه، وحرمانه من هامش
الحريّة الضروري لتفتح شخصيته الإنسانية. ويمكن إجمال الآثار التربوية لهذا الأسلوب بما
يلي:
- إن أطفال الوالدين المتسلّطين أقلّ
استقلالاً وأقلّ قدرة على تحمل المسؤولية، قليلي الثقة، انسحابيين (هروبيين). وأحياناً
يتميزون بتقلّب الانفعالات وصعوبة ضبط الذات وحصول مشكلات سلوكية كالعدوان والعزلة وكبت الجنس والكذب والسرقة، وجذب
الانتباه
-
إنّ لهذا الأسلوب عواقب وخيمة في ثقة الفرد
بنفسه واستقلاليته، حيث يترك رواسب عميقة أقلّها الإحساس بالذنب واحتقار الذات،
لينتقل في المستقبل إلى الغش والتمويه والخداع والسلوك الانتهازي والالتواء في
العلاقات الاجتماعية، والاعتماد على الآخرين وإجهاض الطموحات. مّما يولّد روح الذلّة
والمسكنة والخضوع، واتّباع أسلوب المداهنات
والنفاق كمنافذ تعويضية..وبالتالي تصبح الشخصية مهترئة عاجزة عن إصدار أي قرار، فيقضي الطفل وقته خارج المنزل بحثاً عن
الطمأنينة والأمن..وهذا يخلق لديه ضعفاً
في الانتماء الأسري، وقد ينتهج نهج والديه عندما يكبر عن طريق التقليد والتقمص.
وقد أشارت بعض الدراسات، في هذا الصدد، إلى وجود علاقة وثيقة بين الوضع الاقتصادي للأسرة، واتباع الوالدين
لهذا الأسلوب في معاملة الأبناء.. فقد تبيّن أنّ أمّهات الطبقة الاقتصادية الوسطى
أكثر واقعيّة في التعامل مع أطفالهن، في حين أنّ الأمّهات من الطبقة الاقتصادية العليا،
يملن إلى معاملة أطفالهن بطريقة أكثر دفئاً وتفهّماً وقبولاً، كما أنّهنّ أقلّ
تدخّلاً في شؤون الأبناء. أمّا الأمّهات من الطبقة الاقتصادية الدنيا، فلديهنّ ميل
إلى معاملة أطفالهنّ بالعنف والعقاب الشديد. ومن جهة أخرى، لوحظ أنّ نفوذ الأب في
الطبقة الوسطى يدعو إلى الاطمئنان والأمان، نسبيّا مهما كانت أعمار الأبناء، بينما
يفقد الأب من الطبقة الدنيا سيطرته – غالباً-في التعامل مع ابنه المراهق.
والخلاصة، إنّ الشخصيات الناشئة نتيجة هذا
الأسلوب الوالدي المتسلّط، تعاني من الجوع العاطفي، وعدم وجود روح المبادرة والنقد، وتصبح أكثر احتمالاً للانحراف والعدوانية ضد
المجتمع وتقاليده.
ثالثاً - الأسلوب المتساهل :
يتمثّل
الأسلوب المتساهل في ترك الطفل دون تشجيع من والديه على قيامه بأيّ سلوك مرغوب فيه،
أو دون محاسبة على أيّ سلوك غير مرغوب فيه، ومن دون توجيه إلى ما يجب أن يفعله أو
ما لا يفعله.
