التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأضطراب الانفعالي (القلـق)أحدى عناصر الاضطراب الانفعالى


  يتعرّض النمو الانفعالي / الوجداني، عند بعض الأطفال، كما هي الحال في جوانب النموّ الأخرى، إلى اضطرابات تسبّب بعض الحالات التي تخرج هذا النمو عن الحدود الطبيعيّة، حيث تظهر هذه الحالات في تعبيرات جسدية وحركية وسلوكية، تختلف بصورتها وشدّتها عمّا هو مالوف في الاستجابات العادية، والتي  تظهر في الحالات الوجدانية السوية، كما تنطوي على خبرات شعورية تختلف بطبيعتها عن المشاعر الطبيعيّة.

   لا شكّ أنّ مثل هذه الانحرافات الانفعالية، تلفت انتباه المحيطين بالطفل، ولا سيّما أفراد أسرته ومعلميه إذا كان في سنّ المدرسة، فيشعرون بالقلق تجاهه، ويشاطرونه معاناته، ويقومون باتخاذ مواقف سليمة تساعده في الخروج من المأزق والعودة إلى الحالة الطبيعية.. وربّما يظهرون الانزعاج من تصرّفاته، الأمر الذي يثير مشاعره ويسيء إلى حالته الوجدانية ويزيدها اضطراباً..وهنا تكبر المعاناة ويصبح الوضع الانفعالي / الوجداني عند الطفل، أكثر تعقيداً وصعوبة.

وسنحاول في هذا المقال التعرّف على أحدى عناصرالاضطراب الانفعالي، ودور الأسرة في التعامل معها ومعالجتها.

أقراء ايضأ : أحدى عناصر الاضطراب الانفعالي (الغضب)

القلـق

   يعرّف القلق بوجه عام، بأنّه الشعور بالتوتّر أو الاضطراب، الذي يترافق بالاكتئاب والحزن أو بالضيق وعدم الارتياح، تجاه مشكلات متوّقعة؛ فالطفل قبل سنّ الثالثة- على سبيل المثال- قد يشعر بالقلق حول أذىً جسدي قد يلمّ به،  أو حبّ يفتقده، أو شكّ بعدم القدرة على التعامل مع الأحداث التي يواجهها..

    ويؤّكد علماء النفس، وفي مقدّمتهم / سيجموند فرويد / أنّ القلق يصدر عن الطاقة المكبوتة لدى الطفل، حيث يتحوّل من الموضوع الأصلي إلى موضوعات أخرى بديلة ذات صلة بحياة الطفل اليوميّة؛ فينشأ هيّاباً متردّداً، ضعيف القدرة على اتخاذ القرار تجاه المواقف الحياتية، ويكون بالتالي اتكالياً، منزوياً، منسحباً من الحياة الاجتماعية...ولذلك يعدّ القلق بحدّ ذاته، مدخلاً لكلّ الأمراض النفسية، حتى قيل عنه إنّه المادة الخام لكلّ الأمراض النفسيّة التي تظهر عند الأطفال

   والقلق عند الطفل، يأخذ أشكالاً متنوّعة قد تؤدّي مستقبلاً- فيما لو استمرّت – إلى أن تكون شخصيّة الطفل / الفرد، شخصية عصابية مضطربة، بدلاّ من أن تكون سوية هادئة، قادرة على التعامل مع المواقف المختلفة بوعي وتروٍّ، وبردود أفعال طبيعية. 

1- أسباب القلـق عند الأطفال:

    إذا كان القلق شعوراً بالتوتّر والاضطراب، ناجماً عن طاقة مكبوتة لا يستطيع الطفل أن يظهرها، سواء كان ذلك ضعفاً في شخصيته أوخوفاً من عقاب  متوقّع، فإنّ للقلق أسباب كثيرة من أهمّها:

1/1- فقدان الشعور بالأمن: وينجم ذلك عن الممارسات الوالدية التالية:

2/1عدم الثبات في معاملة الوالدين للطفل، وتقلّب آرائهما حول تصرّفاته وسلوكاته.

2/1- التسيّب والإهمال، ممّا يؤدّي إلى شعور الطفل بعدم الأمن، فتضعف ثقته بنفسه ويزداد قلقه.

3/1- النقد الدائم للطفل، ومقارنته مع الأخوة أو أبناء الأقارب والجيران، الأمر الذي يؤدّي إلى القلق نتيجة الشعور بالنقص والدونية.

4/1-الكمال الزائد الذي يطلبه الوالدان من الطفل، حيث تكون توقّعات الآباء أكبر من قدرة الأبناء على تحقيقها؛ وهذا يطوّر حالة من الاضطراب والتوتّر، نتيجة لعدم قدرة الطفل للوصول إلى مستوى التوقّعات.