قد تسوء العلاقة بين الزوج والزوجة أحياناً فينتج
على ذلك إهمال الأطفال، ولا سيّما في المواقف التي يحتاجون فيها إلى عناية
والديهم. فمثلاً عندما ينجح الطفل ويتفّوق، ولا يرى اهتمام والديه، فيخيب أمله في
والديه ويصاب بالإحباط في ظل أسرة لا تقدّر قيمة الثواب والتشجيع. ويفقد الطفل
إحساسه بمكانته بين أفراد أسرته، كما يفقد الإحساس بحبّهم له وانتمائه إليهم..وقد
ينشأ الأطفال في هذه الأسرة وهم يفتقدون الحساسية الاجتماعية، ويعتدون على حقوق الآخرين،
ويخالفون القواعد ويخرجون عن القانون
وفي المقابل، فإنّ المبالغة في الحريّة إلى
الحدّ الذي يترك فيه الطفل على هواه، يفعل ما يريد كما يشاء كردّ فعل طبيعي على المبالغة
في الصرامة والتهاون، فهذا يؤدّي إلى
الخروج على التقاليد والأعراف القائمة؛ وهكذا يصطدم مثل هذا الطفل بواقع الحياة عندما
يتّصل بالمجتمع الخارجي. فالتساهل في القيم الاجتماعية يودّي إلى غياب التوجيه السليم من الآباء، ويوقع
الأبناء في صراعات متعدّدة ما بين قيمهم وقيم مجتمعهم، وقد ينتهجون سلوكيات يدينها
المجتمع والقانون.
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أن
الآثار التربوية للأسلوب الوالدي المتساهل، تتجلّى في الأمور التالية:
1-لا توجد في هذا الأسلوب قوانين أو قواعد
لتنظيم الحياة الأسرية، فلا مراقبة ولا إشراف. والطفل في مثل هذه الأسرة يستطيع أن
يتّخذ قرارات في عمرٍ لا يزال فيه عاجزاً عن
اتّخاذ أي قرار.. والأهل في مثل هذه الأسر
لا يملكون الثقة الكافية في قدرتهم للتأثير على تصرّفات أولادهم، لأنّ الطرق التي
يسلكونها في تربية الأولاد عشوائية وغير فعّالة.
3- تشير الدراسات إلى أنّ الأولاد الذين ينمون
في هكذا جوّ تربوي يصبحون مطلبيين بشكل
مبالغ فيه، ويعتمدون كثيراً على الآخرين، ويصعب عليهم ضبط انفعالاتهم ويثورون كلّما طُلب منهم أن يقوموا بشيء يتناقض مع
رغباتهم العاطفية
2- تكون المشكلات السلوكيّة لدى الأبناء، كبيرة في المدرسة والأسرة، ويتدنّى التقدير للوالدين نتيجة ضعف الانتماء للأسرة، بينما يبدو الأبناء متقلّبي الرغبات وغير سعيدين، وقلقين يتخبّطون في سلوكهم وتنمو لديهم
النزعة
الأنانيّة وحبّ التملّك..ولا يشعر أيّ منهم بقيمته وأهميته ويفقد الثقة بنفسه. فيخلق
هذا الأسلوب أشخاصاً غير مسؤولين ولا
يحترمون القوانين والأنظمة
ويلاحظ من نتائج هذا الأسلوب، أنّ الأبناء يستبدّون
بوالديهم لأنهّم يتوقّعون منهم تحقيق كلّ طلباتهم بلا معارضة أو تأخير، وتسود
الأسرة عشوائية التصرّف والتفكير بسبب عدم وجود هدف، وتتدنّى الواجبات المنزلية أو تهمل، نتيجة عدم تحمّل
المسؤولية، وتتدنىّ الرغبة في المشاركة الأسرية نتيجة الاعتماد على الآخرين.
ونستطيع القول إنّ مثل هؤلاء الأولاد يتميّزون بدرجة منخفضة جداً من النضج العاطفي
والتكيّف الاجتماعي.
رابعاً- الأسلوب المتسيّب (اللامسؤول) :
تسود
التربية الأسرية وفق هذا النموذج، الفوضى
والإهمال، حيث يعيش جميع أفراد الأسرة كلّ
على هواه، والوالدان لا يكترثان بما يجري. والنظام الأسري هنا يقوم على الحريّة المطلقة، فلا
يمارس الوالدان أيّ نوع من أنواع الضبط
ولا يضعان حدوداً معيّنة أمام تصرّفات الأبناء.
لا شكّ أنّ ترك الطفل دون رعاية أو تشجيع على
السلوك المرغوب فيه وكذلك التغاضي عن تصرّفاته
غير المرغوبة، وعدم محاسبته أو تنبيهه على السلوك الخاطئ، يعني تركه دون أي
توجيه أو مساعدة، إلى ما يجب أن يفعله أو يقوم به أو ما ينبغي عليه أن يتجنّبه. كما أنّ انفصال الطفل عن والديه بسبب الطلاق،وحرمانه
من رعايتهما، يعدّ سبباً لشعوره بالإهمال. فبعد الطفل عن والديه، ولو كان لفترة
قصيرة، كافية لأن تشعره بأنّه مهمل وبالتالي ينتابه الشعور بالقلق. .
وقد يكون حجم الأسرة أو فقرها من الأسباب
الأساسيّة والجوهريّة في إهمال الوالدين للأبناء، لكن يبقى وعي الوالدين وإدراكهما لأدوارهما الأسرية
ووظائفهما التربوية، هو الأساس في التوجيه ضمن جو الحوار الديمقراطي، لتوضيح واقع
الأسرة وقدرتها وإمكانياتها وتسويغ أسباب التقصير، حتى لا يفهم الأبناء أنّ هذا
التقصير إهمال متعمّد لحاجات الأبناء ورغباتهم، فيصابون بخيبة الأمل وضعف
التكيّف ضمن الأسرة وخارجها.
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أنّ
الآثار التربوية للأسلوب الوالدي المتسيّب، تتجلّى في الأمور التالية:
1- عشوائية التصرّف والتفكير لدى الأبناء،
بسبب عدم وجود هدف معيّن، وتدنّي الاهتمام بالواجبات المنزلية، وعدم تحمّل
المسؤولية وعدم تقدير الوالدين، والاعتماد على الآخرين، وضعف رغبة الأبناء في المشاركة
الأسرية، وكثرة وقوعهم في المشكلات السلوكية، في الأسرة والمدرسة. ولذلك فإنّ الأطفال
الذين يمارس على تقلّبي الرغبات وغير سعيدين وقلقين، يتخبّطون في سلوكهم وتنموا لديهم نزعة
الأنانية وحب التملّك
2 - عدم شعور الطفل بقيمته وأهميته، حيث يفقد ثقته بنفسه وتنمو لديه مشاعر الكره والحقد تجاه الوالدين والآخرين. كما تظهر على الطفل أنواع من السلوك المضطّرب كأن يقوم بسلوك يدلّ على كراهية المجتمع والسلطة الوالدية، وعدم رضاه عن الأوضاع التي تحيط به،كما تزداد حدّة العناد والمقاومة، وظهر روح العدوان والرغبة في الانتقام وزيادة الحساسية والإفراط في الشعور بالذنب، والقلق وضعف الانتماء للأسرة وينتج عن ذلك الأسلوب أن يتّصف الطفل بالقسوة والتخريب والسرقة والكذب والانعزالية والشعور بالنقص، وغالباً ما يفقد الطفل جزءاً من الأمن والقدرة على التوافق العام.. فيلجأ إلى الغضب والاعتداء على الآخرين للإرضاء أنانيته لتعويض النقص الذي يشعر به.
خامساً- الأسلوب المذعـن :
يتمثّل
هذا الأسلوب في تشجيع الطفل على تحقيق معظم رغباته الملحّة وغير الملحّة دون تأجيل، ويتضمّن أساليب سلوكية غير
مرغوب فيها اجتماعياً. وقد يتضمّن أيضاً دفاع الأب والأم عن هذه الأنماط السلوكية
غير المرغوب فيها ضدّ أي توجيه أو نقد يصدر إلى الطفل من الخارج، وقد يصل الوالدان
إلى الحماية الزائدة حيث يقوم الوالدان نيابة عن الطفل بالمسؤوليات أو الواجبات
التي يمكنه أن يقوم بها. وهذا ما يفقد الطفل أية فرصة لأن يعتمد على ذاته ويتّخذ
القرارات بنفسه
ومن صفات الأسلوب المذعن أنّ أهواء الأبناء تحكم الأسرة، والتربية الأسرية توجّه من قبل
الأبناء أمّا الوالدون فما عليهم إلاّ الرضوخ الكامل والاستسلام لرغبات الأبناء
ومطالبهم، المباشرة وغير المباشرة، والتي لا تقف عند حدود.