5/1-  وهناك الثقة الزائدة بالأبناء، والتي ترتبط بالكمال الذي يطلبه الآباء؛ فالنظرة إلى الصغار وكأنّهم أصبحوا كباراً، وطرح المشكلات والقضايا الاجتماعية والاقتصادية أمامهم، يجعلهم يشعرون – في سنّ مبكرة- بالعبء الكبير وبالمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقهم،. الأمر الذي يثير قلقهم على وضع  لا طاقة لهم به. 

أقراء ايضأ : أحدى عناصرالاضطراب الانفعالي عند الاطفال(الخجل)

2- الشعور بالإحباط والذنب:

   إنّ عدم احترام شخصيات الأبناء وتقدير أعمالهم  وتعزيزهم ومكافأتهم على سلوكاتهم السوية، يولّد  أنواعاً مختلفة من الإحباط قد يصل بعضها إلى حدّ اليأس والفشل.. وفي المقابل، قد يصاب الأطفال بالقلق عندما يشعرون بأنّهم لا يستطيعون تأدية الواجب المطلوب منهم، وأنّهم تصرّفوا بطريقة غير سليمة، ويتوقّعون العقاب عليها.

3- تقليد الوالدين:

   إنّ القلق كغيره من الحالات الانفعالية، هو شعور مكتسب، ولذلك يكون لتصرّفات الوالدين تجاه القضايا الاسرية والحياتية من الأمور الأساسية التي تولّد القلق عند الأبناء..وبما أنّ الوالدين يمثّلان القدوة في نظر الأبناء، فإنّ الأب الذي يعاني من القلق الدائم، لا شكّ أنّ أبناءه أو بعضهم، سيكونوا قلقين أيضاً، بحكم الحياة المشتركة والتقليد والممارسة.

   أمّا علماء النفس فقد حصروا هذه الأسباب  في سببين أساسيين، هما:

1-   الأخطار الموجودة في الحياة الواقعية التي يعيشها الطفل.

2-  توقّع العقاب نتيجة التعبير عن رغبات ممنوعة، كالرغبة الجنسية أو العدوانية.

 ويميل علماء السلوك إلى تأييد السببين السابقين، فهم يرجعون القلق إلى عملية الفهم، ويركّزون على الصراعات بين التوقّعات والاعتقادات، والمواقف والمدركات، والمعلومات والمفاهيم التي تقود إلى التنافر المعرفي في تفكير الطفل وفهمه للأمور والمواقف. ومع ذلك يؤكّد العلماء أنّ السبب الرئيسي للقلق عند الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، هو ولادة طفل جديد يهددّ مركز الطفل الموجود عند أبويه، وخوفه من رفضهما له لإحلال الطفل الجديد مكانه.

  2/2- دور الوالدين في تجنيب الأبناء الإصابة بالقلق:

    يلاحظ من الأسباب المؤديّة للقلق، أنّ معظمها يرتبط بالأسرة والعلاقات الأسرية، ولا سيّما توفير أجواء الأمن والاستقرار وتعزيز الثقة عن الأبناء..فكثير من الشباب يعانون من نظرة الآباء لهم على أنّهم ما زالوا صغاراً، فيحيطونهم بالرعاية الزائدة ويوجّهون سلوكاتهم كما يريدون لهم وكما يرغبون أنفسهم، ويكون الإحباط والألم والقلق  نتيجة لمصادرة  حرية التصرّف، وإعاقة الشعور بتقدير الذات.. 

   إنّ السيطرة الوالدية، والتدخّل المباشر في حياة الأبناء (الأطفال والشباب) يعوّقان النموّ النفسي والاجتماعي عند الأبناء، كما يقلّلان فرص احتكاكهم مع الخبرة المباشرة في الواقع. وهذا يحمّل الوالدين المسؤولية بالدرجة الأولى، والتي تتطلّب منهم القيام بنما يلي: 

1-  توفير متطلبات الأطفال من الرعاية والاهتمام، والمحبة والتقدير، لكي يشعروا بالأمن والاطمئنان، باعتبارهما حجر الزاوية في إبعاد الخوف والقلق عن الأطفال.

2-مساعدة الأطفال على فهم ما يحيط بهم من المشكلات، الخاصة والعامة، والتي تتطلّب منهم حلولاً، وعدم تركهم في حالة من الحيرة والارتباك والإحباط.

3-تشجيع الأطفال على أن يثقوا بأنفسهم، وعلى أن يواجهوا  بعض المواقف الحياتية بشجاعة وواقعية، وعدم الشعور بالضعف وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب.

ولا بدّ من الإشارة أيضاً، إلى أنّه في حال ملاحظة الوالدين أنّ أحد الأبناء يعاني من حالة ما من القلق، وتبدو عليه ملامح التوتّر أو الاكتئاب.. فإنّه من الضروري طلب استشارة نفسيّة من طبيب أو خبير مختصّ لتحديد الحالة وأسبابها، وكيفيّة التعامل معها وعلاجها، قبل أن يستفحل ويزداد القلق حدّة وتعقيداً، ويتحوّل إلى مشكلة يصعب علاجها، وقد ترافق الطفل في حياته المستقبلية.