وقد يؤدّي الإعجاب الزائد بالطفل إلى سيطرة
الأسلوب المذعن، ويغرق الوالدان في المبالغة بتقديم الرعاية والاهتمام للأبناء،
حيث تتمّ تلبية رغبات الطفل جميعها، كما
يجبّ ويهوى حتى يصل أحياناً، إلى درجة الإفراط وإن تعارض ذلك مع القيم والمعايير الاجتماعة
وكما أن الإهمال في حمايته ورعايته يولّد مشاعر السخط واللامبالاة والشعور
بالدونية، فإنّ المبالغة في حماية الطفل، والاستجابة لطلباته من دون حساب، يسبب له القلق والإحباط وعدم القدرة على التكيّف
مع البيئة الاجتماعية،حيث تتحرّك الرغبات الفردية السطحيّة، كالاهتمام بالمظهر على
حساب الجوهر..
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أنّ
الآثار التربوية للأسلوب الوالدي المذعن، يتجلّى في الأمور التالية:
1- إنّ علاقات السيطرة والإذعان بين
الآباء والأبناء تمر بمراحل ثلاث، أولها
الصياح والابتسام، حيث يواصل الطفل صياحه عقاباً لوالديه لعدم تنفيذ رغباته،
بينما يقدّم لهما ابتساماته مكافأة على تحقيق
مطالبه. وهكذا يتحكّم الطفل في سلوك
والديه بدلاً من أن يتحكّما في سلوكه. وثانيها، هي مرحلة الأوامر
والنواهي والرغبات، التي يعبّر بها
الآباء للأبناء تعبيراً لفظياً، افعل أو
لا تفعل، خذ كذا واترك كذا..! أمّا في المرحلة الثالثة، فتصاحب التعبير
اللفظي، مسوّغات هذه المطالب، حيث يطلب الآباء من الأبناء أمراً مقروناً بمسوّغاته، ويقوم الطفل بالبرهان على أحقية
رغبته.، وينتج عن ذلك كلّه شعور الطفل بأنّ له مكانه في
المنزل ويقرّر ما يريد على هواه.
2 – قد تتعارض تربية الطفل بهذا الأسلوب مع القيم والمعايير الاجتماعية، حيث تنمو الأنانية والتسيّب والاعتماد الزائد على الآخرين.. وينجم عن هذا عدم القدرة على مجابهة المواقف الحياتية وكذلك العجز عن تعديل الأهداف والحاجات
3- وأخيراً، إنّ الحبّ الزائد أو التدليل المبالغ فيه،من قبل الوالدين للصغير، يشكّل العقبة التي تعرقل حسن قيام الأب والأم بواجباتهما إزاء الطفل، وذلك لأن الإسراف في القلق والخشية على الطفل يقفان حجر عثرة في وجه تعلّمه التصرّف السليم.
ومن المظاهر المرافقة لهذا الأسلوب أن يقوم
الأب أو الأم بكتابة الواجبات المدرسية للطفل، وفي هذه الحالة ينمو بشخصية ضعيفة
خائفة وغير مستقرة، وغالباً ما يسهل استمالتها للفساد. وهنا يظهر تدليل الطفل بشكل واضح، ولا سيّما إذا
كان وحيداً لوالديه، حيث ينال رعاية كبيرة ومركزة إذ تنحصر فيه آمال الأبوين
إنّ نتيجة التدليل وفرط الحماية في الأسلوب
المذعن، هي تكوين شخصية الطفل غير سوية، فهو إذا ما كبر لا يستطيع أن يتحمّل أيّة
مسؤولية يعهد بها إليه، وغالباً ما يكون
غير منضبط في سلوكه أو عمله.ولذلك، فإن التقبّل الوالدي للأطفال دون إذعان يعتبر
أسلوباً سويّاً في التنشئة الاجتماعية، ويترك
آثاراً إيجابية في شخصية الطفل وانتمائه، الأسري والاجتماعي.
سادساً- الأسلوب الرافض :
يتجلّى هذا الأسلوب في رفض أحد الوالدين، أو
كليهما، وجود الطفل، وعدم إظهار أيّ نوع من الحبّ له أو التعاطف معه، أو الاهتمام
به، في أي موقف من المواقف التي يتعرّض لها.. لا بل يلقى الحرمان من تلبية حاجاته
ورغباته، مهما كان نوعها وضرورتها.. ولذلك يسمّى هذا الأسلوب، بأسلوب النبذ، الذي
يلقاه الطفل من والديه.
قد يكون هذا السلوك الوالدي مقبولاً في بعض
الحالات، لإظهار عدم الرضا تجاه بعض التصرّفات غير المألوفة التي يقوم بها
الأبناء.. ولكن سلوك الرفض (النبذ) إذا ما تكرّر باستمرار، فإنّ تأثيره سيكون
كبيراً في نفسيّة الطفل المنبوذ، ولا سيّما في المراحل العمرية الأولى، حيث يكون
الطفل بحاجة ماسّة إلى والديه، ونيل الحبّ منهما والعطف والرعاية والاهتمام
بمشكلاته.
وانطلاقاً من المعطيات السابقة، فإنّ أسلوب الرفض (النبذ) في المعاملة الوالدية يأخذ مظاهر متعدّدة، يمكن إجمالها بما يلي:
1- تهديد الطفل بالطرد من المنزل، أو بالحرمان من
فسحة.. أو بتسليمه إلى رجال الشرطة إذا ما ارتكب ذنباً في محيط الأسرة.
2- إذلال الطفل، بصور مختلفة، كالسخرية واللوم،
والمقارنة بين سلوكه وسلوك أقرانه، والنقد اللاذع بتذكيره بالأخطاء التي ارتكبها
سابقاً، أو إطلاق أسماء أو ألقاب تهكّمية.
3- يضاف إلى ما سبق، تذمّر الوالدين من الطفل
وعدم الرغبة في التحدّث معه، أو مرافقته، والامتناع عن تلبية طلباته.. والتعبير عن
أنّه مصدر قلقهم وإزعاجهم.
لاشكّ أنّ تعامل الوالدين مع الطفل بالرفض
وعدم التقبّل، يشكّل تهديداً خطيراً لنموّه (النفسي والاجتماعي) ولتوازن شخصيّته
الحاليّة والمستقبليّة، لأنّه يقضي على
مشاعر الأمن والاستقرار، ويضعف تقدير الذات، ويراكم بالتالي مشاعر الإحباط والعجز،
والقدرة على التكيّف لإرضاء ذاته وأسرته، فيلجأ إلى التخريب والكذب والتمرّد
والسرقة.
وتأسيساً على ما تقدّم، نجد أنّ ثمّة تأثيرات سلبية لمعاملة الرفض الوالدية مع الأبناء، وتتجلىّ في الجوانب التالية: 1ـ الانعزالية والشعور بالوحدة والاغتراب، والسلبية مع الآخرين والشعور بالضعف والدونية
2- الشعور العدائي تجاه الوالدين والآخرين،
ومحاولة جذب انتباه الآخرين.