 أقراء ايضأ :بعض الاضطرابات الانفعالية ( العــدوان - الغيرة والأنانية ) عند الاطفال 

تعليقات

  1. سبحان الله والحمدالله والاالله الاالله والله اكبر والاحول والاقوة الا بالله

    ردحذف

إرسال تعليق

مرحبا بتعليقك عبر عن رائيك شاركنا....

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفهوم التربية الأخلاقية وأهدافها واهميتها طرائقه

  أولاً- مفهوم التربية الأخلاقية وأبعادها  يجمع المربون على أنّ تنمية القيم الأخلاقية في نفوس الناشئة، جزء أساس من عناصر التربية العامة، وأنّ كلّ تربية تخلو من العناصر الأخلاقية، ما هي إلاّ تربية عديمة الجدوى.  فتربية الشخصية المتكاملة والمتوازنة، لا تتحقّق إلاّ مع التربية الأخلاقية السليمة، باعتبار أنّ الأخلاق إذا ما تأصّلت في ذات الفرد، تصبح قوّة دافعة للسلوك والعمل والتعامل الإيجابي والفعّال.  وانطلاقاً من هذه الأهميّة للأخلاق والقيم والأخلاقية، فقد جهد الباحثون والدارسون، في إعطاء مفهومات للتربية الأخلاقية، من جوانبها المختلفة.  فعرّفت التربية الأخلاقية من حيث تعليم القيم الأخلاقية، بأنّها: التعليم المباشر وغير المباشر للأخلاق بهدف التعرّف إلى قيمة السلوك الخيّر أو الخُلقي، في ذاته من جهة، وبالنسبة للأفراد والمجتمع من جهة أخرى، وتحليل المبادىء التي تتحدّد في ضوئها هذه القيمة أو تلك..  أي أنّ التربية الأخلاقية هي: تعليم المبادىء الأخلاقية وممارستها، أو هي تكوين بصيرة  أخلاقية عند الطفل / الفرد، يمكنه بها التمييز بين سلوكي الخير والشرّ.  ...

العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية

     تمتاز التربية الأسرية بأنّهما عمليّة نفسيّة – اجتماعية، يخضع لها الفرد (الكائن البشري) من ولادته حتى نضجه، حيث يصبح شخصاً اجتماعيّاً كامل الصفات والموجبات اللازمة لعضويته الاجتماعيّة.وتقوم هذه العملية على التفاعل بين الطفل والأسرة، من خلال مجموعة من الروابط والعلاقات التي تنظّم حياة الأسرة، وتحدّد دور كلّ فرد فيها..وثمّة عوامل مؤثّرة في هذه العلاقات، تتمثّل في أوضاع الأسرة: (العاطفية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية)، حيث تتفاعل هذه العوامل فيما بينها، لتشكّل طبيعة النظام الأسري الذي ينعكس بدور على تربية الأبناء وتنشئتهم، بصورة إيجابية أو سلبيّة.     فما   الأوضاع الأسرية التي تؤثّر في التربية الاجتماعيّة؟ وكيف تتعامل معها الأسرة؟      أقراء أيضا :العوامل التي تؤثّر في التربية الأسـرية أولاً- الوضع العاطفي للأسرة :         يختلف تأثير الأسرة في النمو الاجتماعي للفرد،   تبعاً لنوع الأسرة   والعلاقة العاطفية التي تربط بين أفرادها، إيجاباً أو سلباً. فعلاقة الطفل بالأب في سنو...

مرطب للبشرة

 المكونات خذي بياض بيض   ملعقة حليب  ملعقة عسل طريقة العمل واخلطيها جيدا وضعيها على الوجه لمدة 15 دقيقة ثم اغسلي وجهك  أقراء ايضا للحصول على شعر أسود لامع  وصفه مضمونه ومجربه لعمل رموش كثيفة  مرطب طبيعي للشفاه  طريقة العناية بالقدمين  وصفة لزيادة الوزن الطبيعي من 5 الى 7 كيلو فى الشهر وصفه مجربه لزياده الصدر مرطب طبيعي  لاطاله الشعر في شهر ونصف  اكليل الجبل لعلاج قشرة الشعر الدهني  وصفه لشد الوجه  وصفه لبشره صافيه و نقيه للحصول على اظافر قويه وصلبه وصفة لتكثيف الشعر  لشعر ناعم كأنه مستشور طريقه عمل زيت مساج في المنزل  مرطب طبيعي للوجه لبشرة كالحرير  طريقة تفتيح  وتنعيم الكوع والركبة تنعيم وتفتيح اليدين  طريقة نفخ الشفاه في المنزل  طريقة عمل ماسك لشد الوجه  ماسك للبشره الدهنيه  فوائد بياض البيض للبشره  توجد العديد من الفوائد التجميلية لبياض البيض منها  أنه يحارب حب الشباب  يصغر المسامات الكبيره   يقوم بالتخلص من الرؤوس السوداء يمنع انتفاخ منطقه حو...