3-افتقاد القدرة على المبادرة، وتكوين علاقات عاطفية مع الآخرين. ومن الملاحظ أنّ هذا الأسلوب، يتنافى مع أبسط المستلزمات التربوية، التي يجب أن يتعاطى بها الوالدان في التربية الأسرية.. وممّا يدعو للأسف أنّ ثمّة بعض الآباء والأمّهات يعاملون أبناءهم بطريقة تشعر هؤلاء بأنّهم منبوذون، أو غير مرغوب فيهم.. وقد لا يعي الوالدان هذه التأثيرات الخطيرة على الأبناء، إلاّ بعد فوات الأوان.
أقراء ايضأ : أقــوال تـربـوية 4
سابعاً - الأسلوب المتذبذب :
يشير هذا الأسلوب إلى عدم ثبات الوالدين في
نظام تعاملهما مع الطفل، فقد يعاقبانه على سلوك في وقت ما، وقد لا
يعاقبانه في وقت آخر على السلوك ذاته. وينشأ هذا الأسلوب المتذبذب نتيجة اختلاف
الوالدين في معاييرهما التربوية
والاجتماعية. فقد يكون الأب حنوناً متسامحاً والأم متسلّطة وعنيفة أو العكس، أو يختلف
الوالدان حول إظهار الاستحسان لسلوك ما يقوم به الطفل أو رفضه، أو تركه يصرّف على هواه من دون تدخّل.
إنّ التربية الأسرية (الوالدية)التي تتضّمن
رفضاً أو تفضيلاً في معاملة الأطفال، بقصد أو من دون قصد، تؤذّي الطفل نفسيّاً واجتماعيّاً. فأسرة – على سبيل المثال - رزقت بعدد من الإناث ثم رزقت بذكر، فقد تفضّل الأسرة الذكر بشكل ملحوظ على أخواته.
وقد يميل الوالدان إلى تفضيل طفلهما
الأكثر ذكاءً، وقد يميل الوالدان إلى تفضيل ابنتهم الأكثر جمالاً.. فيشعر الطفل
المُفضّل عليه، في تلك الحالات، بعدم الأمان ويصاب باستياء بالغ من أبويه، ويفقد
ثقته بأسرته وتداهمه حالة الغيرة الشديدة
تجاه أخوته المفضّلين عليه؛ فيميل إلى كراهيتهم والنفور منهم أو إيذائهم. وقد يميل إلى التمرّد
والعصيان والمشاكسة. فالتناقض في المعاملة تربية خاطئة وسبب جوهري في تبنّي الأولاد
لسلوكيات شاذّة
وقد ينشأ عن الأسلوب المتذبذب التكتّل والاستمالة، حيث يستخدم أحد الوالدين، أو كلاهما، الأطفال كسلاح يُشهر في وجه الطرف الآخر بالنقاش أو بالمواقف، وإغداق العطاء على المؤيّدين لكسب رضاهم وحرمان المناقضين لهم.. يضاف إلى ذلك عدم المساواة بين الأطفال/ ذكور، إناث / صغار- كبار / في المعاملة والعطاء والعواطف والرعاية والاهتمام الموجه إليهم، والتفضيل بينهم بناء على نوع الطفل أو سنّه أو ترتيبه. ويكثر هذا الأسلوب في الأسر التي تنجب أكثر من طفلين. وبما أنّ الأطفال شديدو الملاحظة والحساسية تجاه تذبذب المعاملة الوالدية، فإنّ كثيراً من الاضطرابات السلوكية عند الأبناء يكون ناجماً عن التمييز فيما بينهم، وعدم المساواة.
واستناداً إلى المعطيات السابقة، نجد أنّ الآثار التربوية للأسلوب الوالدي المتذبذب، تتجلّى في الأمور التالية:
1- ضعف النضج الذاتي والاجتماعي، حيث يظلّ
الفرد المدلّل في طفولته طفلاً في مراهقته، ويعجز عن الاعتماد على نفسه ويشعر
بالنقص، ويكون تكيّفه الاجتماعي ضعيفاً لأنّ الأهل يهتمون بحاجاته وتحقيق جميع
رغباته، بينما الطفل المنبوذ في طفولته
يثور في مراهقته ويميل إلى المشاجرة والمعاداة والخصومة، ويحاول جذب انتباه
الآخرين. بينما يكون تكيفه الاجتماعي مريضاً بسبب مغالاة الوالدين في رفضه ونقده
وتخويفه وعقابه وإهماله، وتفضيل أحد أخوته
عليه. والأسرة في هذه الحالة تنشئ أطفالاً مرضى
نفسياً واجتماعياً.
2- إنّ الطفل المهمل وغير المُكترَث به أو المنفصل
عن والديه، مهدّد باستمرار بتوقيع العقاب البدني المؤلم عليه، أو التهديد بالطرد
من المنزل، ويكون بالتالي شعوره بالإذلال بصور متعدّدة، منها: النقد والسخرية
واللوم والمقارنة والألقاب وعدم حمايته وعدم الاهتمام بشؤونه ومصالحه..
3- قد يتبنّى الأبناء سلوكيات اجتماعية شاذّة، ويعجزون عن فهم ما يراد منهم وما هو مسموح، نتيجة اهتزاز النظام القيمي في الأسرة وأحياناً يتشكل اعتقاد عند الأبناء أنّ كلّ شيء مسموح وكلّ شيء غير مسموح. فالأم التي تدلّل الطفل والأب الذي يغالي في السيطرة، يتنازعان فيما بينهما ويلغي كلّ منهما أثر الآخر، ويبقى الطفل بينهما ضالاً لا يرى حدوده ولا يعرف مسالكه.
4- يؤدّي هذا الأسلوب إلى اضطرابات نفسية وانفعالية وسلوك عدواني، وغير توافقي مع المجتمع، نتيجة لعدم معرفة الطفل الخطأ والصواب أو التمييز بينهما. وينشأ الطفل على التردّد وعدم القدرة على اتخاذ مواقف أو قرارات حاسمة، وعدم القدرة على التعبير الصحيح عن آرائه ومواقفه.. إضافة إلى كره الطفل لأحد والديه أو لكليهما، بالنظر لوجود حاجز نفسي بينه وبين أحد والديه أو كليهما. ,
والخلاصة، يتّضح من عرض هذه الأساليب التربوية
السابقة، أنّ أشكال المعاملة الوالدية التي تعتمد التسلّط والقسوة والإهمال، أو
الحماية الزائدة، تعدّ من أساليب المعاملة السيّئة (الخاطئة) في التربية الأسرية
والتنشئة الاجتماعية، لأنّها تنتج أفراداً
يفتقدون إلى الثقة بأنفسهم ويشعرون
بالنقص وعدم الاطمئنان، وبالتالي عدم القدرة على التكيّف الاجتماعي، الذي قد يؤدّي
إلى بعض الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية..
أمّا
الأسلوب الديمقراطي، فهو أفضل الأساليب التربوية لبناء منظومة القيم
الاجتماعية، حيث التعاون والحرية والالتزام والحقوق والواجبات، من خلال تزويد الأبناء
بالمعلومات والخبرات، وتعريفهم بالقيم والتدريب على ممارستها من خلال تقديم القدوة
الحسنة، بالتوافق يبن سلوكات الوالدين والأخذ بالقيم الإيجابية، والابتعاد عن
القيم السلبية. فالصورة التي ينشأ عليها الكائن الاجتماعي هي
انعكاس للأساليب التربوية التي تلقاها في التربية الأسرية، فالأسرة السعيدة هي
التي تنتهج المعاملة العادلة والوديّة وتمنح أبناءها المشاعر الوجدانية المتوازنة.
أقراء ايضأ : اسئلة لكلّ منها جواب. وتدور كلّها حول الأساليب التربوية الوالدية
تعليقات
إرسال تعليق
مرحبا بتعليقك عبر عن رائيك شاركنا....